الحق والعدالة يدعم موقف نقابة المحامين ويطالب بإلغاء القرارات بقانون
ندد مركز الحق و العدالة اليوم الأربعاء، بإغلاق بعض المحاكم في وجه المحامين الذين يُمارسون احتجاجاً سلمياً وفق القانون، وفي وجه المواطنين، مؤكدا أن ذلك يُشكل انتهاكاً للحق الدستوري للمحامين والمواطنين على حد سواء في الوصول إلى مبدأ العدالة وسيادة القانون ومساساً باستقلالية وحياد القضاء.
وقال المركز في بيانٍ وصل "راية" نسخة عنه: "يتابع مركز الحق و العدالة بمجلس إدارته و أعضاؤه عن كثب موقف مجلس نقابة المحامين الفلسطينيين، والفعاليات الاحتجاجية السلمية المشروعة وفق القانون الأساسي الفلسطيني و التي تقوم بها بتأييد من الهيئة العامة، إنطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية و القانونية المؤكد عليه في قانون ممارسة مهنة المحاماة النظامية رقم (3) لسنة 1999 وتعديلاته بتكريس مبدأ سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والمحافظة على رسالة مهنة المحاماة السامية، والتي تُطالب بوقف نفاذ القرارات بقوانين الماسة بالشأن القضائي وإلغاء آثارها دفاعاً عن سيادة القانون واستقلال القضاء والحقوق والحريات العامة، و يؤكد "مركز الحق والعدالة " تأييده لمطالب نقابة المحامين المشروعة والمنسجمة مع القانون الأساسي الفلسطيني والمعايير الدولية لحقوق الإنسان".
واستنكر صدور قرارات بقانون والتي صدرت بتاريخ 12 آذار/مارس 2022 م و الماسة بالشأن القضائي والمتمثلة في القرار بقانون المعدِّل لقانون الإجراءات الجزائية؛ والقرار بقانون المعدِّل لقانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية؛ والقرار بقانون المعدِّل لقانون البينات في المواد المدنية والتجارية، والقرار بقانون المعدِّل لقانون تشكيل المحاكم النظامية؛ والقرار بقانون بشأن دعاوى الدولة؛ والقرار بقانون المعدِّل لقانون التنفيذ؛ وقرار بقانون المحاكم الإدارية وتعديلاته، علاوة على القرار بقانون الذي صدر بشأن رسوم المحاكم والقرارات التي صدرت عن مجلس الوزراء بشأن تعديل الرسوم في المحاكم، وما انطوت عليه تلك القرارات بقوانين التي صدرت ونُشرت في الجريدة الرسمية ودون أيّ تشاور مع نقابة المحامين ومؤسسات المجتمع المدني ودون أيّ استجابة لملاحظاتهم بشأنها من مخالفات وانتهاكات صارخة للمبادئ والقيم الدستورية الراسخة في قانوننا الأساسي الفلسطيني المعدل (الدستور) والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين بدون تحفظات واستحقاقاتها والمعايير الدولية ذات الصلة.
كما شدد على أن القرارات بقوانين التي صدرت في الشأن القضائي قد مسّت بشكل خطير بضمانات المحاكمة العادلة، وقرينة البراءة اللصيقة بالإنسان، وأحالت إجراءات التوقيف من إجراءات احترازية لها أصولها وفلسفتها في القانون والمعايير الدولية إلى عقوبة مُسبقة على المتهمين من خلال إمكانية تمديد التوقيف إلى مدة تصل مدة العقوبة المقررة على الجريمة، وتؤدي إلى حرمان المواطنين من حقهم في المثول أمام قاضيهم الطبيعي على وجه السرعة من خلال السماح بتمديد التوقيف دون العرض على المحكمة تحت عناوين فضفاضة تتمثل في الظروف القاهرة، وتؤدي للمساس بمبدأ التقاضي على درجتين وعلانية المحاكمة الذي يقوم عليه نظامنا القضائي من خلال النظر في الطعون تدقيقاً، وتُنيط بالمتهم سلطة إحضار شهود الدفاع التي هي من مسؤولية الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون وتعتَبره عاجزاً عن تقديم البينة في حال لم يحضر الشاهد للإدلاء بشهادته أمام المحكمة، وتشترط الإذن الخطي المُسبق من النائب العام أو أحد مساعديه لإمكانية ملاحقة الموظف العام أو أفراد الضابطة القضائية بما قد يؤدي إلى التحصين من الملاحقة والعقاب، وتفرض غرامات على المحامين والمواطنين في حالات غير مبررة، وتخل بإجراءات التبليغ بما يُهدد الحقوق والضمانات القانونية، علاوة على رفع رسوم المحاكم أضعافاً مُضاعفة وعلى نحو يُشكل إخلالاً جسيماً بمبدأ مجانية التقاضي والحق في الوصول إلى العدالة وقد يؤدي إلى تهديد يطال السلم الأهلي.
وفي ضوء التطورات الأخيرة في الشأن القضائي، والفعاليات المستمرة التي تقودها نقابة المحامين وخاصة إعتصام يوم الأربعاء أمام محكمة الخليل، أكد الحق والعدالة على التالي :-
1. إنَّ المطالب التي أعلن عنها مجلس نقابة المحامين الفلسطينيين، والفعاليات المستمرة التي يقودها مجلس النقابة والهيئة العامة، المُطالبة بوقف نفاذ القرارات بقوانين الماسة بالشأن القضائي وإلغاء آثارها؛ مشروعة ومُنسجمة مع مبدأ سيادة القانون والمعايير الدولية، ومستندة إلى الدور الأصيل لنقابة المحامين في الدفاع عن الحقوق والحريات العامة، وتتطلب الدعم من كافة مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية المحلية و الدولية.
2. إلغاء القرارات بقوانين الماسة بالشأن القضائي، بشكل عاجل، لانتفاء شرط الضرورة التي لا تحتمل التأخير في إصدارها خلافاً لأحكام الدستور، ولانطوائها على مخالفات جسيمة طالت المبادئ والقيم الدستورية وضمانات المحاكمة العادلة وغيرها.
3. إنَّ التدهور المستمر الحاصل في الشأن القضائي مردُّه التدخلات غير الدستورية والمخالِفة للاتفاقيات والمعايير الدولية في القضاء وشؤون العدالة، وليس التشريعات القضائية في ذاتها، والتي أدت إلى تراجع ثقة المواطنين في القضاء، وأهدرت مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات، بما ينذرُ بعزوف المواطنين عن اللجوء للقضاء، واستيفاء الحق بالذات، مما يهدد السلم الأهلي والمجتمعي وهذا يعمل على انتفاء الغاية من التعديلات، الأمر الذي يتطلب الوقف الفوري للتدخل في الشأن القضائي وبخاصة التشريعات الناظمة له.
4. العمل على تنظيم مؤتمر عام في الضفة الغربية لمتابعة حالة التدهور والنزيف المستمر في القضاء الفلسطيني، من أجل توحيد الجهد المجتمعي على منهجية وأدوات فعّالة لتوحيد وإصلاح القضاء وصيانة مبدأ سيادة القانون ومرتكزات الحكم الصالح، على قاعدة احترام القانون الأساسي المعدل (الدستور) والاتفاقيات التي انضمت إليها دولة فلسطين في الآونة الأخيرة.
5 . إن مجريات الأحداث الحالية التي أدت إلى تعليق العمل في المحاكم و الدعوة إلى إنتقال المحامين بشكل طوعي لسجل المحامين الغير مزاولين الذي دعى إليه مجلس النقابة والذي سيكون بتاريخ الواحد والثلاثون من يوليو / تموز 2022 م، يتحمل مسؤوليته من أصدر القرارات بقانون ، وبسبب رفض وإصغاء السلطة التنفيذية والسلطة القضائية إلى مطالب مجلس النقابة و هيئتهم العامة، حيث تمت مباحثات حول الموضوع سابقاً وتقرر وقف نفاذها مؤقتاً فيما عاد تنفيذها من جديد ولطالما تمت الموافقة المبدئية على وقف نفاذها سابقاً فإنه ليس هناك ما يعيق إلغائها من باب أولى حفاظاً على سيادة القانون.
6 . إن القانون أجاز لنقابة المحامين الرقابة على القوانين التي تمس الحريات العامة و تمس استقلالية القضاء و سيادة القانون، مع الأخذ بعين الإعتبار إلى أنه كان يجب التوصل لحلول في هذا الشأن بعيداً عن التصعيد الحاصل حالياً، و إستنكر مركز الحق و العدالة / القدس إلى ربط حراك نقابة المحامين بالمناكفات السياسية، حيث إن القانون يمنح الرقابة للنقابة وممارسة صلاحياتها وفق القانون ».
7 . نلفت إلى أن مجلس النقابة كان قد وافق بكل احترام على الجلوس مع المجلس التنسيقي للعدالة للحد من تصعيد النقابة و إحتواء الموقف دون استجابة من المجلس التنسيقي للعدالة مما أدى لفشل الحوار و استمرار النقابة في فعالياتها المستمرة، وإستنكر مركز الحق والعدالة / القدس وصف أحد المسؤولين لحراك النقابة بأنه « حراك مشاغبة سياسية و يحمل في طياته أجندات خارجية » حيث أرادوا بهذا التصريح أن تسير الأمور في الاتجاه الخاطئ، في حين قيام نقابة المحامين بدورها الصحيح الذي كفله القانون.
8. إن تصاعد موقف نقابة المحامين في خطوتها القادمة، و إنتقال المحامين بشكل طوعي إلى سجل المحامين الغير مزاولين سيعمل على شل حركة المحاكم وتوقفها بشكل تام خاصة في القضايا الجزائية، حيث أن القضاء يتشكل من القضاء الجالس ( القضاة ) و القضاء الواقف ( المحامين ) و النيابة العامة، لذلك ندعو ديوان الرئاسة و مجلس الوزراء و كل من يهمه الأمر إلى تغليب المصلحة العامة ووقف نفاذ القرارات بقانون و إعادة الحال إلى ما كان عليه، و في حالة الحاجة لتعديلات قانونية يتم دعوة و أخذ رأي مجلس نقابة المحامين و المجلس التنسيقي للعدالة للوصول للعدالة الناجزة دون إبطاء.