وفق نظام حماية المبلغين والشهود
أمان يعقد جلسة استماع مع هيئة مكافحة الفساد حول مفهوم "الحماية"
عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) جلسة استماع مع هيئة مكافحة الفساد حول مفهوم الحماية وفق نظام حماية المبلغين والشهود، بهدف توضيح آليات تقديم طلبات الحماية وتعريف مفهوم "المخاطر" و"الضرر" المُعتمد في طلبات الحماية، والإجراءات التي يتم اتخاذها قبل وبعد تقديم الطلب، وذلك لإيمان ائتلاف أمان بأهمية رفع وعي المواطنين بموضوع حماية المبلغين والشهود في قضايا الفساد.
استهلت الجلسة بتقديم من المحامي بلال البرغوثي، المستشار القانوني لائتلاف أمان، والذي وضح أن الإبلاغ أحد أهم أدوات والوسائل التي تمكن الأفراد من المشاركة في جهود مكافحة الفساد، ما يستوجب تقديم الحماية المطلوبة للشهود والمبلغين والضحايا، بحسب ما أكدت عليه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وأشار البرغوثي لوجود تطور ملحوظ في الإطار التشريعي، إذ ورد ذكر الحماية في القانون رقم 1 لسنة 2005 من أحكام حماية المبلغين، صدر فيما بعدها نظام لحماية المبلغين، والذي أورد بتفاصيله قنوات الحماية، من حيث شروطها وأدواتها. الا أنه بالرغم من ذلك، هناك بعض الاشكاليات التي تعتري الجانب العملي من حيث التطبيق , والتي تم رصدها من خلال حالات اثارت الرظاي العام، كما استشهد البرغوثي بنتائج استطلاع الرأي العام الذي أجراه أمان خلال العام الحالي، والذي بين ان احد اهم اسباب عزوف المواطنين عن الابلاغ عن الفساد تعود لقناعتهم بعدم وجود حماية كافية للمواطنين المبلغين والشهود على الفساد ولخوفهم من الانتقام.
تساؤلات المواطنين حول توفير "الحماية"
استعرض البرغوثي بدوره أبرز الإشكالات العملية والتطبيقية، بضرورة توضيح آليات تقديم طلبات الحماية وشروطها، والإجراءات التي يتم اتخاذها قبل وبعد تقديم الطلب، وضرورة توضيح مفهوم الخطر والضرر، ناقلا تساؤلات الشارع والمتوجهين الى ائتلاف أمان لطلب الإرشاد والمشورة القانونية، حول اشتراط تقديم الحماية قبل/بعد وقوع الضرر. كما أشار البرغوثي أن بعض الأشخاص الذين تمت الموافقة على طلب حمايتهم، تم اتخاذ إجراء إداري بحقهم، فيما اكتفت الهيئة- حسب ادعائهم- بتوجيه كتاب الى الوزير يطالبوه بإلغاء النقل دون أن ينفذ، ما يثير التساؤل حول إذا ما يتوقف إجراء الحماية على رغبة المسؤول في الالتزام به، كما أثار البرغوثي بدوره الى مفهوم السببية والعلاقة بين الضرر وبين الشكوى. إضافة الى ذلك، تساءل البرغوثي فيما إذا أصدر رئيس الهيئة أية تعليمات لتطبيق نظام حماية المبلغين والشهود، وفقا لما نصت عليه المادة 16 من النظام، مع مدى إمكانية تشجيع الابلاغ عن الفساد، من خلال تعديل الإطار التشريعي (نظام الحماية)، وبأن لا ترتبط الحماية بتقديم طلب، وعما إذا كانت الهيئة قد منحت الصلاحية بتقديم الحماية، بغض النظر عن تقديم طلب الحماية الى الهيئة من عدمه، خاصة بعد أن تتحقق الهيئة من أن الإجراء قد اتخذ بحق المبلغ نتيجة لإبلاغه عن جريمة فساد، وهو الأمر الذي ينسجم مع أهمية التوسع في مفهوم الحماية، خصوصا وإن كان هنالك عدم وعي ومعرفة لدى الجمهور بهذه الاجراءات التي قد تكون معقدة بالنسبة اليهم.
بدورها استعرضت السيدة ولاء عبد الله، رئيس وحدة حماية الشهود والمبلغين في هيئة مكافحة الفساد، نظام حماية الشهود والمبلغين، مشيرة أن التشريع موجود منذ عام 2010، وأن أول طلب حماية تم تقديمه للهيئة كان في عام 2015، ومن ثم صدر قرار من قبل مجلس الوزراء رقم 7 لسنة 2019 والذي يقضي بحماية الشهود والمبلغين.
مفهوم "الحماية" ولمن توفرها هيئة مكافحة الفساد
عرفت عبد الله مفهوم الحماية، بأنه منع وقوع أو إزالة أي ضرر تعرض له طالب الحماية أياً كان نوعه، سواء كان الضرر على المستوى الوظيفي، أم على المستوى الشخصي، أو على المستوى القانوني (الملاحقة الجزائية)، موضحة أن أنواع الحماية التي تقدمها الهيئة مختلفة، ما بين حماية وظيفية، وشخصية، وقانونية، وأوضحت أن هيئة مكافحة الفساد توفرها لطالب الحماية وأقاربه حتى الدرجة الرابعة، إضافة للأشخاص وثيقي الصلة به.
آلية تقديم طلب الحماية
وعرجت عبد الله في عرضها على آلية تقديم طلب حماية، حيث يُقدم طلب الحماية إلى رئيس هيئة مكافحة الفساد، وفقاً للنموذج المعتمد، علما أن طالب الحماية يجوز له التوجه بأي وسيلة ممكنة حتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويفرغ طلبه على إثرها بطلب معتمد يرفع الى رئيس الهيئة، وعلى إثر ذلك، يُصدر رئيس الهيئة قراره بشأن طلب توفير الحماية بناءً على التوصية، ويتم البدء بإجراءات توفير الحماية المقترحة مـن قبل وحدة الحماية في حال القبول، ويبلغ على إثره مقدم الطلب بموجب محضر يوقع عليه ويتعهد بالالتزام بما ورد فيه.
أما بخصوص معززات قرار وحدة الحماية، فتشمل الوثائق التي تقرر وحدة الحماية إرفاقها بالطلب، من حيث المعلومات والأدلة التي تحدد مدى جدية طلب توفير الحماية وارتباطه بإثبات ارتكاب واقعة فساد، وإجراءات الحماية المقترحة والنفقات اللازمة لتنفيذها في حال قبول طلب الحماية.
ما هي شروط منح الحماية؟
وأفادت عبد الله أيضا حول شروط منح الحماية، موضحة أنه يجب أن يكون مقدم الطلب حسن النية (أي اكتساب الصفة المنصوص اليها بالنظام)، وهي النقطة التي أثارت العديد من التحفظات وسط المشاركين في الجلسة، والتي عللوها بوجود حكم مسبق، إذ يكمن الأصل في افتراض حسن النية في جميع المتقدمين الى أن يثبت العكس. إضافة لذلك، يتوجب وجود ضرر فعلي أو محتمل الوقوع، وقيام علاقة سببية بين الضرر الواقع او محتمل الوقوع ويشترط الحضور الى الهيئة وتقديم الشكوى للحصول على الحماية.
خلال العام 2022: توفير الحماية ل 3 حالات ورفض 29 طلب حماية من أصل 32 طلب
وعلى أرض الواقع، أشارت عبد الله الى نسبة الطلبات الخاصة بالحماية خلال العامين الماضيين، مشيرة أن حالات الرفض عالية جدا، ففي عام 2021، رفض 35 طلب حماية من أصل 42 طلب حماية مقدم لهيئة مكافحة الفساد، فيما تم قبول 3 طلبات من أصل 32 طلب حماية، ورفض 29 منها، أحدها تم توفيره بعد تقديم تظلم بخصوصه، كما أشارت عبد الله بوجود تقييم للحماية الممنوحة من قبل وحدة حماية الشهود والمبلغين كل ثلاثة شهور.
التظلم على قرار هيئة مكافحة الفساد برفض الحماية
وجاءت عبد الله على ذكر الآلية التي يستطيع المواطن التقدم بها في حال رفض طلب الحماية، إذ يحق لطالب الحماية التظلم أمام رئيس الهيئة خلال (10) أيام من تاريخ صدور قرار رفض الطلب، ويتم على إثرها البت في التظلم خلال (7) أيام من تاريخ تقديمه، كما يحق لطالب الحماية اللجوء إلى المحكمة المختصة(الإدارية) في حال رفض التظلم.
موازنة الهيئة المخصصة للحماية
أما بخصوص النفقات والمساعدات والتعويض، فبحسب النظام، تتولى الهيئة كافة النفقات المترتبة على الحماية، من مساعدات للمبلغين والشهود، أو دفع تعويضات لطالب الحماية وفق مقتضيات الحالة، وقد يذهب في بعض الحالات الى التأمين على حياة الأشخاص المشمولين بالحماية الشخصية فقط، وذلك من خلال التعاقد مع شركات التأمين.
تعقيبات متعددة
وفي ختام الورشة، وجه المشاركون عددا من الأسئلة والاستفسارات الى الهيئة، خاصة فيما يتعلق بمفهوم "حسن النية" كشرط من شروط الموافقة على طلب الحماية، وعلى كيفية الحماية الوظيفية في بعض العقوبات المبطنة التي يستخدمها المسؤولون كعقوبات انتقامية والتساؤل حول السبب وراء رفض الهيئة للعدد الكبير من طلبات الحماية التي قدمت في الأعوام الأخيرة، إضافة للتساؤل بخصوص القضايا التي أثارت الرأي العام الفلسطيني كقضية الموظفتين في المحكمة الدستورية التي تم فصلهما وملاحقتهما جزائيا على الرغم من تقديمهما لطلبات حماية وظيفية للهيئة.
ويرى ائتلاف أمان أن هناك حاجة للمزيد من جهود رفع الوعي بمفهوم الحماية للمواطنين، وبضرورة استمرار مراجعة النظام بما يخدم حماية الشهود ويزيد من ثقة المواطنين ويحفزهم على الإبلاغ عن الفساد.