في قطاع غزة
نقيب العمال: الاحتلال يستخدم سلاح الإغلاق كعقاب جماعي لنحو 15 ألف أسرة عمالية
عد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في قطاع غزة سامي العمصي الواقع المعيشي في قطاع غزة، نمط عقابي جماعي لمليوني إنسان، يرفض الاحتلال تغييره ويستمر في جعل الناس يعيشون حياة رمادية بين "الموت والحياة".
وطالب العمصي في تقرير أصدرته نقابات العمال يستعرض واقع العمال الفلسطينيين في قطاع غزة خلال عام 2022، الدول المانحة التي تعهدت بالإعمار بتسريع عجلة الإعمار لإنقاذ الاقتصاد الفلسطيني من الانهيار الكامل والقريب إذا بقي الحال على ما هو عليه.
ودعا العمصي الجهات المختصة في قطاع غزة لتحمل مسؤولياتها تجاه العمال، بالبدء بالتطبيق التدريجي للحد الأدنى للأجور لمنع استغلال العمال، وتعزيز الرقابة على مواقع العمل حول إجراءات السلامة والصحة المهنية.
وطالب مؤسسات حقوق الإنسان بالدفاع عن الصيادين والمزارعين وفضح انتهاكات الاحتلال المستمرة بحقهم في المحافل العربية والدولية.
كما دعا منظمة العمل العربية والدولية ومنظمات بالتدخل وفضح سياسة الاحتلال وإرسال لجان تحقيق وتقصي حقائق بالجرائم المستمرة في مواقع العمل بالداخل المحتل، مشددا على ضرورة أن تتحمل وزارة العمل برام الله لمسؤولياتها تجاه عمال غزة، وأن تكف عن سياسة إدارة الظهر للواقع المعيشي الصعب في القطاع.
وقال، إنه: "ومع انتهاء عام 2022 يتجدد الحديث عن الفصول المؤلمة لمأساة العمال الفلسطينيين وخاصة عمال قطاع غزة وهم يعيشون تحت وطأة الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ستة عشر عاما في أبشع جريمة عقاب جماعي لم يشهد العالم مثلها، إلى جانب حالات الإذلال اليومية لعمال الضفة المحتلة، والاستغلال الممنهج للعاملين في الداخل المحتل، وواقع القطاعات العمالية في غزة، وتدني الأجور، وغياب عملية الإعمار.
وبحسب العمصي، يعيش العمال واقعا مريرًا جراء الحصار، فوصلت أعداد المتعطلين عن العمل إلى أكثر من 250 ألف عامل، وبلغت نسبة البطالة 55%، فيما بلغت نسبة الفقر قرابة 80%، ولا زال الآلاف ينضمون لجيش البطالة كل مرة.
عمال الداخل المحتل
وحول ملف تصاريح عمال غزة في الداخل المحتل، قال العمصي، إن "العمال استبشروا خيرًا، بأن يلتزم الاحتلال بالتفاهمات مع الوسطاء للسماح بإدخال 30 ألف عامل للعمل بالداخل المحتل، وهو ما كان سيعمل على تحسين عجلة الاقتصاد الفلسطيني بتخفيض 10% من نسبة البطالة".
ولفت أن الاحتلال يماطل في تنفيذ التفاهمات فلا يتجاوز عدد حملة التصاريح بين عامل وتاجر عن 15 ألفا و900 تصريح تحت مسمى "احتياجات اقتصادية"، مشيرا إلى أن أكثر من 100 ألف عامل سجلوا للحصول على تصاريح عمل، ما يظهر تعطش العمال للعمل.
وأكد أن الاحتلال استغل هذه الحاجة للعمل، واستخدم سلاح الإغلاق كعقاب جماعي لنحو 15 ألف أسرة عمالية، ولكافة المواطنين في القطاع ولشريحة المرضى التي يحتاجون إلى إجراء عمليات عاجلة في الضفة الغربية والداخل المحتل، خاصة خلال ما يسمى "الأعياد اليهودية".
ووفق العمصي، استغل الاحتلال ملف التصاريح لتحقيق أغراض سياسية، وهذه النوايا انكشفت في كل المرات التي كان أغلق فيها المعبر، فقام بإغلاق حاجز بيت "حانون" لمدة يومين ما بين 23-26 إبريل/ نيسان الماضي.
وأشار إلى أن الاحتلال أغلق الحاجز بعد ذلك لمدة أسبوعين وأعاد فتحه في 14 مايو/ أيار الماضي، حيث تكبد العمال خسائر وصلت إلى 42 مليون شيكل (12 مليون دولار)، وأغلقه 6 أيام خلال تصعيده مع غزة في آب/ أغسطس الماضي.
وجاء العدوان الإسرائيلي الذي شنه الاحتلال في آب/ أغسطس ليعمق من الكارثة الإنسانية ويكمل ثالوث المعاناة والمآسي بحق العمال الفلسطينيين، إضافة لشل الحياة في قطاعات عمالية حيوية، بلغت خسائر عمال غزة الذين يعملون في الداخل المحتل، نحو 18 مليون شيكل (5 ملايين و400 ألف دولار) خلال 6 أيام الإغلاق، فيما بلغت خسائر قطاع الزراعة خلال العدوان نحو مليون دولار. بحسب العمصي
استشهاد 4 عمال
وأفاد أنه خلال العام استشهد أربعة عمال من القطاع خلال عملهم بالداخل المحتل منذ مطلع العام، وعدهم "شهداء لقمة العيش"، وهم العامل عبد العزيز الدغمة (40 عامًا) من سكان عبسان الجديدة في خانيونس جنوب قطاع غزة، توفي بفعل إصابته من قبل جرافة داخل مصنع في ريشون لتسيون جنوب( تل أبيب) في 29 آب/ أغسطس الماضي.
وفي 5 يوليو/ تموز الماضي، استشهد العامل أحمد عياد جراء اعتداء جنود جيش الاحتلال عليه بالضرب المبرح أثناء توجهه للعمل في الداخل المحتل عند فتحة الجدار الفاصل بطولكرم شمال الضفة، رغم حصوله على تصريح للعلاج والعمل، واستشهد العامل محمود سامي خليل عرام (27 عاما) من سكان مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، والذي ارتقى شهيدا في 8 مايو/ أيار في جريمة إسرائيلية بعد أن أطلقت قوات الاحتلال النار عليه أثناء محاولته عبور السياج الفاصل من مدينة طولكرم نحو الداخل المحتل للعمل. كما ورد في التقرير
كذلك استشهد العامل جمال معروف، إثر تعرضه لحادث سير أثناء عمله في الداخل الفلسطيني المحتل في 3 فبراير/ شباط.
واقع العمال بغزة
في قطاع الصيد، كشف عن اعتقال الاحتلال نحو 60 صيادًا منذ بداية العام أفرج عنهم جميعا ولا زال يحتجز 5 صيادين، وصادر 23 قاربًا بينهم 16 قاربًا جرى تدميرها، وأصيب خلال العام نحو 22 صيادًا برصاصة قوات بحرية الاحتلال الإسرائيلي.
وذكر أنه وطوال العام سجلت لجان الرصد لدى نقابات العمال ما متوسطه 30 انتهاكًا شهريًا يتعرض له الصيادون على مدار العام، وهذا تطور خطير، يدلل أن الاحتلال ينتهج سياسة ممنهجة بحق الصيادين.
ونبه العمصي إلى أن الاحتلال يريد جعل مهنة الصيد من المهن الخطرة، وذلك بهدف ضرب الاقتصاد الفلسطيني كون هذا القطاع بالغ الأهمية إذ يشكل 15% من إجمالي الناتج الاقتصادي ويشغل نحو أربعة آلاف صياد، ومئات العمال المرتبطين بالصيد.
كذلك وضع الاحتلال الإسرائيلي قطاع الزراعة الذي يُعد أحد أعمدة الاقتصادي الفلسطيني ويشغل نحو 40 ألف مزارعٍ، على مجهر الاستهداف عبر فترات مختلفة من العام، من خلال تجريف الأراضي المستمر وحرق ورش المبيدات السامة وفتح السدود والعبّارات وقصف الأراضي الزراعية وإطلاق النار اليومي عليهم خلال التوجه إلى أعمالهم. تبعا لكلام العمصي
وبين أن الاحتلال يتعمد استهداف القطاع الزراعي بغزة بعد أن حقق قطاع الزراعة الذي يشكل 25% من الاقتصاد الفلسطيني على مدار الأعوام الماضية اكتفاءً ذاتيًّا، وحافظت الأسعار في السوق المحلي على استقرارها.
وأوضح أن الاحتلال أكمل استهدافه لقطاع الزراعة بمنع تصدير الخضراوات، وأول أمس قام بفتح العبارات والسدود مما أغرقت المناطق الشرقية لقطاع غزة نتج عنها غرق 300 دونم زراعي، في جريمة مكتملة الأركان بهدف القضاء على السلة الغذائية.
القطاعات العمالية
وفي السياق، أوضح أن الأزمات العالمية وارتفاع أسعار الوقود واستمرار الحصار ألقى بظلاله على قطاع النقل العام الذي يشغل 20 ألف سائق، مثنيا، على قرارات وزارة النقل والمواصلات بتنظيم حملات تخفيض أسعار الترخيص بنسبة 50% استجابة لمطالب نقابة "سائقي الأجرة" مما كان له الأثر الكبير في تخفيف معاناة السائقين.
ولفت إلى أن قطاع الإنشاءات الذي كان يشغل 40 ألف عامل يعيش حالة من الشلل، بفعل أزمات اقتصادية مركبّة، بسبب الحصار، والتداعيات السلبية لأزمة كورونا التي تسببت بارتفاع أسعار نقل البضائع والمواد الخام، بالتزامن مع تراجع الإنتاج العالمي، وأخيرا تبعات الأزمة الأوكرانية.
وأشار العمصي إلى أن قطاع الغزل والنسيج يشهد عودة تدريجية للحياة، بعد قرار تعديل رسوم استيراد بعض الأصناف والسلع الواردة للقطاع عبر المعابر التجارية التي لها بديل محلي يتم انتاجه في المصانع داخل غزة، الأمر الذي سيساهم بعودة 20 ألف عامل إلى مصانعهم تدريجيًا.
وذكر أن بفعل الحصار تقلص نشاط مصانع الخياطة في القطاع فلا يتجاوز 20% من قدرتها الإنتاجية الفعلية، وانخفضت أعداد المصانع من 900 إلى 100 مصنع، وتقلصت أعداد العمال إلى 6 آلاف عامل من أصل 35 ألفاً متعطلين منذ فرض الحصار.
في ظل الواقع الصعب في قطاع غزة، لفت العمصي إلى أن مؤشرات سوق العمل في القطاع خلال العامين الماضيين تظهر أن 80% من إجمالي المستخدمين بأجر في القطاع الخاص في قطاع غزة يعملون بأجر شهري لا يتجاوز 700 شيقل، ويبلغ أعدادهم نحو 84 ألف عامل يعملون في مجالات مختلفة.
وأكد أن حوادث إصابات العمل في غزة، تنبه إلى مخاطر واقع وإجراءات السلامة المهنية المتبعة، إذ يلزم قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000م صاحب العمل بتوفير كافة وسائل الصحة المهنية للمحافظة على العمال وتقليل الخسائر المادية والبشرية.
وقال: "لا يمكن تجاهل افتقاد الكثير من مواقع العمل والمنشآت في غزة لإجراءات السلامة المهنية، فنحو 90% من المنشآت العاملة في قطاع غزة تفتقد لعوامل السلامة والصحة المهنية في العمل، أدت لوفاة العشرات وإصابة المئات".
وأضاف: "لا زلنا نرصد انتهاكات مركبة بحق أجور العمال، من بعض المصانع والشركات والمولات ورياض الأطفال، إذ تبلغ ساعة العمل فيها لنحو 2.5 شيكل بدلاً من 8.5 شيكل، ورغم مواردها المالية الكبيرة يبلغ متوسط أجور العمال فيها 600 شيكل".
ولفت إلى أن الاتحاد عقد لقاءات مع الجهات المختصة كافة خلال عام 2022، ونظم ورشات عمل، ولا زال مستمرا في هذا السياق، بالتالي "لا يمكن الصمت على استمرار الواقع الحالي، لأن بعض الشركات والمؤسسات والمصانع الكبيرة واضح أنها تستغل الحصار والظروف كشماعة لأجل خفض رواتب العمال بشكل كبير واقل من مستوى "الحياة الكريمة" رغم أن مدخول تلك الشركات كبير".
وتحدث عن معاناة 120 ألف عامل من الضفة يعملون بالداخل المحتل ويتعرضون للإذلال اليومي على الحواجز الإسرائيلي، ويضاف لسلسلة الانتهاكات الإسرائيلية غياب إجراءات السلامة التي أدت خلال هذا العام لوفاة أكثر من 50 عاملاً.
وأبرق بتحية "إجلال وإكبار للعمال"، وحيَّ صبرهم وصمودهم رغم المآسي والحصار والظروف المعيشية الصعبة التي يعيشونها.