نتائج أولية: حلفاء حزب الله يخسرون مقاعد لصالح المعارضة
أظهرت النتائج الأولية اليوم، الإثنين، للانتخابات البرلمانية في لبنان، التي جرت أمس، حدوث تراجع لحزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، مع خسارة حلفائه عدداً من المقاعد في أول استحقاق يعقب سلسلة من الأزمات التي تعصف بالبلاد منذ عامين.
ويترقّب اللبنانيون صدور نتائج الانتخابات الرسمية، التي ورغم خروقات حققتها أطراف عدة أبرزها مرشحون معارضون، لن تغير من طبيعة التحالفات السياسية. وبدت لافتة نسبة الاقتراع المتدنية التي بلغت 41% وفق آخر بيانات وزارة الداخلية.
وأظهرت النتائج الأولية احتفاظ حزب الله وحليفته حركة أمل، بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، بكامل المقاعد المخصصة للطائفة الشيعية وهي 27 مقعداً. لكن حليفه، التيار الوطني الحر بزعامة رئيس الجمهورية، ميشال عون، لم يتمكن من الاحتفاظ بأكثرية نيابية مسيحية، بعد خسارته عدداً من المقاعد لصالح خصمه حزب القوات اللبنانية.
كما فشل نواب سابقون مقربون من حزب الله وداعمته دمشق في الاحتفاظ بمقاعدهم على غرار نائب الحزب القومي السوري الاجتماعي، أسعد حردان، عن المقعد الأرثوذكسي في إحدى دوائر الجنوب والذي يشغله منذ عام 1992، والنائب الدرزي، طلال أرسلان، في دائرة عاليه في محافظة جبل لبنان، وفق نتائج أولية.
في المقابل، ضمن حزب القوات اللبنانية، بزعامة سمير جعجع، خصم حزب الله اللدود، فوزه بأكثر من عشرين مقعداً، وفق نتائج أولية لماكينته الانتخابية. وكانت القوات فازت وحدها بـ15 مقعداً في انتخابات 2018، مقابل 21 للتيار الوطني الحر مع حلفائه.
ومن شأن توسّع كتلة القوات اللبنانية أن يخلط الأوراق عشية تشكيل حكومة جديدة، في وقت لم تكن ممثلة في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. كما من شأنه أن يعقد المشهد السياسي قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية، نظراً لخصومتها الشديدة مع حزب الله وحلفائه.
أنصار جبران باسيل من صهر عون يلوحون بأعلام حزب الله مساء أمس
وتأتي الانتخابات بعد انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، وبعد احتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد السلطة طالبت بتنحيها، وانفجار مروّع في 4 آب/أغسطس 2020 في مرفأ بيروت أودى بحياة أكثر من مئتي شخص ودمّر أحياء من العاصمة.
وإن كان متوقّعاً أن تبقى الكفّة مرجحة في البرلمان الجديد لصالح القوى السياسية التقليدية، تحدثت ماكينات أحزاب ومجموعات معارضة عن خروق في عدد من الدوائر، أبرزها في دائرة الجنوب الثالثة التي عادة ما تكون كلّها من نصيب لائحة مشتركة بين حزب الله وحلفائه، وتمكن فيها المرشح المستقلّ الياس جراده، وهو طبيب عيون معروف في منطقته، من الفوز بمقعد.
وتمكّن ثلاثة مرشحين على الأقل من لائحة المعارضة في دائرة جبل لبنان الرابعة، وثلاثة مرشحين في دائرتي بيروت الأولى والثانية من الفوز بمقاعد نيابية، وفق نتائج غير رسمية. ومن بين هؤلاء النائبة السابقة، بولا يعقوبيان، التي كانت المرشحة المعارضة الوحيدة الفائزة في انتخابات 2018 ونقيب المحامين السابق في بيروت، ملحم خلف.
ويمكن للفائزين المعارضين والمستقلين أن يشكلوا كتلة برلمانية موحدة، تكرّس نهجاً مختلفاً في العمل البرلماني، في بلد يقوم نظامه السياسي على محاصصة طائفية وتغليب منطق الصفقات.
وفي ظل الانهيار الاقتصادي، بات أكثر من ثمانين في المئة من السكان تحت خط الفقر وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المئة. كما أتت بعد نحو عامين على انفجار الرابع من آب/أغسطس 2020 الذي دمر جزءاً كبيراً من بيروت وأودى بأكثر من مئتي شخص وتسبّب بإصابة أكثر من 6500 آخرين.
ولا يزال فرز الأصوات مستمراً اليوم في مختلف الدوائر، رغم تدني نسبة الاقتراع التي تعدّ ثالث أدنى نسبة مسجّلة في لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية ، عام 1990.
ورجح الباحث والأستاذ الجامعي كريم بيطار، أن "الامتناع عن التصويت مرتبط جزئياً بالإحباط من الطبقة السياسية والشعور بأنه لن يحصل أي تغيير كبير في الوضع الاقتصادي"، وذلك إلى جانب امتناع مناصري رئيس الحكومة الأسبق، سعد الحريري، عن الإقبال على صناديق الاقتراع، بعدما أعلن قبل أشهر عزوفه وتياره السياسي الأكثر تمثيلاً على الساحة السنيّة، عن خوض الاستحقاق، بعدما احتل الواجهة السياسية سنوات طويلة إثر اغتيال والده، رفيق الحريري، في 2005.
وبدا منذ البداية أنه سيكون صعباً أن تترجم النقمة الشعبية في صناديق الاقتراع، بسبب تضافر عوامل عدة أبرزها قانون انتخابي معقد مفصل على قياس الأحزاب التقليدية وتشتت المعارضة وعدم اتحادها في لوائح مشتركة، عدا عن عمل الأحزاب التقليدية بكل ما أوتيت من وسائل على استنفار قواعدها الشعبية.