كيف تجد السلاحف البحرية والأحياء المائية الأخرى طريقها ؟
الآن، كشفت دراسة جديدة نشرت في دورية "جورنال أوف ذا رويال سوسايتي إنترفيس" (Journal of The Royal Society Interface) في 11 مايو/أيار الجاري أن السلاحف لديها مقدرة توجيه جيومغناطيسية؛ لكنها لا تزال تعتمد في الغالب على التوفيق والمثابرة للعثور على وجهتها.
طرق غير مباشرة
ويذكر تقرير حول الدراسة نشره موقع "ساينس ألرت" (Science Alert) أن العلماء قد ثبتوا أجهزة تعقب "نظام الملاحة العالمي" (Global Positioning System) "جي بي إس" (GPS) على 22 سلحفاة منقار الصقر "إرتمكلس إيمبريكاتا" (Eretmochelys imbricata) (يوجد هذا النوع في المحيط الأطلسي) لمعرفة الطرق التي سيعودون بها إلى الأماكن الأصلية لبحثهم عن الطعام بعد التزاوج والتكاثر، وقد كشفت هذه المتعقبات أن الطرق التي تم اتخاذها كانت غير مباشرة إلى حد ما.
على سبيل المثال، قطعت إحدى السلاحف مسافة إجمالية قدرها 1306 كيلومترات لتجد جزيرة تبعد 176 كيلومترا فقط عن نقطة انطلاقها، ووجد الباحثون أنه بشكل عام، كان هناك الكثير من السباحة في دوائر قبل أن تتمكن الحيوانات من الاستقرار على اليابسة مرة أخرى.
وكتب الباحثون في ورقتهم المنشورة "تقدم نتائجنا دليلا دامغا على أن سلاحف منقار الصقر ليس لها سوى إحساس خاطئ نسبيا بالخريطة في المحيط المفتوح"، ويضيف الباحثون "أن وجود مناطق بحث عن الطعام وتكاثر شاسعة في مواقع معزولة من المحيطات يشير إلى أن بحث السلاحف البحرية عن الطعام في المراحل النهائية لرحلتها هو أمر شائع".
قدرة جيومغناطيسية
هذا، وتشتهر السلاحف البحرية بقدرتها على الهجرة لمسافات طويلة جدا عبر المحيط، وغالبا ما تنهي رحلتها على جزر صغيرة ومعزولة بعيدا عن أي مكان آخر؛ لذا فإن السؤال هو كيف تعثر السلاحف على هذه البقع النائية المحاطة بالمياه؟
بينما أثبتت الأبحاث السابقة أن هذه السلاحف لديها بعض الإحساس بالمجال المغناطيسي للأرض، والذي يمكن أن يساعدها في تخطيط مسارها، إلا أنه حتى الآن لم يتضح مدى صحة أو دقة تقنية رسم الخرائط المغناطيسية هذه.
وكما هي العادة، فقد سبحت السلاحف التي تم وضع علامات عليها ضعف المسافة التي تحتاج لقطعها للعثور على مواقع البحث عن الطعام، وبالمقارنة مع أنواع السلاحف الأخرى فإن سلاحف منقار الصقر تقطع مسافات هجرة قصيرة نسبيا.
قدرات غير دقيقة
وتستخدم عدة أنواع من السلاحف التغييرات في قوة واتجاه المجال المغناطيسي حول الأرض من أجل معرفة الطريق الذي يجب أن تسلكه، ولكن في حالة هذه السلاحف يبدو أن أداة المساعدة على الملاحة هذه تعمل، ولكن إلى حد معين فقط.
يقول عالم البيئة البحرية غرايم هايز، من جامعة ديكين في أستراليا، في تقرير نشر على موقع صحيفة "الغارديان" (Guardian) "لا يسمح هذا بالتحديد الدقيق للهجرة في الخطوط المستقيمة، لكنه يحذرها (السلاحف) عندما تبتعد عن مسارها".
وأفاد الباحثون أن هناك بعض الأدلة على تصحيح المسار في كل من المياه المفتوحة والمياه الضحلة الأقرب إلى اليابسة، وتتطابق العديد من النتائج في هذه الدراسة مع ما لوحظ سابقا في السلاحف الخضراء "كيلنيا ميداس" (Chelonia mydas).
هجرة برغم الظروف
ووفق ما أفاده الباحثون، لم تؤثر تيارات المحيطات على طريقة انتقال السلاحف من النقطة أ إلى ب، ولا يبدو أن السلاحف تنتظر مجموعة معينة من الظروف الجوية المحلية قبل الانطلاق في رحلاتها؛ فقد بدأت رحلاتها مباشرة بعد التكاثر.
ويتناقض سلوك وملاحة السلاحف بشكل صارخ مع بعض الطيور البحرية، والتي عادة ما تجد وجهتها بسرعة، وهي على الأرجح تستخدم الروائح التي تحملها الرياح للقيام بذلك. ويبدو أن السلاحف البحرية ليس لديها مثل هذه الإشارات لاتخاذ قرارات بناء عليها.
ويضيف الباحثون "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن القدرات الملاحية للسلاحف البحرية بعيدة كل البعد عن الكمال، ولكنها قد تكون ببساطة جيدة قدر الإمكان ضمن حدود قدراتها الحسية".