لييبا: 60 مليون دولار خسارة يومية لتعطّل النفط
قدّر وزير النفط والغاز في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، محمد عون، أنّ بلاده تخسر "أكثر من ستين مليون دولار" يوميًا، بسبب الإغلاق القسري لعدد من المواقع النفطية.
ومنذ منتصف نيسان/أبريل، يواجه إنتاج النفط موجة من الإغلاقات القسرية لعدد من المنشآت النفطية، ما دفع مؤسسة النفط الحكومية إلى إعلان "القوّة القاهرة"، وتعليق عمل ميناءين مهمين في الشرق، مع استمرار إغلاق ستة حقول في جنوبيّ وشرقيّ البلاد.
ونتيجة لذلك، "انخفض الإنتاج نحو 600 ألف برميل يوميًا"، أو نصف الإنتاج اليومي من أصل 1,2م مليون برميل يوميًّا، كما يؤكد عون من مكتبه في طرابلس.
وقال محمد عون "بحساب سعر بيع بمتوسط 100 دولار للبرميل، تبلغ الخسائر 60 مليون دولار على الأقل يوميًّا"، في وقت تتعرض فيه السوق الدولية بالفعل لضغوط بسبب الحرب في أوكرانيا.
ومنع هذا الإغلاق المؤسسة الوطنية للنفط من احترام التزاماتها التعاقدية، لتعلن "قوة قاهرة" على المواقع المغلقة، ما يسمح بإعفائها من مسؤولياتها في حالة عدم تنفيذ عقود التسليم الأجنبية.
وعبّر عون عن أسفه لهذه "الإغلاقات المؤثرة على البنية التحتية للنفط، خصوصًا خطوط الأنابيب"، إلى جانب تأثيرها على "سمعة ليبيا وفقدان الثقة في وضعها في السوق الدولية".
وأوضح، في هذا الصدد، "عندما نقوم بتسليم كمية معينة إلى أحد العملاء، وفي اليوم التالي لا نكون قادرين على القيام بذلك لسبب أو لآخر، فإن هذا يجعل ليبيا تفقد مكانتها في السوق العالمية".
والأربعاء، عبّرت الولايات المتحدة عن "قلقها البالغ" من عمليات الإغلاق ودعت إلى إنهائها "على الفور".
واعتبرت وقف الإنتاج إجراء متسرعًا يضر بالليبيين، و"يقوّض الثقة الدولية في ليبيا بصفتها فاعلة في الاقتصاد العالمي".
وتواجه ليبيا، التي تمتلك أكبر احتياطات وفيرة في أفريقيا، أزمة سياسية وانقساما سياسيا خطيرا.
وتعاني ليبيا من أزمة سياسية متصاعدة مع نزاع بين حكومتين: واحدة برئاسة فتحي باشاغا منحها البرلمان ثقته في آذار/مارس، والثانية منبثقة من اتفاق سياسي رعته الأمم المتحدة قبل أكثر من عام، ويترأسها عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا عبر انتخابات.
كما تأتي الإغلاقات بعد مطالبة مجموعات من شرقيّ ليبيا بنقل السلطة إلى رئيس الحكومة الجديد، فتحي باشاغا، الذي عينه البرلمان، ويحظى بدعم القائد العسكري خليفة حفتر، الذي يسيطر بحكم الأمر الواقع على العديد من المنشآت النفطية المهمة هناك.
كما تطالب بتوزيع عادل لعائدات النفط والتنمية في المناطق المجاورة للمواقع النفطية.
ويرى الوزير الليبي أن قطاع النفط تأثر بالانقسام السياسي، مؤكّدًا أن من يقف وراء هذه الإغلاقات، محتجين يطالبون بالتنمية والتوزيع العادل للعائدات النفطية.
وأضاف "يقولون إن لهم مطالب محددة خاصة بالتنمية في مناطقهم وبناء الطرق، لا يوجد دولة في العالم توزع مداخيل الثروة، بل المواطن يطلب تنمية شاملة، لكن لا يستخدم النفط في ابتزاز الدولة" مؤكدا أنه "أمر لا نؤيده مطلقًا".
وأكد عون أن وزارته شكّلت لجنة للتواصل مع الفاعلين في المناطق التي تعرضت للإغلاق، معبراً عن أمله التوصل إلى "حلّ" قريبًا.
وتكرّرت عمليات إغلاق الحقول والموانئ النفطية طيلة السنوات الماضية بسبب احتجاجات عمالية أو تهديدات أمنية أو حتى خلافات سياسية، وتسببت في خسائر تجاوزت قيمتها 100 مليار دولار، بحسب البنك المركزي.
ويعد "الإغلاق القسري" مطلع 2020 الأبرز، في خضم حرب أهلية. حينها فرض حفتر حصارًا للنفط في نفس المواقع الحالية المغلقة، لكن فشل هجومه على طرابلس بعد بضعة أشهر أقنعه بالتخلي عنه.
وتسبب الإغلاق آنذاك خسائر مالية قدرت بنحو 10 مليارات دولار.
وقال عون إن "ليبيا بلد غني بالموارد الطبيعية مثل الذهب واليورانيوم وطاقة الشمس والرياح"، داعيًا إلى تقليل الاعتماد على "الوقود الأحفوري"، والمساهمة في خفض الانبعاثات التي تؤثر على المناخ.
بالإضافة إلى الإغلاق القسري لمنشآت نفطية، يتّسم قطاع النفط بتوتر شديد بين رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، والوزير المسؤول.
وحاول الوزير عون، خلال الأشهر القليلة الماضية، إنهاء عمل صنع الله من دون جدوى، في حين أن الأخير أثبت نفسه كمحاور مفضل للشركاء الأجانب.
وحول هذا الخلاف، قال عون إن "صنع الله لا يحترم القوانين التي تحكم القطاع، ويتجاوز صلاحياته المحددة ويدعي أنه يحظى بدعم دول أجنبية".
اقرأ/ي أيضًا | "فاغنر" الروسيّة سحبت 1300 من عناصرها في ليبيا للقتال بأوكرانيا
وفي شباط/ فبراير، دعت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا إلى إبقاء قطاع النفط الليبي في منأى عن الخلافات السياسية، والحفاظ على "طبيعته غير السياسية".
لكن هذه الدعوات سرعان ما يتجاهلها القادة الليبيون، الذين يراهنون على ورقة النفط بهدف تحقيق "مكاسب سياسية".