عقد لقاء حول أعمال لجنة الخبراء الخاص بتمويل الأونروا
عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) لقاء لعرض التقرير الملخص حول أعمال لجنة الخبراء الخاص بتمويل الأونروا 2020-2023 بمشاركة مجموعة من المهتمين والمختصين وذوي الخبرة من مختلف القطاعات، وجاهياً في مقر المعهد وعبر تقنية الزووم.
افتتح الجلسة المدير العام للمعهد السيد رجا الخالدي مؤكدا على أن هذا المشروع ليس بصدد تناول حقوق اللاجئين أو خدمات الأونروا ودورها بل لدعم استمراريتها المالية، واستذكر بأن مداولات لجنة الجزاء أكتشف مجدداً " ثلاث حقائق ثابتة:
حقوق اللاجئين هي أم الحقوق: وتتضمن العودة + التعويض
قضية اللاجئين قضية عالمية /عربية/ فلسطينية تجمع الجميع في إطار حقوقهم المشروعة
الأونروا بين ثلاث ضغوطات:
أ. إنكار إسرائيل لمبرر وجودها ولحقوق اللاجئين المشروعة للتمتع بحياة كريمة
ب. توقعات وحقوق الإنسان الفلسطيني اللاجئ.
ج. توجه المجتمع الدولي للتبرؤ من مسؤولياتها التاريخية القانونية تحت ذرائع مختلفة، تارة سياسية وتارة الإدارية وتارة مالية، لكنها كلها تستند أي مقولة بن غوريون أن "الكبار يموتون والصغار ينسون". الذي أظهر التاريخ بطلانها.
وأوضح الخالدي فيما يتعلق بالتقرير بأنه: ليس بيان صادر عن المشاركين بل تقرير مؤسستي ماس وHBS حول نقاط التوافق والإجماع التي لابد من تسهيلها في أي نقاش حول التمويل المستدام للأونروا، نأمل أنه سيساهم بإبقاء موضوع الأونروا، وموضوع اللاجئين على جدول أعمال شعوب وحكومات العالم، والمؤتمر القادم للمانحين خير دليل أهمية مثل هذه الجهود العلمية الأهلية الصادقة.
ويشير التقرير إلى أن قرار الإدارة الأمريكية السابقة ساهم في العام 2018 بوقف مساعدات الولايات المتحدة المقدمة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، والتي تعد أحد أكبر وأقدم المانحين الداعمين لموازنة الوكالة، بتسليط الضوء على هشاشة منظومة دعم المجتمع الدولي للاجئي فلسطين والتي تبين أنها مشروطة سياسيا. تخطت الأونروا هذه الأزمة وعادت الولايات المتحدة لتنضم للتحالف الدولي المعترف بشرعية الأونروا، وان كان ذلك ضمن إطار جديد من الشروط التمويلية. لا تزال المداولات جارية بين المانحين والدول الأعضاء في الأمم المتحدة حول طبيعة ونطاق التزاماتهم طويلة الأجل لتمويل الوكالة. من هنا تأتي أهمية دراسة نموذج التمويل المعتمد في الوكالة والذي يعتمد على الحصول على مساهمات طوعية من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بهدف استكشاف الخيارات البديلة. فعلى مدار الأشهر الستة الماضية، عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية (ماس) بالشراكة مع مؤسسة هنريش بول (فلسطين والأردن) سلسلة من ورش العمل التي ضمت فريق خبراء مختص مكلف ببحث الخيارات البديلة المتاحة لتوفير تمويل لوكالة الأونروا مستقبلا. هدفت الورش لتحديد نماذج لتمويل الأونروا تحفظ حقوق اللاجئين الفلسطينيين والخدمات الأساسية التي يستفيدون منها، وضمان إسماع وجهة نظر الفلسطينيين وإعلاء صوتهم. ضمت اللجنة باحثين وخبراء فلسطينيين ودوليين بارزين مختصين في قضايا اللاجئين وتخصصات أخرى ذات علاقة (ترد أسماء المشاركين في القائمة أدناه).
ويبين التقرير أن المواضيع المطروحة للنقاش على جدول أعمال اللجنة تضمنت ما يلي:مراجعة الخدمات الأساسية التي تقدمها الأونروا على ضوء دراسة مقارنة لاحتياجات اللاجئين كافة؛إمكانية زيادة التمويل من القطاع الخاص والجمهور عامة؛ زيادة الدخل من الصناديق المركزية للأمم المتحدة؛ بحث تجربة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في حشد الأموال من خلال أعمال خيرية إسلامية؛ بحث جدوى ربط ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين المصادرة بتمويل أنشطة الأونروا التي تدعم اللاجئين بشكل مباشر، وبحث إمكانية توظيف الاقتصاد الأخضر لدعم مجتمعات اللاجئين. كما تمت الإشارة إلى مجموعة من الموضوعات التي تحتاج لمزيد من النقاش، ومنها فكرة إبرام "عقد اجتماعي" مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والحصول على قرض ضخم طويل الأجل من البنك الدولي. على ضوء الخطوات الأخيرة لعدد من المانحين الرئيسيين، وخاصة الولايات المتحدة، والمتعلقة بفرض شروط مقيدة لاستخدام مساهماتهم وبالتالي على أنشطة الأونروا، استضاف معهد "ماس" ومؤسسة هنريش بل (فلسطين والأردن) هذه المداولات والتي جاءت في وقت مناسب للغاية استجابة لما يجري في الساحة. توفر هذه النقاشات فرصة إعطاء الأولوية للتأكيد على أنه لا يوجد سوى حل سياسي لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه لاستكشاف الصعوبات التي تواجه المضي قدماً في تحقيقه.
يذكر أن معهد "ماس" ومؤسسة هنريش بول (الأردن وفلسطين) قام بإعداد وإصدار هذا التقرير المختصر لمداولات اللجنة المختصة التي ضمت 28 خبير ومختص في كافة المجالات ومن مختلف الجنسيات والفئات العمرية، والذي لا يعكس بالضرورة آراء المشاركين بشكل شخصي أو المؤسستين المنظمتين للورش.
إن استمرار دعم الدول المانحة للأونروا وتفويضها بتقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين على مدار الـ70 عاما الفائتة، يشكل جزءا لا يتجزأ من التزام المجتمع الدولي بقضية اللاجئين الفلسطينيين واعترافا بحقوقهم الشرعية المكفولة بموجب القانون الدولي، وبخاصة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
بموجب تفويض الجمعية العامة الممنوح للأونروا، فإن الوكالة ملزمة بالتركيز بشكل أساسي على تقديم المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين. بينما يتم تفسير ذلك على نطاق واسع ليشمل أيضا حماية حقوق اللاجئين، وبغض النظر عن التمثيل السياسي للأمم المتحدة في اللجنة الرباعية الدولية، إلا أن الأونروا غير مفوضة بإيجاد حل سياسي وعادل لقضية اللاجئين.
لذلك، فإن تركيز معظم المقترحات لتطوير نموذج التمويل الحالي وتحسينه على إعطاء الأولوية للبعد الإنساني في نطاق عمل الأونروا وأنشطتها، وتأخير النظر في الحل السياسي إلى أجل غير مسمى، يعد باعثا حقيقيا للقلق. برغم أن بعض هذه المقترحات ستوفر مجالًا لتكثيف حملات المناصرة والدفاع عن حقوق اللاجئين، إلا أنه من المحتمل أيضا أن تقتصر هذه الأنشطة على جزء هامشي من أنشطة الوكالة الأساسية.
من المبرر التخوف من أن يؤدي التحول نحو التمويل غير الرسمي للأونروا، أي التمويل من غير الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، لإضعاف التزام المجتمع الدولي بمسؤوليته القانونية تجاه إيجاد حل دائم لقضية اللاجئين الفلسطينيين. نظرا لأن التوصل لحل سياسي أمر لا بد منه، فإن الحرص على إبقاء الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مرتبطة بالأونروا أمر بالغ الأهمية للتوصل إلى حل مرضي لجميع الأطراف، فلطالما كانت مساهماتهم دليلاً على هذه العلاقة. بناء على ذلك، يتوجب اعتبار أي قنوات تمويل جديدة من غير الدول الأعضاء، تمويلا إضافيا للتمويل الرسمي الموجه من الدول الأعضاء لخدمات الأونروا الأساسية الحالية.
إن رفع المساهمة المقدمة للأونروا من الصناديق المركزية للأمم المتحدة يعد قرارا شائكا، على الرغم من وجود إجماع واسع على ضرورة سياسية وإنسانية تبرر هذا التوجه. فمن جهة، سيؤدي تنفيذ القرار إلى توفير دخل مخطط له في موازنة الأونروا، ومن مساوئه أن نسبة كبيرة من موازنة الأونروا ستتأثر بالسياسات الداخلية للأمم المتحدة وستضيف اشتراطات إضافية من اللاعبين الرئيسيين في منظومة الأمم المتحدة. قد يؤدي أيضا إلى إبعاد وكالات الأمم المتحدة الأخرى التي تساهم في تمويل موازنة الأونروا والعديد من الدول الأعضاء التي تعارض رفع مساهمتها في موازنة الأونروا بشدة.
تظهر تجربة حشد الأموال من خلال العمل الخيري الإسلامي (على سبيل المثال، الوقف، والزكاة، والصدقة وما إلى ذلك) إمكانات واعدة. ولكن المبالغ المتوقع حشدها لا تزال متواضعة مقارنة بالمساهمات الطوعية للدول الأعضاء. لذلك يمكن اعتبار هذه الأموال مساهمات إضافية فقط. كما أن العديد من هذه الأساليب لا تعد مناسبة لطبيعة الخدمات التي تقدمها الأونروا (على سبيل المثال، يرتبط الوقف عادة بالأصول أو الممتلكات مما قد ينجم عنه تكاليف إدارية مرتفعة). من المخاوف الأخرى إمكانية أن يكون لدخول الأونروا نطاق العمل الخيري الإسلامي بمجالاته الواسعة تأثير سلبي على الأموال المتاحة لمؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، والتي تعاني أصلا من تراجع أعداد المانحين. هناك أسئلة أخرى تتعلق بما إذا كانت الطبيعة المحافظة لهذه المصادر التمويلية قد تعيق التقدم الذي أحرزته الأونروا في مجالات تعزيز المساواة بين الجنسين.
كما ناقشت اللجنة فكرة الربط بين ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين المصادرة وتمويل أنشطة الأونروا بطرق تعود بالفائدة على اللاجئين مباشرة. على صعيد المناصرة، يجب تسليط الضوء على التناقض الصارخ بين حجم وقيمة أعمال المصادرة لممتلكات اللاجئين المادية والإحساس المعنوي بالحرمان الذي يعيشونه باستمرار والذي لا يمكن لخدمات الأونروا تعويضه. مع ذلك، فإن أي ربط يفصل بين حقوق الملكية للاجئين سواء الفردية أو الجماعية وحقهم بالتعويض، عن الموقف القانوني الدولي الحالي هو أمر غير مقبول.
خلال الشهر الحالي، ستبحث لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار (الرابعة) التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة (التي تعمل على مدار ما يقرب من السبعين عاما على التوالي)، البند الدائم على جدول أعمالها - البند رقم 54 والذي يستعرض نطاق عمل وتمويل الأونروا، ما يشكل فرصة لتكثيف الجهود الدبلوماسية والسياسية لمناصرة توفير تمويل مستدام للأونروا من الميزانية العادية للأمم المتحدة.
كما تجدر الإشارة إلى أن لجنة التوفيق الدولية بشأن فلسطين التابعة للأمم المتحدة(UNCCP) ، التي تم إنشائها ما بعد العام 1948 لتسجيل وإدارة أصول اللاجئين الفلسطينيين، تواصل تقديم "تقريرها" السنوي إلى اللجنة الخاصة (الرابعة) التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إنهاء الاستعمار، مذكرة مرارا وتكرارا فيه "أنه لا جديد للإبلاغ عنه منذ تقريرها الأخير". وهو ما يعكس نهجا بيروقراطي لا يراعي حساسية القضية الأساسية المتعلقة بحقوق اللاجئين. إذ يتوجب بدلا من هذا الدور غير الفعال، تمكين هذه اللجنة من خلال مبادرة دبلوماسية تطالب وتدعو إلى الاهتمام بأصول اللاجئين التي تصادرها وتديرها دولة إسرائيل.
بناء على ما سبق، هناك حاجة لوضع استراتيجية لتفعيل المشاركة النشطة في هذه القضايا من قبل أصحاب العلاقة الرئيسيين بشأن مسألة تجديد تمويل الأونروا، وتحديدا من خلال الاستمرار في الاهتمام بشؤون الأونروا من خلال منتدى موثوق مختص بالدراسة والنقد البناء والتشجيع في البحث عن نماذج تمويل مناسبة للأونروا لدعم لاجئي فلسطين. من المفيد استمرار أعمال لجنة الخبراء خلال العام 2022 لاستكشاف الخيارات الممكنة بمزيد من التفصيل، بما في ذلك إمكانية البحث في مصير ممتلكات اللاجئين المصادرة وجدوى مبادرات الاقتصاد الأخضر ضمن جهود إعادة تمويل الأونروا.
تلوح فرصة هامة لطرح هذه القضايا للنقاش مع قرب انعقاد مؤتمر المانحين الدولي للأونروا، الذي سيعقد تحت عنوان "الحفاظ على الحقوق والتنمية البشرية للاجئين الفلسطينيين" برعاية أردنية وسويديّة في بروكسل في 16 تشرين الثاني 2021. يهدف المؤتمر إلى: "حشد الدعم السياسي والمالي المستدام للوكالة لتمكينها من الاستمرار في تقديم خدماتها الحيوية بكفاءة ودون انقطاع بموجب تفويض الجمعية العامة للأمم المتحدة"، وهو ما يتناغم مع أهداف أعمال لجنة الخبراء.