أسباب الشعور بالوحدة وما يفعله بصحتنا العقلية وطرق علاجه
يُناقش أسبوع التوعية على الصحة العقلية في المملكة المتحدة، الذي بدأ في التاسع من مايو/ أيار ويستمر حتى الخامس عشر منه، موضوع الشعور بالوحدة، وتداعياته على صحة الإنسان.
وبحسب مؤسسة الصحة العقلية البريطانية، يشعر واحد من كل أربعة بالغين بالوحدة في بعض الوقت أو طوال الوقت، ولا يوجد سبب محدد وراء هذا الشعور، كذلك لا حلول في الأفق لمعالجة هذه المشكلة، وكلما طالت فترة الشعور بالوحدة، يتعرض الفرد للمزيد من المشاكل الصحية والعقلية، وفقاً لما أكدت دراسات.
البروفيسور بيتر فوناغ، الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأطفال والأسر في المملكة، يتساءل في تقرير نشره على موقعThe psychologist المتخصص بالشؤون النفسية في المملكة المتحدة، عن ماهية الوحدة، ولماذا تؤذي الأشخاص؟ ولماذا تعتبر الروابط الاجتماعية والرفقة مفتاحاً للحياة؟ وماذا يعني كل هذا بالنسبة إلى السياسة والممارسات في مجال الصحة النفسية للأطفال والشباب؟
The tragedy of loneliness…
— The Psychologist (@psychmag) May 10, 2022
In #MentalHealthAwarenessWeek Prof @PeterFonagy, Chief Exec @AFNCCF asks what loneliness is and why it hurts us so much. Why are social connections so key? What does it mean for policy/practice in young people's mental health?https://t.co/cIGh6c9EWz pic.twitter.com/HsR59b6VcT
Glad to see our ideas about loneliness (the theme of #MentalHealthAwarenessWeek) published in the Psychologist https://t.co/x8Mt9hMeSM
— Peter Fonagy (@PeterFonagy) May 10, 2022
الوحدة شعور مخيف
بحسب ما نقله فوناغ في التقرير، فإن نحو 10 في المائة من السكان يشعرون بالوحدة في أي وقت، في حين أن كبار السن معرضون كثيراً لخطر العزلة الاجتماعية والوحدة، وبالتالي ضعف الصحة العقلية والبدنية. أضف إلى ذلك أن الوحدة تطاول في كثير من الأحيان الأطفال والشباب أيضاً، إذ تشير الدراسات إلى أن الشباب من سنّ المراهقة، لديهم قدرة كبيرة على تشكيل العلاقات والصداقات، ولكنهم في الوقت نفسه يعانون في فترات معينة من الوحدة، ولا يوجد سبب واضح لذلك.
في أثناء الإغلاق الذي فرضته جائحة فيروس كورونا، كان الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 11 و 16 عاماً، الذين أبلغوا عن مستويات أعلى من الوحدة، يعانون من مشاكل الصحة العقلية. كذلك أظهر أطفال المدارس الابتدائية الذين يفتقرون إلى الترابط الاجتماعي، والأطفال الذين لا يمكنهم الوصول إلى الإنترنت، أن لديهم مشاكل عاطفية. فقد أشار مسح خاص حول تأثيرات فيروس كورونا، شمل 55000 شخص إلى ارتفاع مستويات الشعور بالوحدة بين البالغين الأصغر سناً، وكان مرتبطاً بشدة بمخاوف الصحة العقلية.
يختلف مدى شيوع الشعور بالوحدة مع تقدم العمر، ولكنه يرتبط في جميع الأعمار بمشاكل الصحة العقلية. في إحدى الدراسات، رُبط بنسبة 90 في المائة على الأقل من الاكتئاب، و 20 في المائة أكثر من القلق.
توافق اختصاصية الطب النفسي، الدكتورة شارلوت خليل، على نتائج هذه الإحصاءات، وتؤكد في حديث لـ "العربي الجديد"، أن الوحدة تعدّ من أكثر القضايا التي تُطرَح في الطب النفسي، لأن تأثيراتها تطاول الصحة العقلية للفرد والمجتمع، ولا تمسّ الشخص الذي يشعر بها فقط، بل تمتد إلى محيطه. بحسب خليل، أسباب الوحدة متنوعة، من ضمنها الاكتئاب، وارتفاع النظرة التشاؤمية للإنسان، وهو ما يولد لديه أفكاراً عديدة تتعلق بالانتحار، أو إيذاء النفس.
ما الوحدة؟
بحسب مؤسسة الصحة العقلية البريطانية، تعرَّف الوحدة بأنها حالة ذهنية مرتبطة بالرغبة في الاتصال البشري. يمكن الناس أن يكونوا بمفردهم ولا يشعرون بالوحدة، أو يمكنهم الاتصال بالناس ولا يزالون يعانون من مشاعر العزلة.
وفق الاختصاصية النفسية الدكتورة شارلوت خليل، العوامل المساهمة في زيادة الشعور بالوحدة عديدة، لكنها تشمل بالدرجة الأولى المتغيرات الظرفية، مثل العزلة الجسدية، والانتقال إلى مكان جديد، والطلاق والانفصال، إضافة إلى الوفاة.
يمكن أيضاً أن تُعزى الوحدة إلى عوامل داخلية، مثل تدني احترام الذات، بحسب ما تؤكده خليل. ففي بعض الأحيان، يعتقد الأشخاص الذين يفتقرون إلى الثقة بأنفسهم أنهم لا يستحقون اهتمام الآخرين أو احترامهم، ما قد يؤدي إلى العزلة والشعور بالوحدة.
تأثيرات سلبية
للوحدة مجموعة واسعة من الآثار السلبية على الصحة الجسدية والعقلية، بحسب ما يظهره تقرير لموقع very well mind المختص بالصحة النفسية في مدينة نيويورك الأميركية، وتتجلى هذه الآثار في إمكانية حصول خلل في وظائف المخ، تطور مرض الزهايمر، إضافة إلى احتمال الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية.
ليست هذه المجالات الوحيدة التي تؤثر فيها الوحدة. على سبيل المثال، يحصل البالغون الذين يعانون من الوحدة على تمارين أقل من أولئك الذين لا يعانون من الوحدة. تؤدي الوحدة أيضاً إلى تعطيل تنظيم العمليات الخاصة بالخلايا في أعماق الجسم، ما يعرض الأشخاص الوحيدين للشيخوخة المبكرة.
طرق العلاج الممكنة
وفق الدكتورة خليل، يمكن المساعدة في علاج الأشخاص الذين يعانون من الوحدة، إذ يمكن الأصدقاء والأهل أن يلعبوا دوراً في مكافحة وحدتهم. تشير الإحصائيات إلى أن الشعور بالوحدة أصبح سائداً بشكل متزايد، وخاصة في الأجيال الشابة. وفقاً لاستطلاع أميركي نشر في عام 2019، أفاد 25 في المائة من البالغين الذين تراوح أعمارهم بين 18 و 27 عاماً أنه ليس لديهم أصدقاء مقربون، بينما ذكر 22 في المائة أنه ليس لديهم أصدقاء على الإطلاق.
بالإضافة إلى ذلك، ترى خليل أن الاستعانة بخبير نفسي تُعَدّ مرحلة مهمة في علاج الشعور بالوحدة.