"فكرة إبداعية للحركة الأسيرة"
د. أبو خيزران يتحدث لراية عن القصة الكاملة لتجربة "النطف المحررة"
تحدث الدكتور سالم أبو خيزران صاحب التجربة الأولى في فلسطين لتخصص الإخصاب وأطفال الأنابيب، عن تجربة "النطف المحررة" للأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وقال د. أبو خيزران لـ"رايــة" إن "النطف المحررة" فكرة إبداعية للحركة الأسيرة، مشيرًا إلى أنه كان له الشرف في إجراء التجربة الأولى، لزوجة أسير من ميثلون جنوب جنين.
وأكد أن "النطف المحررة" قضية وطنية تمس كل الشعب الفلسطيني، لافتا إلى أنها تجرى مجانا كمساهمة مجتمعية دعما للأسرى، على الرغم من عرض فصائل تغطية تكاليفها.
الفكرة الأولى
ووفق استشاري أمراض العقم، فقد بدأت الفكرة لدى الأسرى عام 2000، واستشارت أهل العلم فيها وتبين أن هناك إمكانية لإجراء هذه العملية، "لكن هناك عقبات لا بد من تجاوزها".
أول تلك العقبات، الغطاء الشرعي، فقد طرحت الحركة الأسيرة القضية على مجلس الإفتاء الفلسطيني برئاسة الشيخ عكرمة صبري آنذاك، وبعد دراسة معمقة صدّر عنها عام 2003 فتوى بجواز ذلك ضمن ضوابط معينة. وفق د. أبو خيزران.
واستطرد : "حصلنا على الغطاء الشرعي، لكنه لا يكفي، وكان لا بد من غطاء سياسي، فطرحت القضية على الفصائل الفلسطينية وجميعها بلا استثناء تبنت الفكرة وشجعت عليها، على رأسهم ياسر عرفات وعبد العزيز الرنتيسي وخالد مشعل".
التجربة الأولى
وتلقى د. أبو خيزران العينة الأولى عام 2005 من زوجة أسير من ميثلون، برفقة شهود عدد 2 أو 3 من أهلها وأهل زوجها قرابة من الدرجة الأولى، على أن يتم لاحقا تجميدها (الحيوانات المنوية) وتحضير الزوجة والإشهار.
وقال : "قسمنا العينة إلى ثلاثة أقسام تحسبا لعدم نجاح التجربة الأولى (..) لكن هنا بدأت أتساءل حول المجتمع وأنه لا بد من إخبار الناس حتى لا يتفاجئوا بحمل زوجة الأسير.. فطلبت منها أن تخبر أقرباء زوجها وتشرح لهم.. فغابت عدة أشهر ثم عادت وأبلغتني بموافقتهم جميعا".
وجرت أول عملية أطفال أنابيب من "النطف المحررة" عام 2011، لكن الحمل لم يكتمل لسوء الحظ وتوفى الجنين في الرحم، وفق أبو خيزران الذي طمأن الزوجة؛ لأن هناك جزء من العينة ما زال مُجمدا ويصلح للاستخدام.
الولادة الأولى
وأضاف : "أجرينا العينة الثانية ونجح الحمل، وكانت الولادة الأولى في شهر أغسطس لعام 2012، بحضور وزير الأسرى آنذاك عيسى قراقع ووزير الصحة هاني عابدين. وانتشر الخبر في وسائل الإعلام كافة وسط ترحيب شعبي".
ويشير د. أبو خيزران إلى أنه تفاجأ عقب ولادة أول طفل من "النطف المحررة" بالاحتضان الشعبي الكبير والدعم النفسي "الذي لم يتخيله، لدرجة أن الكثيرين أصبحوا يريدون إجراء هذه التجربة". كما تحدث لراية.
وفي سياق حديثه، يؤكد د. أبو خيزران وهو رئيس مجلس إدارة المستشفى الاستشاري العربي، أن فكرة "النطف المحررة" من إبداعات الحركة الأسيرة ويعود الفضل الأول فيها لها، مشددا على أنها "قضية وطنية بامتياز".
ويلفت إلى أن قضية أطفال "النطف المحررة" نوقشت في مؤتمرات علمية عالمية وسط إشادة كبيرة، منوها إلى أنه لم يصادف أي تعليق سلبي على هذه الفكرة طوال مشواره المهني.
أطفال الأنابيب
ويعد د. أبو خيزران صاحب التجربة الأولى لتخصص الإخصاب وأطفال الأنابيب في فلسطين عام 1996، إذ بدأت في بريطانيا سنة 1978، وكانت ثورة أطفال الأنابيب بعد 1992 حينما وجدت طريقة لحقن الحيوان المنوي داخل البويضة تحت الميكروسكوب.
وكانت عملية أطفال الأنابيب مكلفة جدا وفرص نجاحها لا تتعدى 10%، لكن مع التطور العلمي والتكنولوجي أصبحت أقل تكلفة وتتجاوز فرص نجاحها للحالات الطبيعية 60-65%.
ووفقا للدكتور أبو خيزران، فإن هناك أكثر من 5 آلاف حالة أطفال أنابيب في فلسطين، فيما أصبح استخدام هذه العملية عالميا أوسع، إذ باتت ثلث حالات الولادة على مستوى العالم تعتمد على هذا النوع ولا يكون هناك سبب لتأخر الإنجاب والأمور طبيعية.
الجدير بالذكر أن د. أبو خيزران أنهى دراسة الثانوية العامة في نابلس عام 1975، ثم التحق بكلية الطب في جامعة الإسكندرية وتخرج منها في عام 1981، وعمل في مستشفى الاتحاد النسائي في نابلس، ثم التحق بمستشفى الأمير سلمان في السعودية؛ الأمر الذي أتاح له الفرصة للانتقال إلى لندن والعمل هناك لمدة 6 سنوات، كما حصل على التخصص والزمالة البريطانية في أمراض النساء والتوليد، وهو أيضا مدير عام مراكز رزان لعلاج العقم وأطفال الأنابيب في رام الله.