تمكين المرأة الفلسطينية وحمايتها.. أين وصل؟
خصص برنامج "قضايا في المواطنة" الذي يبث عبر "رايــة" موجة لمدة ساعتين حول (تمكين المرأة الفلسطينية وحمايتها أين وصل)، وذلك بتنفيذ من المؤسسة الفلسطينية للتنمية والتمكين المحلية (REFORM) ضمن مشروع توائم المنفذ بالشراكة مع مؤسسة المساعدات الشعبية النرويجية (NPA).
على الرغم من النداء المستمر من قبل المؤسسات النسوية والمجتمعية لضرورة سن قوانين وتشريعات فلسطينية مبنية على المساواة ما بين بين الجنسين منها قوانين حماية الأسرة من العنف والأحوال الشخصية والعقوبات، إلا أن الإنجازات في تحقيق بيئة آمنة وصحية للنساء ما زالت بطيئة لجملة أسباب.
حول سبب عدم حصول النساء على أي قوانين تلغي التمييز بين المرأة والرجل بعد ثلاثة عقود من النضال النسوي والحقوقي، أرجعت السيدة آمال خريشة مديرة جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية ذلك إلى "غياب إرادة سياسية لتعميق مضامين ومعاني المواطنة باتجاه تحول نوعي لطبيعة العلاقات في المجتمع والانتقال بها من مستويات مختلفة".
وأشارت خريشة إلى أنه لم يتم إجراء أي تعديل جوهري على القوانين منذ الانتخابات الأولى التي جرت عام 1996، مطالبة بسن رزمة قوانين أسرة في فلسطين مثل تلك الموجودة في جمهورية مصر العربية.
وذكرت أن النساء في منظومة القوانين هن ملك للرجل يتمتعن بمرتبة دنيا ويستند إلى الطبقة والفئة والتنظيم السياسي وبالتالي هي منظومة مركبة من القمع والقهر ويضعف قدرة النساء على النضال ضد الاحتلال.
وشددت خريشة على ضرورة إعادة النظر في مفهوم التنمية والتمكين للنساء، منوهة إلى ضرورة التركيز على الحقوق الفردية؛ لأننا تحت احتلال "بالتالي يجب مساواة النساء".
وتابعت إنه "من حق الناس أن تنتمي لأي تنظيم أو أي جهة تعبر عن مصالحها وقيمها لكن ليس من حق أي تنظيم أي يقوم بتكفير شخص أو نشر الكراهية وبلورة توجهات تحمل التهديد والوعيد وتعمل على مس الحريات (..) نحن مع الانتخابات والدولة تصاغ نظمها وفق الأغلبية التي تفوز لأنهم ممثلين عن الشعب وتم انتخابهم".
وعدّت خريشة أن "الهجوم على الحركة النسوية وسيداو والنساء له مضامين سياسية تؤدي إلى إضعاف المجتمع كونه متعلق بأجندة غير وطنية". ونوهت إلى أن الاحتلال يستغل ذلك واستضعاف النساء، محملة الأحزاب المسؤولية عن عدم تبني قضايا وحقوق النساء.
بدورها، قالت منيرفا قسيس أكاديمية في موضوع الجندر بجامعة بيت لحم إن هناك تيار في المجتمع الفلسطيني يدافع عن الرؤية الدينية فيما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية والعقوبات؛ "لأننا ندعو لقوانين مدنية يتعامل فيها الرجال والنساء باعتبارهم مواطنين".
وبحسب قسيس، يلاحظ في القوانين المطبقة حاليا وجود ظلم ولا مساواة واضحة، لافتة إلى أن الغالبية يدركون عدم وجود عدالة، لكن نسبة المطالبين بالتغيير ضئيلة جدا.
وأضافت أن الرهان على الشباب لتغيير الواقع في المجتمع، في وقت تستهدف المؤسسات النسوية النساء بالدرجة الأولى، "بالتالي يجب إشراك الرجل"؛ لإحداث توازن فيما يتعلق بالمنظومة الاجتماعية.
وألمحت قسيس إلى أن البعض يبني معرفته من انفعالات وليس من منطق "ما يؤدي إلى رأي غير سليم بسبب عدم الاطلاع والقراءة والحصول على المعلومة من مصدرها الصحيح".
وفي السياق، قال الناشط أحمد الحاج أحمد من بلدة عرابة في جنين إن إن قانون العشائرية والعائلة يسيطر على مدينة جنين والبلاد بشكل عام ولا تستطيع المرأة منافسة الرجل نظرا لتهميشها ولا يتم السماح لها بترشيح نفسها أمام الرجل، وذلك رغم التضحيات التي قدمتها النساء والقوانين الدولية عامة والدستور الفلسطيني خاصة.
ووفقا للناشط الحاج أحمد، فإن هناك عدم تساوي في تمثيل المرأة الفلسطينية بالسلطة.
واعتبر الناشط الشبابي أن المؤسسات النسوية في الشارع الفلسطيني تعمل جاهدة على قضية تمكين النساء لكن يظل الأمر بحاجة إلى التأثير والعمل على تغيير الواقع في المجتمع.
وأعرب عن أمله بأن تكون المرحلة القادمة أفضل فيما يتعلق بحقوق النساء، مشددا على ضرورة أن يقوم الشباب بإعطاء صوتهم في أي انتخابات لمن يستحق بغض النظر عما إذا كان رجل أو سيدة.
وفي الجزء الثاني من الموجة حول (خطاب الحكومة فيما يتعلق بقانون حماية الأسرة من العنف)، تحدثت إلهام سامي الناشطة النسوية وعضو مجلس إدارة جمعية "النجدة" الاجتماعية، وخلود عبد الخالق مدير عام الشؤون القانونية في وزارة التنمية الاجتماعية، ورغد نيروخ إعلامية وناشطة شبابية من الخليل.
وقالت الناشطة إلهام سامي إن هناك خطاب يحمله بعض القادة السياسيين في مجلس الوزراء "واضح وعالي ومحدد، فيه إرادة حقيقية"، لكن الأغلب في الحكومة خطابهم يتفق مع معظم أفراد المجتمع.
وأضافت سامي أن "الدافع الذاتي شرط مهم كي تكون المرأة قادرة وفاعلة".
من جهتها، قالت عبد الخالق إن وزارة التنمية بالتنسيق مع الوزارات ذات العلاقة عكفت في السنة الأخيرة على مراجعة قانون حماية الأسرة من العنف والملاحظات الواردة فيه ما أدى إلى تطوير مسودة القانون، لافتة إلى وجود جهات غير متقبلة للقانون في المجتمع.
وكشفت أن "قانون حماية الأسرة من العنف خرج من وزارة التنمية إلى قبة الحكومة أول أمس"، مشيرة إلى أنه بالتنسيق مع وزارة العدل وشؤون المرأة يوجد إصرار لدى وزارة التنمية لعدم عرض القانون بشكل أولي إنما نهائي.
وأضافت : "أخذنا ملاحظات والقانون يتعاطى مع كل قضايا العنف ويؤدي لحماية حقيقية للمرأة وكل أفراد الأسرة الفلسطينية وتم تطوير محاور الوقاية المجتمعية ودور وزارة التنمية وشؤون المرأة لوضع اسراتيجيات الوقاية والحماية وأدوات الحماية"، منوهة إلى أنه من الضروري صدور القانون في القريب العاجل.
أما الإعلامية والناشطة رغد نيروخ، فقد قالت إن النساء في محافظة الخليل بحاجة للتمكين والقوية في أبسط الأمور والاختيارات وصولا للمشاركة السياسية الفعالة، مشيرة إلى وجود مصطلحات في هذا الموضوع لا تزال بحاجة لمعالجة منها موضوع السلطة الذكورية السائدة.
وأضافت أن التقوية خطوة ثانية بعد تمكين النساء، وذلك من خلال الحصول على فرصة في أبسط المتطلبات والحقوق، موضحة أنها لا تزال غير متاحة في الخليل مقارنة بمحافظات فلسطينية أخرى.
وأشارت إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في فكر المجتمع وتربية الأهل والتنشأة الذكورية بالإضافة إلى المناهج الموجودة التي تشجع على الذكورة، داعية وزارة التربية والتعليم لتعزيز الفكر البناء ومكانة المرأة في التعليم.
ولفتت نيروخ إلى أهمية العمل على تثقيف المعلمين وجميع فئات المجتمع بشكل عام فيما يتعلق بموضوع قضايا النساء وحقوقهن، مؤكدة أهمية تغيير الفكر النمطي الرجعي عن المرأة.