يتضمن ثغرات قانونية ويقيد الحريات الإعلامية
مؤسسات حقوقية وإعلامية تطالب بعدم إقرار مشروع نظام ترخيص المؤسسات الإعلامية
- المشروع يمنح لجنة ثلاثية مشكلة من وزارة الإعلام والاتصالات ووزارة الداخلية صلاحيات واسعة ومركزية جدًا تتعارض مع مبدأ الحريات الإعلامية
- إقرار هذا المشروع يتعارض مع وثيقة الاستقلال الفلسطينية وأحكام القانون الأساسي
- مشروع النظام يمنح وزير الإعلام الحق في وقف عمل أيّ وسيلة إعلام فلسطينية أو أجنبية عاملة في فلسطين
- يتعارض المشروع مع أحكام المادة (27) من القانون الأساسي التي أكدت على حرية وسائل الإعلام
طالبت مؤسسات حقوقية وإعلامية رئيس الوزراء محمد اشتية بعدم إقرار مشروع نظام ترخيص المؤسسات الإعلامية، الذي تعمل الحكومة على اقراره، والبدء في نقاشات مع أصحاب المصلحة ومؤسسات المجتمع المدني الحقوقية والإعلامية للوصول إلى سلة تشريعات ناظمة للعمل الإعلامي، تنسجم مع قيم الدولة الفلسطينية المرسومة في وثيقة الاستقلال والقانون الأساسي المعدل، وتراعي القيم الديمقراطية وتحترم التزامات دولة فلسطين الدولية، وتساهم في الوقت ذاته في بناء الدولة الفلسطينية المنشودة تحقيقاً للصالح العام.
وأكدت المؤسسات أن "ضمان حرية وسائل الإعلام وتعددها واستقلاليتها، يأتي ضمن احترام وحماية هذا الحق الذي هو أساس للحكم الصالح، وسيادة القانون، وتعزيز لمبدأ الشفافية والمساءلة، والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية العامة".
وأعربت المؤسسات عن قلقها واستهجانها للمشروع، معتبرة أنه يأتي في سياق موجة التشريعات التي أصدرتها السلطة التنفيذية مؤخراً وتستهدف بالأساس إعادة تشكيل النظام السياسي الفلسطيني نحو منح المزيد من الهيمنة للسلطة التنفيذية على مفاصل الحكم، والانقضاض على المؤسسات التي تحمي القيم الديمقراطية وتضمن تطبيق مبادئ الحكم الصالح في إدارة الدولة الفلسطينية، وفقاً لما أكدت عليها وثيقة الاستقلال في العام 1988 والمبادئ الدستورية الواردة في القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003.
وطالبت المؤسسات في بيان مشترك رئيس الوزراء بإلغاء اتفاقية منح رخصة إنشاء وتشغيل محطة إذاعية راديوية، حيث تحاول وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فرض توقيعها على الوسائل الإعلامية.
وأضافت المؤسسات ان هذه "التشريعات تسيء لسمعة الدولة الفلسطينية العتيدة ومشروعها الوطني وتجعلها في مكانة دولية متردية فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان وقيم الحرية والديمقراطية وبالتالي يفقدها الدعم والتعاطف الدولي وحقها في تقرير المصير في مواجهة الاحتلال "الإسرائيلي"، كما أنه يفقدها من جانب آخر ثقة المواطن الفلسطيني وحلمه بدولة فلسطينية عصرية تحترم حقوقه وحرياته الأساسية حيث أن هذه التشريعات تضعف بذلك رغبته وطموحه للنضال من أجل حرية واستقلال هذه الدولة باعتباره المشروع الوطني في هذه المرحلة"، متسائلة " من المستفيد وصاحب المصلحة من إصدار هكذا تشريع"؟
وأشارت المؤسسات الى أن مشروع النظام يفتقد للسند القانوني، وهو يضع أحكاماً لم يرد فيها أيّة احالات أو تفويض تشريعي في هذين التشريعين، الأمر الذي يتعارض مع مبدأ هرمية التشريع وأصول الصياغة التشريعية التي تؤكد على عدم جواز معالجة التشريعات الثانوية الصادرة عن السلطة التنفيذية لأحكام قانونية لم تفوض من قبل السلطة التشريعية بمعالجتها.
ويتعارض المشروع مع أحكام المادة (27) من القانون الأساسي التي أكدت على حرية وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة وحرية الطباعة والنشر والتوزيع والبث، وحرية العاملين فيها، وحظر الرقابة على وسائل الإعلام، بحيث لا يجوز إنذارها أو وقفها أو مصادرتها أو إلغاؤها أو فرض قيود عليها إلا وفقاً للقانون بموجب حكم قضائي، كما أكدت ذات المادة على أن أية رقابة على مصادر تمويل الصحف وسائل الإعلام لا تتم إلا وفقاً للقانون الذي يصدر عن ممثلي الشعب، وليس لنظام يصدر عن الحكومة تعهد فيه الرقابة المالية إلى وزارة الداخلية وفقا لما ورد في الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من مسودة القرار ويتم منحها صلاحيات واسعة جدا في هذا الجانب تتجاوز عدد من الأحكام الواردة في التشريعات الفلسطينية النافذة كقانون الشركات وقانون المصارف.
ومنحت الفقرة الثانية من المادة 18 من مشروع النظام لوزير الإعلام الحق في وقف عمل أيّ وسيلة إعلام فلسطينية أو وقف عمل أيّ وسيلة إعلام أجنبية عاملة في فلسطين ومنع التعامل معها في حال مخالفتها للفقرة (1) من هذه المادة (المتعلقة بواجب احترام الهوية والتاريخ الفلسطيني وعدم بث أيّ مادة إعلامية من شأنها المساس بالهوية الفلسطينية أو المساس بالرواية الفلسطينية)، مع الإشارة إلى عدم الوضوح في مصطلح "الهوية والرواية الفلسطينية".
وانتقدت المؤسسات استخدام مشروع النظام صياغات وعبارات مرنة وفضفاضة تمنح صلاحيات تقديرية واسعة للجنة الثلاثية المُشكلة من وزارة الإعلام، ووزارة الاتصالات، ووزارة الداخلية، الامر الذي يُحد من دور القضاء لاحقا، ويمكّن الجهات الرسمية من فرض القيود على العمل الإعلامي، ومعاقبة المؤسسات الإعلامية بصورة مزاجية وانتقائية، ومن أبرز هذه العبارات ما ورد من محظورات على المؤسسات الإعلامية والشروط الواجب توافرها في المحتوى الإعلامي الذي تبثه، كـالعبارات التالية: "المحافظة على النظام العام والأمن العام ومقتضيات المصلحة العامة"، "عدم بث أيّ محتوى غير أخلاقي أو يتنافى مع قيم ومبادئ المجتمع الفلسطيني"، "احترام الهوية والتاريخ الفلسطيني وعدم بث أيّ مادة إعلامية من شأنها المساس بالهوية الفلسطينية أو المساس بالرواية الفلسطينية".
ولفتت المؤسسات ان المشروع يمنح اللجنة الثلاثية المشكلة من وزارة الإعلام والاتصالات ووزارة الداخلية صلاحيات واسعة ومركزية جدًا تتعارض مع مبدأ الحريات الإعلامية، وضرورة عدم وضع قيود وضوابط عليها إلا بما يتفق مع المعايير والضوابط المتعارف عليها دوليا، مثال ذلك "تحديد شروط واجب توافرها في العاملين في المؤسسات الإعلامية والمواقع الالكترونية والتي تتضمن في معظم المستويات شرط الحصول على الموافقة الأمنية، ضرورة الموافقة المسبقة على البث المشترك بين عدة محطات إعلامية وضرورة الحصول على الموافقة المسبقة من وزارة الإعلام على تغيير مدير أو رئيس تحرير المؤسسة الإعلامية، إلزام جميع المؤسسات التي ترخص بموجب أحكام النظام تزويد وزارة الإعلام بعقود عمل كتابية لكل من المدير أو رئيس التحرير وكافة العاملين الإعلاميين في المؤسسة وذلك كشرط من شروط الترخيص".
وأضافت المؤسسات ان المشروع لم يعرف مفهوم عبارة "عدم الممانعة" الصادرة عن وزارة الداخلية، رغم إيرادها ( 13) مرة، فكان من المفترض، ووفق أصول الصياغة التشريعية السليمة، أن يتم تعريفها في المادة الأولى (تعاريف)، لأن واقع الحال يشي بأن المقصود بعبارة "عدم الممانعة" هو السلامة الأمنية او ما يعرف بحسن السلوك، الذي يصدر عن الأجهزة الأمنية وتحديداً جهازي الأمن الوقائي والمخابرات، والتي تؤكد الشهادات والوقائع بأن منحها يعتمد بشكل كبير على خلفية الانتماء السياسي الأمر الذي يخالف مبدأ المساواة وعدم التمييز التي نصت عليه المادة (9) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل، ويمثل مدخلاً وشكلاً من أشكال الفساد السياسي في التعامل مع المؤسسات الإعلامية.
وأكدت المؤسسات انه لم يتم مشاورة او اشراك الاجسام الممثلة لذوي المصلحة ومؤسسات حقوق الانسان لدى إعداد هذا المشروع، خلافا لما نصت عليه قواعد الصياغة التشريعية التي تم إقرارها من قبل مجلس الوزراء التي تشترط ان يتم اتباع منهج مشاركة الاجسام التمثيلية والفئات المجتمعية لدى إعداد القوانين الخاصة بها، وان يتم عقد مشاورات مجتمعية بهدف الوصول الى تمثيل كافة المصالح بهذه التشريعات.
وشددت المؤسسات على أن إقرار هذا المشروع يتعارض مع وثيقة الاستقلال الفلسطينية وأحكام القانون الأساسي الفلسطيني، ومع ما تضمنته الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان التي انضمت إليها دولة فلسطين دون تحفظ، ويساهم في الوقت ذاته في تقييد عمل المؤسسات الإعلامية والحد من حرية التعبير، الأمر الذي يؤثر سلباً على السلم الأهلي ورفع حالة الاحتقان الداخلي.
ودعت المؤسسات مجلس الوزراء الى إحالة مسألة تنظيم العمل الإعلامي إلى نقابة الصحفيين وباقي الأجسام التمثيلية للعمل الإعلامي ومؤسسات حقوق الانسان، في سياق مشاورات وطنية بهدف الوصول الى أفضل الصيغ والنماذج التي تعزز حرية التعبير والحريات الإعلامية. اضافة الى المطالبة بالإفراج عن التشريعات التي تعزز قيم الشفافية والديمقراطية والحريات الإعلامية؛ كمشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات ومشروع قانون المجلس الأعلى للإعلام، والإسراع في عملية إقرارها.
وبعثت مؤسسات حقوقية وإعلامية برسالة الى رئيس الوزراء تطالبه بعدم إقرار مشروع نظام ترخيص المؤسسات الإعلامية للاطلاع عليها اضغط هنا
.............................
المؤسسات الموقعة:
الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"
الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الانسان
شبكة وطن الإعلامية
شبكة راية الإعلامية
مؤسسة فلسطينيات
المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية - مدى
المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطي "مفتاح"
مؤسسة الحق
مركز القدس للمساعدة القانونية
نقابة الصحفيين الفلسطينيين
مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي
مؤسسة أدوار للتغيير الاجتماعي
الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء _ استقلال
جمعية بهمتكم
مؤسسة الرؤيا الفلسطينية
مركز ابداع المعلم
مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس"
مؤسسة قادر للتنمية المجتمعية
المركز الفلسطيني لقضايا السلام والديمقراطية
جمعية تنمية المرأة الريفية