ماس يصدر دراسة حول تمويل التنمية في فلسطين من خلال مؤسسات التمويل الصغير وبنوك التنمية: الخيارات والتحديات
أصدر معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) دراسة بعنوان "تمويل التنمية في فلسطين من خلال مؤسسات التمويل الصغير وبنوك التنمية: الخيارات والتحديات"، أعدها الباحثان د. عمر عبد الرازق ود. رابح مرار والباحثة المساعدة رند الطويل، وبدعم من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.
تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على خيارات وتحديات تمويل التنمية في فلسطين، الذي تلعب فيه مؤسسات التمويل الصغير دوراً رئيسياً، من خلال توفير التمويل الصغير للفئات الفقيرة، ومحدودة الدخل، والمهمّشة التي لا تستطيع الوصول إلى التمويل الذي يقدمه القطاع البنكي، وبخاصة مع إعلان الحكومة الفلسطينية تأسيس بنك الاستقلال للاستثمار والتنمية، وبعض الإشكاليات في القانون المتعلقة بعدم وضوح أهداف البنك والدور التنموي المنوط به، وعدم وجود رؤية شاملة للتنمية ومحاربة الفقر على المستوى الوطني.
وأظهرت نتائج الدراسة أن هناك فرصة كبيرة لنمو قطاع التمويل الصغير، وإزالة التحديات التي تواجهه من أجل تمكينه للعب دور أكبر في مجال تعزيز التنمية الشاملة والمستدامة في فلسطين، ولكن ذلك يتطلب اتّخاذ الإجراءات والسياسات المناسبة من مختلف الجهات ذات العلاقة، بما فيها تلك المتعلقة ببنك الاستقلال.
فيما يتعلق بسلطة النقد، يمكن أن تدرس التجارب العالمية التي تضمنتها الدراسة في مجال التمويل الصغير وبنوك التنمية والاستفادة منها، واعتماد التفريع والشمول المالي كجزء من مؤشرات التقييم والرقابة ضمن إطار سياسات التمويل الصغير. وتأمين خطوط تمويل مؤقتة لمؤسسات التمويل الصغير لمواجهة الطوارئ الناجمة عن السياسات الإسرائيلية المعادية للاقتصاد الفلسطيني، وذلك لتحصين المؤسسات من جهة، ولتستطيع تقديم المساندة المالية أو إعادة الجدولة للمشاريع الصغيرة المتضررة من هذه الإجراءات من جهة أخرى. بالإضافة إلى إنشاء آلية (بإشراف سلطة النقد) لتنسيق الخطط الإستراتيجية لمؤسسات التمويل الصغير (خطط لـ 3 سنوات)، بحيث تؤدي الآلية إلى وضع أولويات وتوجهات عامة ملزمة للمؤسسات، وأن يتم إشراك مؤسسات التمويل التنموي الأخرى في هذه الآلية. أيضا، دراسة إمكانية السماح لمؤسسات التمويل الصغير بقبول الودائع.
أما فيما يتعلق بمؤسسات التمويل الصغير، فلا بد لها من اعتماد مفهوم تنموي شامل من قبل مؤسسات التمويل الصغير يناسب الحالة الفلسطينية، وبخاصة الجوانب المتعلقة بمحاربة الفقر والتصدي للإجراءات الاحتلالية، ضمن إطار عام واستراتيجية موحدة للتنمية ومحاربة الفقر، تقوده المؤسسات الحكومية المختصة، وبتنسيق مع مختلف الفاعلين في هذا المجال؛ من مؤسسات القطاع الخاص، والقطاع الأهلي، والمؤسسات الدولية. وتشجيع أو إلزام العملاء بتلقي تدريب مالي وفني وتسويقي قبل تقديم أي قروض لأي فئة من المشاريع الصغيرة. وإجراء تقييم لعمل مؤسسات تمويل التنمية (المتوسطة والكبيرة-المحلية والدولية) العاملة في الاقتصاد الفلسطيني، (التي تمول مشاريعها حسب أولوياتها ولا تقوم بالإقراض) للاستفادة من تجاربها الناجحة وتطوير هذا القطاع بما يخدم الأهداف التنموية العامة، وتقاسم الأدوار التمويلية مع مختلف المؤسسات المصرفية وغير المصرفية. بالإضافة إلى الابتعاد عن القروض الاستهلاكية (أو التي تصب في الاستهلاك وليس في الإنتاج) من خلال تشديد شروطها، وذلك لقلة تأثيرها على التنمية، ولارتفاع مخاطر التعثر فيها.
وأوصت الدراسة أيضاً أن على بنك الاستقلال للاستثمار والتنمية العمل على تحقيق الشروط اللازمة لنجاح التجربة المستوحاة من تجارب الدول الأخرى، بما يشمل تطوير البيئة القانونية للبنك، بحيث يتم تحصينه قدر الإمكان من الواقع الاقتصادي والسياسي غير المستقر في الأراضي الفلسطينية. كما دعت التوصيات إلى أن أحد الخيارات أمام تصميم دور البنك هو عدم دخوله في مجال تقديم الخدمات التمويلية، وأن يكتفي بالإشراف والرقابة، وربما ضمان التمويل والتوجيه السياساتي الإنمائي. ومن جانب آخر، يمكن أن تكون أولويات البنك في المشاريع التنموية الكبيرة التي يحجم عن تنفيذها القطاع الخاص، أو أنه لا يقوى عليها وحده. يمكن الحديث هنا عن شراكات بين البنك والقطاع الخاص والقطاع الأهلي في بعض المجالات. وأن يكون البنك بنكاً ضامناً للمؤسسات التنموية المختلفة، بما فيها مؤسسات التمويل الصغير. وأن تُدرس -كهدف استراتيجي- إمكانية إدماج مؤسسات التمويل التنموي الحكومية الاخرى مع البنك، بحيث تتم الفائدة من وفورات الحجم الكبير والخبرة والانتشار التي تتمتع بها المؤسسات المالية التنموية، ويسمح بالتخصص القطاعي والإقراضي بدل المنافسة والتضارب في الأدوار. والتأكيد في قرارات تأسيس البنك على أهمية استقلالية مجلس الإدارة، وألا تكون للحكومة الغالبية المطلقة فيه، لتجنب التدخلات السياسية، ولتجنيبه الاختلال الإداري والمالي الذي يجتاح القطاع الحكومي. وأن يتم إتباع البنك من حيث الإشراف والرقابة والتنظيم إلى سلطة النقد الفلسطينية، ضمن أنظمة تراعي خصوصيته.
فيما يخص الحكومة، ضرورة توحيد القوانين الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة الخاصة بالاقتصاد وقطاع التمويل الإنمائي. وإنشاء صناديق أو برامج ضمان للتمويل الذي تقدمه مؤسسات التمويل الصغير. وتطوير قانون المصارف بحيث يأخذ بالاعتبار خصوصية مؤسسات التمويل الصغير، ودور المصارف العامة المستقبلي. بالإضافة إلى تطوير وتفعيل التكاملية في منظومة التمويل الصغير، التي تشمل مؤسسات التمويل الصغير، وسلطة النقد، والقضاء، وجهاز التنفيذ، ومؤسسات التوعية والتثقيف، وصناديق الضمان، ومؤسسات التأمين.