مركز "شمس" يطلق مرصد السلم الأهلي السنوي للعام 2021: (66) جريمة قتل في الأراضي الفلسطينية
أصدر مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" مرصده السنوي حول السلم الأهلي، والذي يرصد ويحلل جرائم القتل التي وقعت في الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة حلال العام 2021.
شهد هذا العام ارتفاعاً ملحوظاً وخطيراً للغاية في مستوى الجريمة بشكل عام، لا سيما جرائم القتل، إذ وصل عدد الجرائم التي وقعت إلى (66) جريمة قتل عمد وغير عمد في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، والذي يأتي تأثراً بمجموعة واسعة ومتداخلة من العوامل يمكن تحليلها على النحو التالي: السياسات الاستعمارية العنيفة، إذ لا يمكن الركون إلى العوامل الداخلية في قراءة الجريمة، لا سيما بما أفرزته من تحديات والتي منها التقسيمات السياسية للمناطق الفلسطينية، الأمر الذي يحول دون الانتشار الكامل للأجهزة الأمنية، ويطيل أمد المعالجة للنزاعات والشجارات التي تقع في المناطق المصنفة (C)، ويسمح بنمو بيئة تشكل ملاذاً أمناً للعديد من المطلوبين للعدالة، إضافة لما يتسبب به الاحتلال من انعكاس مشوه للقوة في الوعي الجمعي ومن تأثر بالممارسات العنيفة في الحيز العام ومحاكاة لها.
إضافة إلى ذلك، لعب قصور السياسة الحكومية في معالجة الجريمة والحلول الأمنية القاصرة دوراً فاعلاً في انتشار الجرائم، إذ للحلول الأمنية المعزولة عن المعالجات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تداعيات وتبعات تهدد التعايش والسلم الأهلي. كما تسبب القصور الحكومي وتهميش موضوع السلم الأهلي في السياسات الحكومية وغياب الإستراتيجية الوطنية الشاملة والمتكاملة وعبر القطاعية لحماية السلم الأهلي في انتشار الجريمة.
أما حالة الإرباك التي تسببت بها ممارسات النظام السياسي خلال العام المنصرم، والتي شملت مقتل ناشط سياسي وقمع عنيف وواسع للتجمعات السلمية التي اندلعت على خلفية ذلك، واعتقال النشطاء والمعارضين/ات والحقوقيين/ات والصحفيين/ات والاعتداء عليهم، وتأجيل الانتخابات العامة مما زاد الإحباط والاحتقان على المستوى العام، فقد شكلت جزءاً أساسياً من مهددات السلم الأهلي.
من ناحية أخرى، الضائقة الاقتصادية وما خلقته من تفاوت في مستويات المعيشة ومن شعور بالظلم وغياب العدالة، هددت الشعور بالمواطنة والانتماء وسيادة القانون، لا سيما بتزامن الضائقة الاقتصادية ومحدودية الفرص مع الفساد السياسي والإداري والمالي والذي من مظاهره انتشار الواسطة والمحسوبية والتهميش أو التعيين على خلفية سياسية ومناطقية.
كما لعبت حالة الضعف التشريعي وغياب القوانين والتشريعات الرادعة على مستوى النصوص القانونية، لا سيما في جرائم العنف ضد الأسرة، والتي تزامنت مع اكتظاظ في القضاء النظامي، وطول أمد الإجراءات، وارتفاع التكاليف عاملاً حيوياً في تعزيز اللجوء لاستيفاء الحق بالذات، أو للقوة في معالجة النزاعات.
وقد انعكس هذا الضعف التشريعي والقضائي على بروز العشائرية التي تشكل مهدداً آخر للسلم الأهلي وليس صمام أمان له كما يُتصور واسعاً، نظراً لما تعززه الحلول العشائرية في الوعي الجمعي من صورة نمطية عن سهولة الحل عند ارتكاب الجريمة بمقابل مادي، ونظراً لكونها غير عادلة وتأتي على حساب العائلات الأضعف، ولكونها أيضاً تخلق مراكز نفوذ تتحدى سلطة وسيادة القانون والمكون القضائي النظامي في النظام السياسي.
فيما أفرزت خطابات الكراهية والتحريض على العنف لا سيما في الإعلام الاجتماعي وعبر المنصات، مهددات رقمية للسلم الأهلي تتحول في كثير من الأحيان إلى سلوكيات عنيفة تنتقل من دائرة الخطاب إلى مربع الفعل. تتضاعف خطورة ممارسة الكراهية من مؤثرين/ات واسعي/ات الانتشار، أو من رجال دين أو رجال عشائر كما هو الحال في خطابات الكراهية المنظمة ضد المجتمع المدني على خلفية قضايا حقوق النساء والأسرة أو الموقف من الاتفاقيات الحقوقية الدولية التي انضمت إليها فلسطين، وقد ساهمت في التأثير سلباً على السلم الاهلي، لا سيما مع وجود أزمة قيمية، وتراجع للتعبئة الفكرية والوطنية تأثراً بضعف الأحزاب والقوى السياسية.
ووفقاً للتحليل الإحصائي للمعلومات الميدانية التي جمعها طاقم مركز "شمس" عن الفترة الممتدة من 1/1/2021 – 31/12/2021 والمتغيرات بناء على ملف بيانات مركز "شمس"، فقد وقعت (62) جريمة قتل عمد في الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، موزعة على النحو التالي: (44) حالة قتل في الضفة الغربية و(18) حالة قتل في قطاع غزة، بواقع (38) ضحية ذكر، و(6) ضحايا إناث في الضفة الغربية، و(14) ضحية ذكر و(4) ضحايا إناث في قطاع غزة، وبمجموع (52) ضحية ذكر و(10) ضحايا إناث في الضفة والقطاع. في حين وقعت (4) جرائم قتل غير عمد في الضفة الغربية وقع ضحيتها (3) ذكور وأنثى واحدة. كما استمرت جرائم القتل ضد النساء ، التي تأني كنتيجة مباشرة للثقافة الذكورية ، حيث قتلت خلال العام 2021 (11) امرأة .