استناداً إلى معايير مناهضة التطبيع المقرّة
اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل تفنّد أكثر حجج التطبيع انتشارًا
نشرت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل (BNC)، ورقة جديدة فندت فيها أكثر حجج التطبيع انتشاراً وذلك استناداً إلى معايير مناهضة التطبيع المقرّة في المجتمع الفلسطيني.
وقالت اللجنة في مقدمة الورقة التي وصل "رايــة" نسخة عنها: "مع تصاعد تطبيع أنظمة الاستبداد العربي والاستمرار في التطبيع الرسمي الفلسطيني، في مخالفة صريحة لقرارات منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا، ومع عودة تدفّق الدعم المالي الأمريكي والأوروبي السخيّ لمؤسسات التطبيع ومشاريعها، عاد التطبيع ليطل برأسه من جديد بذات المبرّرات والمسوغات البالية، التي لطالما رفضها شعبنا بقواه الحية. وهذا الظرف بالذات يستوجب من كل ذوي الضمائر الحيّة وكلّ أطرنا الوطنيّة أن تكون أكثر حذراً من مطبّات التطبيع وأكثر انخراطاً في مناهضته في وجه كلّ المسوّغات".
وأكدت اللجنة أنها تنظر "للتطبيع، سواء الرسمي أو المدني أو الشعبي، كسلاح فعّال بيد نظام الاحتلال والاستعمار-الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي لتقويض نضالنا الوطني من أجل حقوقنا غير القابلة للتصرف، وأهمها التحرّر الوطني والعودة وتقرير المصير".
واستطردت : "لذا، فمناهضة التطبيع هي ضرورة نضالية ومسؤولية فردية وشعبية جماعية".
وقالت : "كما في كل جوانب عملها، تسترشد حركة المقاطعة وقيادتها بمعايير وطنية وأخلاقية وحقوقية، فتبتعد تماماً عن وترفض الهجوم الشخصي ووسم الأفراد أو تخوينهم. فالحركة تهاجم النشاط أو التصريح التطبيعي بدلاً من وسم من قام به بالمطبّع".
وشددت على أنّها لا تعتبر"انتقادها لقيام جهة فلسطينية ما بالوقوع في مشروع أو لقاء تطبيعي وضغطها الأخلاقي للتراجع عن هذا التطبيع انتقاصاً من أو إلغاءً للتاريخ النضالي لتلك الجهة أو حكماً على نهجها ككل" مؤكدةً على أن "مناهضة التطبيع تتطلب وضع الأمور في نصابها وسياقها الصحيحين".
وجددت اللجنة التأكيد على أنّه "حسب معايير مناهضة التطبيع لحركة المقاطعة (BDS)، فإن أي علاقة بين جهة فلسطينية وأخرى إسرائيلية يجب أن يتوفّر فيها الشرطان التاليان لكي لا تكون تطبيعية:
1) ألّا تكون الجهة الإسرائيلية متواطئة في الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق شعبنا وأن تعترف علناً بالحقوق الشاملة لشعبنا بموجب القانون الدولي، [1] وعلى رأسها حق العودة للاجئين وإنهاء الاحتلال ونظام الأبارتهايد.
2) أن تكون العلاقة بين الجهتين علاقة نضال مشترك لإنهاء نظام الاحتلال والاستعمار-الاستيطاني والأبارتهايد".
وفيما يلي أكثر حجج التطبيع انتشاراً التي فندتها اللجنة استناداً إلى معايير مناهضة التطبيع المقرّة في المجتمع الفلسطيني:
"إن علاقتنا هي بجهات إسرائيلية متضامنة مع نضالنا ضد الاحتلال، لذا فهي ليست تطبيعية":
حسب تعريف التطبيع، الملخّص أعلاه، طالما لا تعترف الجهة الإسرائيلية المعنية علناً بحقوق شعبنا بموجب القانون الدولي، وعلى رأسها حق العودة، تُعتبَر العلاقة معها مخالفة لمعايير التطبيع، حتى لو كانت لقاءً "تضامنياً".
من الاستثناءات القليلة لهذا المعيار اللقاءات، لا المشاريع، بين المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية الإسرائيلية الرئيسية (ولا يشمل ذلك مؤسسات التطبيع مثل "مقاتلون من أجل السلام" و"كسر الصمت" و"One Voice" و"زمام" و"استراحة من الحرب" و"بذور السلام" وغيرها) للتنسيق المباشر ضمن ملفات محدّدة انطلاقاً من احترام القانون الدولي وحقوق شعبنا بموجبه. من أهم هذه العلاقات هي تلك التي تنسّق الجهود لمحاسبة الاحتلال ومنظومته أمام المحاكم الدولية والضغط المشترك على الحكومات والبرلمانات لمحاسبة نظام الاحتلال والأبارتهايد، إلخ. وفي معظم هذه اللقاءات تكون العلاقة قسرية، أي تُجبر فيها بعض أطر حقوقية فلسطينية للتعامل مع المستعمر وهيئاته مثل: المحاكم الإسرائيلية، قضايا الفلسطينيين في القدس ، مواجهة القرارات العسكرية مثل هدم منازل، إلخ.
"إن لقاءنا بالأطر الإسرائيلية يورّطها في دعم نضالنا":
مَن يُورّط مَن؟ إن الأطر الإسرائيلية التي ترعى التطبيع، وتتلقى تمويلاً سخيّاً من الغرب مقابله، هي الأكثر خبرة في توريط أطراف فلسطينية في سردية "مسؤولية الطرفين" و"ضرورة بناء الجسور بين الشعبين" و"التغلّب على خطاب الكراهية والتطرّف"، إلخ. فتاريخ التطبيع الإسرائيلي-الفلسطيني، بالذات منذ اتفاقية أوسلو الكارثية، حافل بتوريط شخصيات وأطر وطنية فلسطينية ذات تاريخ نضالي طويل في توفير أوراق توت للتغطية على نظام الاستعمار وجرائمه، أو بعض منها.
يوظّف نظام الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي كافة مكوّنات المجتمع الصهيوني، بما يشمل الكثير من مؤسساته الأهلية، في محاولات اختراق المجتمع الفلسطيني وصهر وعيه باليأس من أي مقاومة والتسليم بالأمر الواقع مع تعديلات شكلية. كما تعمل منظمات التطبيع في تناغم تام مع منظومة الاستعمار الإسرائيلي في تجريم المقاومة الفلسطينية، وبالذات حركة المقاطعة (BDS).
وإن كان هناك مكسب محدود هنا أو هناك لقضيتنا من وراء أي علاقة تطبيعية، حسب بعض الادعاءات، فالخسارة لقضيتنا أكبر دائماً، ولذلك لا يمكن قبول مسوّغات التطبيع، حتى لو تغاضينا لوهلة عن المبدأ.
"إن علاقتنا بمنظمات اليسار الإسرائيلي تعزّز فهمها لنضالنا وبالتالي تسهم في تقسيم المجتمع الإسرائيلي وإضعاف معسكر الأعداء":
لنميّز هنا بين ما يسمّى بـ"اليسار الصهيوني" واليسار الحقيقي المناهض للصهيونية والمؤيد لحقوق شعبنا غير القابلة للتصرف كافة، بما فيها حق عودة اللاجئين. فالأول هو جزء من معسكر الأعداء، ولطالما لعب دوراً خطيراً، ولا يزال بمعظمه، في الاستعمار والتطهير العرقي والأبارتهايد، ولكنه أذكى ويقدّم نفسه للعالم في ذات الوقت كحريص على "السلام" و"إنهاء الحروب" و"التعايش بين الشعبين"، دون ذِكر لأهمّ حقوق شعبنا بموجب القانون الدولي، أي حق العودة الذي يمس أكثر من ثلثي الشعب الفلسطيني بين لاجئ ونازح ومُهجّر داخل وطنه. إن العلاقة مع "اليسار" الصهيوني هي بالضرورة تطبيع (مع اختلاف المعايير لشعبنا في أراضي العام 1948).
أما اليسار الحقيقي، المناهض للصهيونية، فقد كان شريكاً في النضال منذ بداية مقاومتنا للاستعمار البريطاني وبعده الاستعمار-الاستيطاني الصهيوني لفلسطين. وهو اليوم اليسار الذي يؤيد كافة حقوق شعبنا ويدعم بمعظمه حركة المقاطعة (BDS) كأهم شكل للتضامن العالمي مع نضالنا التحرّري.
"لدينا تاريخ نضالي حافل، ولا ننتظر من أحد شهادة في الوطنية. نحن نعرف التطبيع ونعرف أن علاقاتنا بالإسرائيليين ليست تطبيعية":
إن أهم عامل مشترك بين جميع الجهات الفلسطينية التي تشارك في لقاءات أو مشاريع تطبيعية هو هذا الادعاء، بأن تاريخها الوطني يشفع لها وأنها ليست بحاجة لـ"شهادات في الوطنية" من أحد ولا لمن يوعّيها حول معايير التطبيع، بل هي تتبع معاييرها الخاصة.
إن معظم المتورطين في التطبيع، بسبب مكاسب أنانية أو أجندات مشبوهة، وهم ثلة قليلة جداً في مجتمعنا، بشكل عام يرفضون مرجعية اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة، التي تحظى بما يقارب الإجماع، كون معاييرها تمنعهم من تبرير تطبيعهم، فيلجأون للهجوم والتشكيك في هذه المرجعية لحرف النقاش عن تطبيعهم ولضرب كل مفهوم المرجعيات الوطنية.
أما الجهات الوطنية المنسجمة مع الغالبية الساحقة التي تعترف بمرجعية اللجنة الوطنية والتي تقع في التطبيع عن طريق الخطأ، لا كنهج، فيجب أن تنأى بنفسها عن هذا العُذر الذي لا يليق بتاريخها النضالي. فلا يمكن أن تكون هي الحَكَم حول ما إذا كان نشاطها يخرق معايير التطبيع أم لا، لسبب بديهي وهو تضارب المصالح.
إن معايير مناهضة التطبيع أُقرّت بصيغتها الأساسيّة في مؤتمر شعبي حاشد في رام الله في العام 2007، بإجماع القوى السياسية وجميع الأطر النقابية والاتحادات الشعبية وشبكات حقوق اللاجئين الفلسطينيين حول العالم وائتلافات المجتمع المدني، لذا فهي ليست بوجهة نظر تقابلها وجهة نظر الجهة المتّهمة بالتطبيع! تشكّل اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل أكبر تحالف في المجتمع الفلسطيني في الوطن والشتات، في النهاية. يدرك شعبنا بغالبيته الساحقة ذلك تماماً، ففي كل جدل صاخب حول ما إذا كان أي لقاء أو مشروع تطبيعياً أم لا، يعود المعظم لمعايير المقاطعة ومناهضة التطبيع المُقرّة جماعياً في حركة المقاطعة (BDS).
إن حركة المقاطعة (BDS) لا توزّع "شهادات في الوطنية"، بالتأكيد، وتحترم كل نضالات شعبنا وأطره الوطنية. ولكنها الجهة المخوّلة من قبل شعبنا للبتّ في قضايا المقاطعة والتطبيع بشكل أخلاقي ومهني وعلميّ، بعيداً عن أي أجندات سياسية أو أيديولوجية أو شروط مموّلين أو فساد أو تضارب مصالح. لذلك تصدر حركة المقاطعة مواقفها الواضحة والمدروسة في أهم قضايا التطبيع التي تستحق الرد العلني، ولا تحسب حساباً لأي اعتبارات أخرى، فمرجعيتها هي فقط للشعب الفلسطيني وإجماع قواه الحية، ونتوقّع من كل من تنتقد حركة المقاطعة تطبيعه/ا التراجع والاعتذار، بدلا من التشكيك اليائس، والفاشل في كل الأحوال، بمرجعية اللجنة الوطنية
"لم تُصدر حركة المقاطعة (BDS) موقفاً يدين مشروعنا/لقاءنا مع أطراف إسرائيلية، مما يدلّ أنها لا ترى في ذلك تطبيعاً":
إن حركة المقاطعة (BDS) تصب الغالبية الساحقة من جهودها وطاقاتها، التي تقوم على التطوّع بالأساس، في مقاومة نظام الاحتلال والاستعمار-الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي، الذي يعتبر الحركة (BDS) "خطراً استراتيجياً من الطراز الأوّل". ومن ضمن ذلك تناهض الحركة التطبيع كأحد أسلحة الاستعمار المسلّطة ضد نضالنا والهادفة لاستعمار عقولنا.
من هذا المنطلق، تختار الحركة أهدافها ومعاركها بعناية وحكمة وبشكل استراتيجي، وبروح مسؤولية عالية ومبادئ أخلاقية سامية، وتأخذ الظروف القائمة بالحسبان دائماً. لذا، لا تصدر موقفاً في كل قضية ولا تخوض حملة ضد كل هدف. ولكن عدم وجود موقف علني للحركة لا يعني بأي شكل أنها تقبل بهذا اللقاء أو ذلك المشروع. ودائماً تحثّ اللجنة شعبنا والأطر الشعبية على نقد ومواجهة كلّ تطبيع، بالرجوع إلى ذات المعايير، دون تخوين أو هجوم شخصي على أحد.
الأحرى في أي حالة رمادية، أي غير واضحة، أن تقوم الجهة الفلسطينية المعنيّة بالتواصل مع اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل واستشارتها حول معايير المقاطعة ومناهضة التطبيع. فبعض أشهر الفنانين/ات والمثقفين/ات والسياسيين/ات والنقابيين/ات والقيادات الشعبية في فلسطين والعالم العربي والعالم أجمع يقوم باستشارة الحركة حول المعايير، ولا يرى في ذلك انتقاصاً من شأنه ولا تقليلاً من تاريخه النضالي بل استرشاداً بالمرجعية ذات الاختصاص في هذا المجال.
"فوجئنا بمشاركة أطراف إسرائيلية لم نكن نعلم مسبقاً بأنها ستشارك في لقائنا":
لقد وردنا هذا التبرير كثيراً على مدى سنين، وأحياناً من قيادات وطنية، لتبرير مشاركتها في لقاءات تطبيعية أدانتها اللجنة. لا تعتبر حركة المقاطعة (BDS) هذا المبرّر مقبولاً ولا منطقياً، وهو في كل الأحوال لا يخلي مسؤولية كل من شارك في أي نشاط تطبيعي في الفحص والتدقيق قبل القيام بأي نشاط أو المشاركة فيه. كما لا يمكن أن يبرّر ذلك، إذا افترضنا دقّته، استمرار مشاركة المعني في النشاط التطبيعي، بدل الانسحاب وإصدار موقف علني للشعب لتوضيح ملابسات ما حدث.
"إن نقدكم لنشاطنا واعتباره تطبيعاً هو قمع لحريتنا في التعبير":
ربما يعتبر البعض هذا الادّعاء مُغرضاً بشكل جليّ أو سخيفاً أو مغرقاً في الذاتية، ولكن حركة المقاطعة كانت قد أفردت وثيقة خاصة للردّ عليه، لأننا لا نستخفّ حتى بهذا الادعاء، الذي يكرّره البعض دون تفكير كافٍ بالخلط المقصود فيه بين حرية التعبير، التي ندافع عنها بمبدئية وصلابة، و"حرية التطبيع"، التي نرفضها جملة وتفصيلاً، والفرق بينهما شاسع!
حول التفاعل مع الإعلام الإسرائيلي الصهيوني:
نُذكّر بمعيار اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل الذي يدعو "المثقفين/ات والأكاديميين/ات والسياسيين/ات والنشطاء/الناشطات العرب (بمن فيهم/ن الفلسطينيون/ات) لعدم النشر في أو إجراء مقابلات مع وسائل الإعلام الإسرائيلية المتواطئة، بما فيها الصفحات الرسمية الإسرائيلية في وسائل التواصل الاجتماعي"، بغضّ النظر عن الملف الذي يتم نقاشه عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية أو الغاية من المشاركة.