الزيارة الأخيرة
لم يكن الشهيد الطفل زيد محمد غنيم (14 عاما)، من بلدة الخضر جنوب بيت لحم، يعلم أن زيارته الى بيت جده في منطقة أم ركبة، ستكون الأخيرة، عندما أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي رصاصات متفجرة أصابته بمقتل في ظهره ورقبته .
قتل الاحتلال زيد وقتل حلمه بأن يصبح لاعب كرة قدم مشهور، شيعه أهله ومحبوه وأصدقاؤه إلى مثواه الأخير في بيت لحم بالدموع والحزن. والده الذي وقف أمام جثمانه المسجى في ثلاجة الموتى صابرا يحتسبه عند الله شهيدا، قال "ابني طفل لم يكن يشكل خطرا على جنود الاحتلال، لم يكن يحمل سلاحا، كل ما كان بحوزته مصروفه اليومي، كان متجها إلى البقالة لشراء بعض الحاجيات".
صمت قليلا ونظر الى ابنه ثم أخذ يقبله ويقول "لو كنت أعلم أن ذهابه الى بيت جده سيكون الأخير، لمنعته من ذلك، لكن الحمد لله على شيء، ابني فداء للوطن".
"طلب مني زيد أن يذهب الى بيت جده، فقلت له ألا يتأخر، وما هي إلا ساعة حتى جاء الخبر كالصاعقة، وحتى الآن لا أصدق أنه لن يكون بيننا ولن يذهب الى المدرسة".
لم يتمالك والد الشهيد نفسه وأجهش بالبكاء، وقال "كنا نجهز ونستعد لزفاف ابنتي سجى الجمعة المقبلة، اشترى زيد بدلة، واليوم زفيته الى مثواه الاخير شهيدا".
شقيقه يزيد يقول إن زيد يحب كرة القدم ويشجع فريق ريال مدريد الإسباني، كان ملتحقا بأكاديمية الخضر الكروية، لكن حلمة توقف.
المواطنة آمنة صلاح تقول إنها شاهدت زيد خارجا من بيت جدة، وعندما اقترب من البقالة سمعنا صوت رصاص وتعالت الأصوات، تأكدنا فيما بعد انهم كانوا يكمنون في المنطقة دون أن يعلم المواطنون .
شاهد عيان، قال كنت عائدا من الأرض برفقة زوجتي، سمعت صوت رصاص، وعندما وصلت المنزل وجدت والدتي تحاول إنقاذ أحد الأطفال المصابين، حاول جنود الاحتلال اختطاف جثمانه، لكن المواطنين منعوهم من ذلك .
وأضاف أن من كانوا هناك أكدوا أن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص عليه وأصابته في القدم وعندما حاول اللجوء الى "كراج" لاحقوه وأطلقوا عليه رصاصة في الظهر من نوع متفجر.
مديرية التربية والتعليم في محافظة بيت لحم قالت على لسان مدير الشؤون الإدارية بسام جبر، إنه منذ بداية العام الجاري استشهد 4 طلبة وهم: محمد رزق صلاح، أمجد أبو سلطان، معتصم عطا الله، وأخيرا زيد محمد غنيم، كما هناك عشرات الإصابات بين صفوفهم.
وقال محافظ بيت لحم كامل حميد "إن هذه جريمة أخرى ترتكب بحق الطفولة، وما جرى مع الشهيد غنيم جريمة مع سبق الإصرار، لقد كان أعزلا ولا يشكل خطورة عليهم"، داعيا المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية لدعم شعبنا والضغط على الاحتلال لوقف جرائمه وتقديم قادتهم للمحاكمة العادلة.