بئر السبع
أقدم وأكبر مدن فلسطين التاريخية، وأول مدينة فلسطينية تحتلها القوات البريطانية عام 1917. حكمها العثمانيون قرونا طويلة، وكانت رقما صعبا في الحروب التي عرفتها المنطقة وخاصة الحروب العربية الإسرائيلية نظرا لموقعها الإستراتيجي.
الموقع
يقع قضاء بئر السبع جنوب فلسطين، ويحده من الغرب قضاء غزة، ومن الشرق الأردن وجنوب البحر الميت ووادي عربة، ومن الشمال قضاء الخليل، ومن الجنوب خليج العقبة وشبه جزيرة سيناء.
السكان
بلغ عدد سكان مدينة بئر السبع 185 ألف نسمة بحسب تعداد عام 2005، الأغلبية الساحقة منهم من اليهود، بعد تهجير معظم سكانها العرب إثر حرب 1948.
وسكان بئر السبع الأصليون هم من القبائل البدوية وقد هجروا في البدء إلى مخيمات اللجوء في مدينة أريحا، ثم إلى الأردن. وأغلبية سكان بئر السبع الأصليين موجودون في الأردن، ويوجد بعض اللاجئين منهم في مدينة غزة.
الاقتصاد
وتعتبر المدينة -التي تمتد على مساحة 84 كيلومترا مربعا- مركزا للتجارة والاتصالات بين تجار القدس والخليل وغزة والمجدل والقبائل البدوية.
وقد شكلت الزراعة النشاط الأساسي للسكان البدو الذين استقروا حول المدينة إلى جانب ممارستهم تربية المواشي، ويعتبر الشعير والقمح والذرة والعدس والفول أهم المحاصيل الزراعية في المنطقة.
وإلى جانب النشاط الزراعي، كانت بئر السبع مركزا للقوافل التجارية في العصور المختلفة، وأصبحت المدينة سوقا يؤمه البدو وتجار الحبوب والمواشي.
أما الصناعة في المدينة فقد عاشت حقبتين: الأولى قبل الاحتلال الإسرائيلي وتميزت ببساطة ومحدودية الوسائل المستعملة، وكانت في غالبيتها تقليدية كطحن الحبوب ودباغة الجلود وأعمال الحدادة والنسيج.
وتميزت المرحلة الثانية بعد الاحتلال الإسرائيلي للمدينة بإقامة الكثير من المراكز الصناعية المختصة في مواد البناء والصناعات المعدنية والأدوات الصحية والصناعات الكيمياوية.
التاريخ
كانت بئر السبع منطقة الاتصال في عهد الهكسوس عندما وحّدوا مصر والشام في القرن السابع قبل الميلاد، وعندما هزم الهكسوس وأخرجوا من مصر تعرضت بعض بلدات بئر السبع للدمار.
كما تعرضت لغارات اليهود في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وكغيرها من المناطق الفلسطينية إلى الغزو الآشوري والبابلي والفارسي واليوناني والروماني.
وتتضارب الروايات التاريخية حول أصل تسمية المدينة، ويبقى أشهرها قصة النعاج السبع التي أهداها نبي الله إبراهيم عليه السلام إلى أبي مالك ملك فلسطين، وذلك لكي تشهد عليه بأنه هو الذي قام بحفر البئر هناك، وسمي المكان منذ ذلك الوقت بئر السبع.
وفي رواية أخرى، تقول بعض المصادر إن أصل التسمية مأخوذ من بئر كان يردها حيوان مفترس (سبع)، في حين أرجعت رواية ثالثة التسمية إلى وجود سبعة آبار للماء في منطقة يخلو ما جاورها من المياه.
وقد كان للطرق التجارية أثر كبير في ازدهار البلاد، وذلك لوقوعها على طرق التجارة العربية، التي كانت تحمل مختلف أنواع المنتوجات الهندية والأفريقية الشرقية، وتمرُّ من محطة بئر السبع التجارية، وتتجه فيما بعد إلى مصر أو إلى ساحل البحر المتوسط عند غزة.
وعرفت بعد الفتح الإسلامي ببلدة عمرو بن العاص رضي الله عنه حيث شيَّد بها قصرا له، إلا أن قلة الأمطار وتحول طرق المواصلات أدى إلى تأخرها.
ودخل العثمانيون المدينة عام 1519، ولم يكن لهم حكم مباشر فيها لأنهم كانوا يتجاهلون البدو. وبعد حدوث الحرب الأهلية بين بعض القبائل، فكر الأتراك في حكم المنطقة بشكل مباشر، وذلك لوقوعها على الحدود مع مصر، حيث كانت تتبع في أوقات مختلفة إلى غزة أو القدس.
وقد أعاد العثمانيون بناءها عام 1900 وجعلوها مركزاً لقضاء يحمل اسمها، وأسسوا مجلساً بلدياً وداراً للحكومة وثكنة للجنود، وقاموا بوضع تخطيط للمدينة. كما لعبت في الحرب العالمية الأولى دورا مهما وكانت قاعدة للجيوش العثمانية.
وفي عام 1917 احتل البريطانيون بئر السبع فكانت أول مدينة فلسطينية تحتلها القوات البريطانية، وعدت المدينة البوابة الجنوبية لفلسطين والبوابة الشرقية لمصر، لذلك كانت محط أنظار الجيوش خصوصا أثناء الحروب العربية الإسرائيلية.
فخلال الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، دافع السكان البدو عن مدينتهم في وجه القوات الإسرائيلية، ونظرا للتباين الواضح بين الجانبين على مستوى التجهيز العسكري، سقطت المدينة بين أيدي الاحتلال يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول 1948.
المعالم
تمتلك المدينة رصيدا حضاريا مهما بالنظر إلى ما عاشته من أحداث وتوالي دول وحضارات على حكمها، ومن المعالم التي لا تزال قائمة: أطلال المدينة القديمة، والمسجد الكبير الذي بناه العثمانيون قبل أن يُستخدم مع مطلع خمسينيات القرن الماضي متحفا لتأريخ المدينة، إضافة إلى "السراي" وهو مبنى الحاكم العثماني ومحطة القطار.
وقد أعلنت منظمة يونسكو أطلال مدينة بئر السبع القديمة موقعا للتراث العالمي عام 2005 وذلك بعد أن عثر عليها في حفريات أثرية شمال شرق المدينة.