تجربة ناجحة بالخليل
الأزمة المرورية.. الازدحامات تتفاقم ولا حلول سريعة
تقرير راية: مرح حجازي
تشهد المدن الفلسطينية ازدحامات مرورية شديدة تزداد مع مرور الوقت، يلحظها ويشتكي منها المواطنون بشكل مستمر، إذ أن الازدحامات المرورية أحد أهم التحديات التي تواجهها المناطق الحضرية حول العالم لما له من تداعيات اقتصادية، وبيئية، وصحية جسيمة، وفلسطين ليست منفصلة عن هذا العالم الا ان خصوصيتها تزيد الامر تعقيدا نتيجة الزيادة المضطردة في أعداد المركبات خلال السنوات السابقة وعدم مواءمة البنية التحتية وتطويرها.
الأسباب والتشخيص
الاكاديمي والمختص بالهندسة المدنية د. خالد الساحلي يرى أن هناك أسبابا عدة تقف وراء الازدحام المروري الذي تشهده المحافظات بوتيرة حادة بالآونة الأخيرة، مؤكدا أن حجم استخدام المركبات والقدرة الاستيعابية لشبكات الطرق محدودة، واعداد المركبات في الوطن آخذة بازدياد، حيث أن في آخر 10 سنوات تضاعفت ملكية عدد المركبات على مستوى الضفة الغربية، في حين أن البنية التحتية لم تتطور، وبالتالي نتج عنها ازدحام مروري.
وأضاف الساحلي أنه ضمن الوضع الفلسطيني؛ فإن امكانية التوسعة محدودة، لكن توجد امكانية ادارة النظام المروري، وهذا يتطلب عوامل متكاملة منها تقليل الاعتماد على المركبات الخاصة عن طريق اجراءات اختيارية أو اجراءات قصرية احيانا، من خلال تحسين منظومة النقل العام، وزيادة عددها، وتحسين مستوى الخدمة، وايضا تحسين بيئة المشاة عن طريق توسيع الارصفة.
وقال الساحلي إن هناك انتشار لوسائل جديدة للتنقل، مثل الدراجات الهوائية التي تدار عن طريق المحرك الكهربائي، ويشجع على استخدام هذا النوع من المركبات، مشيرا إلى أنه من الملاحظ أن هناك زيادة لاستخدام هذه الدراجات لأنها تخلق فرصة لتخفيف مستوى الازدحام.
ولفت إلى أن هناك عامل اساسي يساهم في الازدحام المروري وهو سلوكيات الافراد، وسوء الممارسة مثل الاصطفاف المزدوج والوقوف الخاطئ الذي يعيق حركة السير بشكل كبير جدا، لذلك يعتبر الضبط الشرطي وان كان موجودا فهو محدود لأسباب كثيرة قد تكون اسبابا اجتماعية أو مجتمعية.
واعتبر الساحلي أنه اذا توفر القرار السياسي الداخلي سواء كان على مستوى الوزارة أو البلديات أو بشكل كامل متكامل وان كانت الفرصة متاحة ومتوفرة سيتم تطبيق هذه الحلول على ارض الواقع، ويجب أن يكون القرار مدعوم بوسائل تشريعية من الحكومة من أجل تحسين خدمات النقل العام، أو التحسين بشكل مؤقت عن طريق المحفزات الضريبية الجديدة المريحة بتوفير البنية التحتية للمشاة، أو الضبط البلدي أو الشرفي.
وحذر المختص بالهندسة المدنية من "سيناريو غير محتمل من الازدحامات في المرحلة المقبلة في ظل عدم وضع الحلول العاجلة"، الأمر الذي يتطلب تحركا سريعا من الجهات ذات العلاقة لمعالجة هذه المعضلة.
تعقيب وزارة النقل والمواصلات
موسى رحال الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات، قال إن فترة الاكتظاظ والازمة المرورية تكون غالبا وقت الذروة، وفي حالتنا الفلسطينية وبسبب ممارسات الاحتلال وحصاره وتقسيماته فإن جميع ساعات النهار تعتبر ذروة، حيث يمنع التطوير في الطريق ويحاصر السكان في المناطق المصنفة ( أ ) والتي تشهد اكتظاظا سكانيا عاليا مقارنة بالمناطق الاخرى.
وأضاف رحال في حديث خاص لـ "رايــة" أن وزارة النقل والمواصلات تحاول جاهدة العمل على اجراء الدراسات لإيجاد حلول للازدحامات المرورية في المدن، ومن نتائجها تطوير قطاع المواصلات والنقل العام والحافلات والدعوة الى استخدامها كبديل عن السيارات الخاصة، الامر الذي يمكن أن يخفف من الازدحامات لاسيما داخل المدن، مؤكدا أن الوزارة تعمل حاليا بشكل جدي وحثيث على متابعة وتطوير النقل العام وحافلاته بين المدن الكبرى.
وأشار إلى أن التعديات داخل المدن من قبل اصحاب المحلات التجارية والبسطات على الأرصفة والشوارع تعتبر سببا رئيسيا لخلق الازدحامات المرورية، داعيا جهات الاختصاص إلى التحرك والمتابعة وازالة تلك العوائق للحد من تلك الظاهرة المنتشرة.
وشدد رحال على دور السلطة التنفيذية في متابعة وتنفيذ القوانين بحزم، اضافة الى تنفيذ الخطط الاستراتيجية التي تنص على توسيع وتغيير اتجاهات بعض المقاطع عن طريق بناء الجسور والانفاق، مشيرا إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي تقف عائقا امام تنفيذ هذه الظروف؛ إلا أن بعض البلديات والمجالس عملت على تجاوزها ونفذت مشاريع تطويرية.
وأشاد بتجربة مدينة الخليل في ادارة الازمة المرورية والتخفيف منها والاستثمار في التكنولوجيا والنقل الذكي ودمجه بالمواصلات من خلال غرف التحكم لبعض المقاطع واشارات المرور، وأضاف: "أي تحكم مروري الكتروني يخفف الاكتظاظ في المفترقات، حيث سيتم تعميم العمل فيها على باقي المحافظات وفق امكانياتهم وتوفير المصادر لتنفيذ هذه التجربة".
تجربة بلدية الخليل
وحول تجربة بلدية الخليل في ادارة ومراقبة المرور، قال المهندس جلال ابو الحلاوة رئيس قسم المرور في البلدية، أن غرفة التحكم المركزية للإشارات الضوئية وهي الاولى من نوعها في فلسطين؛ تعمل وفق أحدث الانظمة الالكترونية التي تشمل نظام مراقبة التقاطعات المرورية، وهذا يعد مهم جدا لتقييم حال التقاطعات، ونظام التحكم عن بعد في الاشارات المرورية عن طريق اجهزة وكاميرات، والهدف الاساسي من هذه الاجهزة هو زيادة عدد المركبات التي تقوم بقطع التقاطع خلال ساعة واحدة، وبالتالي انسيابية في حركة المركبات.
وأكد أبو الحلاوة أن الحوادث المرورية في المفترقات قد قلت بسبب وجود أجهزة المراقبة والكاميرات، حيث لمس المواطن وجودها فأصبح يتجنب المخالفة ومسببات الحوادث، مشيرا الى أنها ورغم ما حققته من تخفيف للحوادث ليست حلا مروريا جذريا؛ وانما بحاجة الى خطة مرورية شاملة للمدينة كاملة للتخفيف من الازدحامات.
وشدد ابو الحلاوة على أن نجاح أي خطة مرورية يعتمد على تعاون الجميع، بداية من ازالة التعديات المرورية من المدينة، ونقصد بالتعديات المرورية "السيارات التي تقوم بنقل الركاب بأجر، البسطات واعاقة حركة السير، والوقوف الخاطئ، والتجاوزات المرورية، والابنية المخالفة في الشوارع"، داعيا الى ضرورة البدء في مرحلة النقل العام، لأنه يساعد في العملية المرورية وعدم عرقلة حركة السير.