كيف أثرت الحرب في أوكرانيا على الاسواق ؟

وصل التوتر المتصاعد بين روسيا وأوكرانيا إلى ذروته في أوائل 24 فبراير عندما شنت روسيا غزو على أوكرانيا المجاورة لها، حيث شهدت العاصمة كييف والعديد من المدن الأوكرانية انفجارات وضربات صاروخية، كانت احتمالية حدوث عدوان عسكري روسي في أوكرانيا تثقل كاهل الأسواق المالية العالمية لعدة أسابيع متتالية، ولكن أثار الهجوم العسكري عمليات بيع حادة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ودفع مؤشر ناسداك لفترة وجيزة إلى منطقة السوق الهابطة قبل أن يرتد مؤشرا الأسهم إلى المنطقة الإيجابية في جلسة تداول جامحة.

ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا والأسواق المالية في جميع أنحاء العالم تعاني من اضطراب، كما ارتفعتأسعار الطاقة بحدة ليتجاوز سعر البرميل 100 دولار.

في حين أن التوترات بين روسيا وأوكرانيا تتصاعد منذ سنوات، فإن العمل العسكري الحالي يزيد من مخاطر نشوب صراع طويل الأمد داخل أوكرانيا ويخلق مخاوف بشأن التأثير المحتمل على أسواق تداول الأسهم العالمية والاقتصاد العالمي، مع ذلك، يُظهر التاريخ أنه في حين أن الأزمات الجيوسياسية مثل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا يمكن أن تزعج الأسواق مؤقتًا، فليس لها عواقب بعيدة المدى على المستثمرين.

بشكل عام، تميل هذه الأنواع من الأزمات إلى أن يكون لها تأثير كبير ودائم فقط على الأسواق المالية العالمية إذا كان لها تأثير اقتصادي كلي مستدام على الاقتصادات الكبرى، في حين أن الاقتصاد الروسي يحتل المرتبة 11 في العالم، فإنه وفقًا لصندوق النقد الدولي فهو يمثل نحو 1/20 فقط من حجم الولايات المتحدة و 1/15 من حجم الصين، لهذا من المحتمل ألا يكون كبيرًا بما يكفي للتأثير على الأسواق العالمية أو نمو الاقتصاد العالمي، حتى لو تعرض لأضرار اقتصادية كبيرة نتيجة العقوبات المفروضة عليه من قبل الولايات المتحدة وأوروبا.

ومع ذلك، نظرًا لأن روسيا هي أيضًا مصدر 10% من طاقة العالم وما يقرب من 50%من الطاقة المستهلكة في أوروبا، فإن الصراع يشكل مخاطر خارج حدود البلدين بما في ذلك ارتفاع أسعار الطاقة وتقلبات السوق المالية المتزايدة.

الأسهم التي تنخفض في أوقات الصراع

في 24 فبراير حصل المستثمرون على لمحة عن الأسهم التي قد تكون الأكثر تضررًا إذا تصاعد الصراع العالمي في أوكرانيا، كانت أسهم السفر والترفيه من بين الأسوأ أداءً في مؤشر ستاندرد آند بورز 500، بما في ذلك أسهم شركات السفر عبر الإنترنت مثل: شركةExpedia Group  ومشغل الكازينوLas Vegas Sands Corp. وشركة الخطوط الجويةUnited Airlines .

بالإضافة إلى أسهم السفر، تلقت أسهم البنوك أيضًا ضربة كبيرة في أخبار أوكرانيا، يتكهن بعض الخبراء بأن حالة عدم اليقين بشأن الصراع في أوكرانيا إلى جانب تقلبات سوق الأسهم التي شهدها السوق، ستجبر البنك الاحتياطي الفيدرالي على أن يكون أكثر تحفظًا في رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، كانت أسهم البنوك التي تستفيد من أسعار الفائدة المرتفعة بما في ذلك بنك Fifth Third Bancorp (FITB) وبنك سيجنتشر (SBNY) وويلز فارجو وشركاه (WFC) من بين الأسوأ أداء في ستاندرد آند بورز 500 صباح يوم الخميس (24 فبراير).

الأسهم التي يمكن أن تستفيد من الصراع المسلح

ليس من المستغرب أن يكون أداء الأسهم الدفاعية الرئيسية جيدًا نسبيًا حتى الآن في عام 2022، ارتفعت أسهم شركة تكنولوجيا الإلكترونيات العسكرية L3Harris Technologies (LHX) بأكثر من 4% صباح يوم الخميس (24 فبراير)، كما تم تداول أسهم شركة المقاولات الدفاعية نورثروب جرومان (NOC) بنسبة تزيد عن 2%.

منذ بداية العام وحتى الآن ارتفعت أسعار أسهم شركتي الدفاع العملاقين Lockheed Martin (LMT)) و Raytheon Technologies (RTX)بأكثر من 7% لكل منهما.

بالإضافة إلى مخزونات الدفاع، كان ارتفاع أسعار الطاقة في جميع أنحاء العالم بمثابة رياح مؤاتية لقطاع الطاقة،في الواقع كان 11 من أفضل 12 سهماً أداءً في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 حتى الآن في عام 2022 هي أسهم النفط والغاز، ومن بين أفضل الشركات أداءً شركات الخدمات النفطيةHalliburton و Schlumbergerوشركة أوكسيدنتال بتروليوم كوربللتنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما، ارتفعت جميع الأسهم الثلاثة بأكثر من 30 % حتى الآن هذا العام.

كيف تؤثر الحرب على أسعار السلع؟

كان الارتفاع في أسهم قطاع الطاقة مدفوعًا في جزء كبير منه بارتفاع أسعار النفط الخام، في يوم الخميس (24 فبراير) قفز سعر خام برنت في البداية بأكثر من 8% وارتفع إلى سعر 100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ 2014 قبل أن يتراجع إلى ما دون 96 دولار للبرميل مع صعود سوق الأسهم، تعد روسيا واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم وقد تتعطل إمدادات النفط العالمية إذا استهدف الناتو روسيا بعقوبات نفطية كبيرة.

يقول أحد محللي السوق أن أسعار النفط مشكلة، لأنها تعمل كضريبة وسيكون لها بالتأكيد تأثير على النمو الاقتصادي، خاصة إذا كانت الظروف المالية أكثر تشددًا.

كما كدس المستثمرون الذهب في عام 2022 والذي يُنظر إليه عمومًا على أنه سلعة ملاذ آمن في أوقات تقلب السوق وعدم اليقين، وصلت أسعار الذهب الفورية إلى 1955 دولارًا للأونصة في 24 فبراير وهو أعلى مستوى لها منذ أكثر من عام.

كيف تؤثر الحرب على أسعار العملات المشفرة؟

انخفضت أسعار البيتكوين  وغيرها من أسعار العملات الرقمية في صباح يوم 24 فبراير، قال بعض مستثمري العملات المشفرة إن العرض المحدود لعملة البيتكوين يجعلها مثل الذهب الرقمي، وقد جادلوا بأن العملة المشفرة يجب أن تكون استثمارًا آمنًا وتحوطًا ضد التضخم، في الواقع ارتبطت أسعار البيتكوين ارتباطًا وثيقًا بأسعار الأسهم في الأشهر الأخيرة.

يقول أحد خبراء التشفير أن السوق يتعامل مع البيتكوين كأصل خطر أكثر من كونه ملاذًا آمنًا، وهو ما ينعكس في ضعفها مع بدء الغزو الشامل، وأضاف أنه من المرجح أنيعود إلى اعتباره أحد أصول الملاذ الآمن مع تطور الوضع في أوكرانيا لأنه غير قابل للتحفظ، وهو ما قد يصبح مهمًا للغاية حيث تتخذ السلطات المركزية خطوات جذرية.

توقعات سوق الأسهم

انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز في البداية بأكثر من 2% صباح يوم 24 فبراير وانخفض بنسبة 10.6% على أساس سنوي حتى الآن في عام 2022 حتى بعد انتعاشه في وقت لاحق،إذا كان التاريخ يشير إلى أي شيء، فقد يتبين أن البيع المكثف بين روسيا وأوكرانيا قصير الأمد.

من منظور السوق، فإن معظم الأحداث الجيوسياسية حادة ولكنها قصيرة المدي، وبرغم ذلك، فإنه مع التقلباتتخلق الفرص.

منذ عام 1941سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 انخفاضًا إجماليًا بنسبة 5%بعد 21 حدثًا جيوسياسيًا رئيسيًا، بما في ذلك هجوم بيرل هاربور واغتيال الرئيس جون كينيدي وهجمات 11 سبتمبر، على الرغم من تقلبات السوق الأولية فقد استغرق المؤشر بعد ذلك في المتوسط ​​45 يومًا فقط للتعويض الكامل عن تلك الخسائر الأولية.

يقول "بيل آدامز" كبير الاقتصاديين في بنك كوميريكا إن ارتفاع أسعار الطاقة قد تكون رياحًا معاكسة متواضعة للنمو الاقتصادي الأمريكي في عام 2022، لكن الصراع في أوكرانيا لم يغير نظرته الاقتصادية الإيجابية بشكل ملموس حتي الآن.