الغرب يتوعد روسيا بعقوبات غربية غير مسبوقة إذا غزت أوكرانيا
توعّد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، اليوم الثلاثاء، روسيا بعقوبات غربية "أشدّ من أيّ أمر قمنا به من قبل" إذا غزت أوكرانيا، وذلك في أعقاب محادثات مع قادة عدد من الدول الحليفة بشأن تهديدات موسكو.
وكرّر جونسون تحذيره للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من الدمار الذي يرجّح أن ينجم عن أيّ توغل لقواته في أوكرانيا، وذلك لدى إطلاعه البرلمان على آخر التطورات في أعقاب اتصال أجراه في وقت متأخر من ليل الإثنين - الثلاثاء، مع الرئيس الأميركي، جو بايدن، وعدد من حلفاء بلاده الأوروبيين.
وقال جونسون: "اتفقنا على أنّنا سنردّ على أيّ هجوم روسي على أوكرانيا بشكل موحّد عبر فرض عقوبات اقتصادية شديدة ومنسّقة، أشدّ من أيّ أمر قمنا به من قبل ضدّ روسيا".
ولدى سؤاله بشأن ما إذا كان سيتم تعليق مشاركة موسكو في منظومة "سويفت" العالمية للتعاملات المالية، قال جونسون "لا شكّ في أنّ (سويفت) سيكون سلاحًا فعالًا للغاية".
ولفت إلى أنه سيكون على الولايات المتحدة التعامل مع خطوة من هذا النوع، نظراً لأنّها مركز النظام المالي العالمي، مضيفًا "نجري محادثات بهذا الشأن".
وأكّد أنّ الأوكرانيين سيقاومون أيّ توغّل روسي "بعناد وإصرار"، بعدما أعطى الضوء الأخضر لإرسال حوالى 2000 قطعة سلاح بريطانية مضادّة للدبابات إلى أوكرانيا ومدرّبين عسكريين.
ورأى أنّ الدماء التي ستسفك من جراء أيّ غزو روسي "ستكون أشبه بالحرب الأولى في الشيشان أو البوسنة أو أي نزاع شهدته أوروبا منذ العام 1945".
وقال جونسون "لا يمكننا المساومة على رؤية لأوروبا موحدة وحرّة" والتي برزت بعد نهاية الحرب الباردة عام 1989، "لأنّ روسيا أشهرت مسدّسا على أوكرانيا".
لكنه أوضح أنّ إرسال قوات قتالية تابعة لحلف الأطلسي إلى أوكرانيا، غير المنضوية في الحلف، "ليس احتمالاً مرجّحًا في الأمد القريب".
واشنطن: العقوبات على روسيا قد تشمل قيودا على تصدير التكنولوجيا المتقدمة
من جانبه، أعلن مسؤول أميركي رفيع، اليوم، أن حزمة العقوبات الاقتصادية التي تعدّها واشنطن للرد على أي غزو روسي لأوكرانيا ستشمل قيودا غير مسبوقة على صادرات معدات التكنولوجيا المتقدمة الأميركية.
وقال المسؤول للصحافيين "نتحدّث عن تكنولوجيا متقدمة نصممها وننتجها"، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وتكنولوجيا صناعة الطيران وهو ما "سيضرب بشدة طموحات (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين الإستراتيجية لتحويل اقتصاده نحو التصنيع".
ونددت روسيا، اليوم، بوضع آلاف الجنود الأميركيين في حالة تأهب بسبب الأزمة الغربية - الروسية حول أوكرانيا، ورأت في ذلك "تصعيدا للتوتر" من جانب واشنطن، وأطلقت مناورات عسكرية في الجنوب وشبه جزيرة القرم.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، للصحافيين، "نراقب بقلق كبير هذه التحركات الأميركية".
وأضاف أن الولايات المتحدة تتسبب من خلال ذلك "بتصعيد التوتر" كما فعلت أمس مع الإعلان عن سحب عائلات الدبلوماسيين الأميركيين من أوكرانيا بسبب خطر وشيك بحسب واشنطن، يتمثل باجتياح روسي لجارتها الموالية للغرب.
وكان البنتاغون قد أعلن، الإثنين، أن قوة عديدها 8500 عسكري أميركي وضعت في "حالة تأهب قصوى" تحسبا لاحتمال نشرها لتعزيز أي تفعيل لقوة التدخل التابعة لحلف شمال الأطلسي ردا على الأزمة الأوكرانية.
وقد حشدت روسيا 100 ألف جندي قرب الحدود الأوكرانية، مثيرة المخاوف من أن تكون تخطط لغزو جارتها الموالية للغرب، ما استدعى تحذيرات من دول الغرب.
وأفادت وكالات أنباء روسية أن القوات المسلحة الروسية أطلقت، الثلاثاء، سلسلة جديدة من المناورات بالقرب من أوكرانيا وفي شبه جزيرة القرم التي ضمتها، مع تدريبات تشمل ستة آلاف عنصر وطائرات مقاتلة وقاذفات.
من جانب آخر، ستتسلم أوكرانيا مساعدة جديدة من الولايات المتحدة تشمل "تجهيزات وذخائر لتعزيز القوات المسلحة الأوكرانية"، بحسب السفارة الأميركية، موضحة أنها قسم من مساعدة بقيمة 200 مليون دولار منحها البيت الأبيض في الآونة الأخيرة لكييف.
من جهته، أعلن حلف شمال الأطلسي أن دوله تعد لوضع قوات احتياطية في حالة تأهّب، وأنها أرسلت سفنًا ومقاتلات لتعزيز دفاعاتها في أوروبا الشرقية ضدّ الأنشطة العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا، فيما تعتبر روسيا من جهتها أن قوات الحلف في جوارها تشكل تهديدا وجوديا.
بدوره، قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إنه يريد أن يقترح "طريقا لوقف التصعيد" على الرئيس الروسي، بوتين "في الأيام المقبلة". وأكد الكرملين عقد محادثات بين الجانبين خلال الأسبوع.
وتستقبل باريس أيضا، يوم غد، الأربعاء، اجتماعا لمستشارين رفيعي المستوى مع ألمانيا وروسيا وأوكرانيا، في محاولة لإعادة إحياء الحوار الذي يعود إلى عام 2015 وبات مجمدا اليوم.
من جهته، دعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إلى عدم "التهويل" بشأن الوضع.
وأكدت الولايات المتحدة أنه ليس هناك "أي خلافات" مع الأوروبيين حول العقوبات التي ستفرض على روسيا في حال قيامها بغزو أوكرانيا ولا حول موضوع خطورة التهديد.
وللخروج من الأزمة تطالب روسيا بالتزامات خطّية بعدم ضمّ أوكرانيا وجورجيا لحلف شمال الأطلسي، وبسحب قوات وأسلحة الحلف من دول أوروبا الشرقية التي انضمت إليه بعد عام 1997، ولا سيما من رومانيا وبلغاريا. ومطالب روسيا لا يقبل بها الغربيون.
ووعدت روسيا "بالتداعيات الأكثر خطورة" في حال تم تجاهل "قلقها المشروع".
ويعتزم الغربيون فرض عقوبات شديدة غير مسبوقة في حال حصول غزو لأوكرانيا، رغم أن الكرملين بدا على الدوام غير مكترث بمثل هذا النوع من الردود.
وحضّرت المفوضية الأوروبية عدة احتمالات ستقدّمها للوزراء وستُضاف إلى الإجراءات التي اعتُمدت بعد الردّ على ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم في العام 2014.
وقال مصدر أوروبي إنه بين الاجراءات خفض مشتريات الغاز والنفط الروسيين اللذين يشكلان 43% و20% من إمدادات الاتحاد الأوروبي، لكن هذا الموضوع يثير انقساما بين الأوروبيين.
من الجانب الأميركي، يعتزم بايدن منع المصارف الروسية من استخدام الدولار، ما قد يوجه ضربة قاسية جدا لاقتصاد روسيا.
ومنذ مطلع السنة تواجه بورصة موسكو وأسعار صرف الروبل صعوبات بسبب حالة انعدام اليقين هذه.