العراق: الحياة تعود لطبيعتها بلا بوادر لحل الأزمة السياسية
عادت الحياة الى طبيعتها في العراق اليوم، الأربعاء، بعد مواجهات مسلحة دامية في المنطقة الخضراء في وسط بغداد، لكن لا بوادر بعد لحل الأزمة السياسية المستمرة منذ أكثر من عام.
وخلال المواجهات التي اندلعت في اليومين الماضيين، قُتل 30 شخصا وأصيب حوالى 600 من أنصار زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في المنطقة الخضراء الشديدة التحصين والتي تضمّ مقار الحكومة وبعثات دبلوماسية، بين أنصار الصدر من جهة وعناصر من القوى الأمنية والحشد الشعبي الموالية لإيران من جهة ثانية.
ووقعت الاشتباكات إثر نزول عشرات الآلاف من أنصار الصدر الى الشارع للتعبير عن غضبهم بعد إعلان رجل الدين النافذ "انسحابه النهائي" من الحياة السياسية. واقتحم عدد كبير منهم مقار رسمية في بغداد ومناطق أخرى، أبرزها قصر الحكومة في المنطقة الخضراء، وتواجهوا مع العناصر الأمنية التي اشتبكت معهم.
وتوقفت الاشتباكات بعد تهديد الصدر لأنصاره بأنه لن يعترف بالتيار الصدري إذا استمرت المواجهات، وانسحب أنصاره منها. وفي المقابل، أعلن الجيش رفع حظر التجول، وعادت الاختناقات المرورية اليومية الى شوارع بغداد. كما عادت الأسواق والمحال التجارية للعمل و"استؤنفت امتحانات المدارس"، وفقا لوزارة التربية والتعليم.
ومثّلت المواجهات قمة الخلافات حول الأزمة السياسية التي يمرّ بها العراق، منذ الانتخابات التشريعية في تشرين الأول/أكتوبر 2021. وبسبب الانقسامات الحادة بين الأطراف السياسية، لم يتم تعيين رئيس وزراء جديد ولا تشكيل حكومة بعد الانتخابات. كما فشل البرلمان في انتخاب رئيس جمهورية جديد لبلد يعدّ بين أغنى دول العالم في موارده النفطية، لكنه غارق في أزمات اقتصادية واجتماعية.
ويتفق مقتدى الصدر وأبرز خصومه المنضووين في الإطار التنسيقي - وبينهم رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي - على نقطة واحدة لحل الأزمة، هي الحاجة إلى انتخابات مبكرة جديدة. لكن فيما يصر مقتدى الصدر على حلّ البرلمان أولاً، يريد خصومه تشكيل الحكومة قبل البرلمان.
وقال رئيس الجمهورية، برهم صالح، في خطاب متلفز، مساء أمس، إن "إجراء انتخابات جديدة مُبكرة وفق تفاهمٍ وطني، يُمثل مخرجاً للأزمة الخانقة في البلاد عوضًا من السجال السياسي أو التصادم والتناحر".
ولإجراء انتخابات مبكرة، يجب حلّ البرلمان، الأمر الذي لا يتمّ إلا بتصويت الأغلبية المطلقة لأعضائه، وفقًا للدستور. ويمكن أن يتم ذلك بناءً على طلبٍ ثلث أعضائه، أو طلب رئيس مجلس الوزراء بموافقة رئيس الجمهورية. ولا تملك اي قوة أغلبية واضحة في البرلمان.
وهدّد رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، بعد الأحداث الأخيرة، بالاستقالة في حال استمرار الشلل السياسي الذي يضرب البلاد. ومن الواضح أن الأزمة مستمرة، لعدم توصل الكتلتين الشيعيتين الرئيسيتين الى توافق.
وتمسّك الإطار التنسيقي بمواقفه وجدّد في بيان، أمس، مطالبته بـ"الإسراع بتشكيلِ حكومة خدمة وطنية تتولى المهام الإصلاحية ومحاربة الفساد".
ونشر القيادي صالح محمد العراق، المعروف بقربه من الصدر، تغريدة اليوم عبر حسابه "وزير القائد"، متهجما على الإطار التنسيقي الذي يضم أيضا ممثلين عن فصائل شيعية منضوية في الحشد الشعبي وموالية لإيران. ودعا إيران إلى أن "تكبح جماح بعيرها في العراق والا فلات حين مندم".
ويمثل الإطار التنسيقي الواجهة السياسية للحشد الشعبي الذي يتعرّض ولاءه المطلق لإيران لانتقاات حادة من شريحة واسعة من العراقيين.
ورأى المحلل العراقي، سجاد جياد، أن "الدولة هي الخاسر الأكبر لانها تراقب (فقط) فريقين مسلحين قويين يتقاتلان على السلطة". وكتب "إلى أن يتم إيجاد حلّ مناسب، من الممكن حدوث مزيد من الاحتجاجات والعنف".