وزارة الاقتصاد تعقّب
تقرير: غلاء مرتقب على سلع غذائية أساسية في فلسطين
أثارت مؤشرات اقتصادية عالمية حول ارتفاع أسعار سلع غذائية اساسية المخاوف في السوق المحلي من ارتفاع مرتقب على بعض السلع من بينها الحبوب وخاصة القمح والشعير وكذلك الزيوت النباتية والسكر والأرز بدءًا من مطلع الشهر المقبل.
وقال صلاح هنية رئيس جمعية حماية المستهلك، إن الجمعية تواصلت مع تجار الجملة الذين أكدوا أن أسعار العديد من السلع الغذائية الأساسية ستشهد ارتفاعا بدءا من مطلع الشهر المقبل بنسب تتراوح بين 15-20% نتيجة ارتفاع هذه السلع من مصادرها العالمية.
وأكد هنية في حديث لـ "شبكة الصحفيين الاقتصاديين"، أن التجار ابدوا التزامهم بالأسعار الحالية دون رفع، لكنهم اوضحوا أنهم سيضطرون إلى زيادة الأسعار بدءًا من مطلع الشهر المقبل.
ودعت جمعية حماية المستهلك الفلسطيني في بيان الحكومة الى التدخل لضبط ارتفاع الاسعار لسلع اساسية وتخفيف الأثر على المستهلك الفلسطيني محدود الدخل والعاطلين عن العمل والفقراء، خصوصًا ان فلسطين تتلقى تضخم السوق العالمي والاقتصاد الإسرائيلي في الوقت الذي تراجعت فيه القدرة الشرائية وسط ارتفاع نسبتي البطالة والفقر.
واضافت الجمعية أن ارتفاع تكاليف الشحن والنقل وارتفاع الاسعار من مصدرها أدت الى هذه الارتفاعات وكوننا نعتمد على استيراد السلع الغذائية ونخضع للغلاف الجمركي الموحد حسب برتكوول باريس الاقتصادي ونتلقى صدمات التضخم.
ودعا هنية الى ايجاد حلول خلاقة في السوق الفلسطيني للحد من التضخم وحماية حقوق المستهلك وتخفيف الأثر على تجار التجزئة الذين سيكونون مضطرين للارتفاعات، رغم أن السوق بدأ يشهد الارتفاعات دون وضوح الرؤيا بخصوص الاسعار في السوق العالمي.
تاجر جملة: الأسعار ترتفع تباعا
واكد فيصل درس أحد تجار الجملة في مدينة رام الله والبيرة لـ "شبكة الصحفيين الاقتصاديين" ارتفاع ملحوظ على أسعار عدة سلع أساسية بدءا من مطلع الشهر المقبل.
وقال درس: إن ارتفاع الأسعار عالمي بامتياز وسينعكس بشكل مباشر على السوق المحلي منذ مطلع الشهر، مشيرًا إلى أن سعر الطحين ارتفع عالميا بنسبة 10% حتى الآن ومن المتوقع ارتفاعه إلى 15% مع مطلع الشهر المقبل لتصل حصيلة الارتفاع إلى 15%، منوها إلى ان التوقعات العالمية تشير إلى أن الارتفاع في السلع الأساسية سيتسمر حتى شهر نيسان المقبل نتيجة ارتفاع الطلب العالمي عليها وسط تراجع العرض.
واكد درس ان بعض السلع ارتفعت فعلا خلال الشهور الثلاثة الماضية، فمثلا الزيوت النباتية ارتفعت بنسبة 100%، لافتا إلى أن أسعار السكر عالميا ارتفعت بنسبة 50% والبقوليات بنسبة 30-40%. ومن بين الأسباب التي أكد درس انها تقف وراء ارتفاع السلع، تضاعف أسعار الشحن عالميا بنحو ثلاثة أضعاف، بالإضافة إلى تراجع العرض نتيجة عوامل طبيعية وحرائق أتت على جزء كبير من المحاصيل في الدول المصدرة لهذه السلع.
"الاقتصاد": نتابع وضع السوق
وأشار ابراهيم القاضي مدير دائرة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني في تصريحات صحفية إلى أن الوزارة تتابع عن كثب السوق وارتفاع الأسعار بداخله.
وقال القاضي: إن ارتفاع الأسعار يعود إلى التبعات الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا في العالم ككل ما أثر على السوق الفلسطينية.
وأشار إلى ان الوزارة دعت المستوردين للسلع الأساسية إلى إعادة تغيير وجهات الاستيراد إلى البلدان الأقل تكلفة.
وتوقع القاضي ان تستمر الأسعار الحالية حتى نهاية العام في انتظار التغييرات التي ستحصل على إجراءات كورونا في العالم.
"الفاو": هكذا تغيرت المعطيات خلال عام
وسجل مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الغذاء ارتفاعا بنسبة 1.2% خلال شهر ايلول مقارنة مع مستواه المسجل في شهر آب الماضي، بينما ارتفع بنسبة 32.8% مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي.
ويعزى القسم الأكبر من الزيادة الأخيرة في المؤشر إلى ارتفاع أسعار معظم الحبوب والزيوت النباتية. وارتفعت بدورها أسعار الألبان والسكر في حين بقي المؤشر الفرعي لأسعار اللحوم مستقرا. وسجل مؤشر منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" لأسعار الحبوب ارتفاعا بنسبة 2% مقارنة مع شهر آب، ونحو27% مقارنة مع ايلول من العام الماضي.
ومن بين سائر الحبوب الرئيسية، كان ارتفاع أسعار القمح هو الأشدّ في شهر أيلول بزيادة قدرها 4 % تقريبا من شهر إلى آخر و41 % مقارنة مع العام الفائت.
وواصل انحسار الكميات المتاحة للتصدير في ظلّ الطلب العالمي الكبير رفع الأسعار الدولية للقمح. وارتفعت أسعار الأرز في أيلول، لكنها بقيت دون المستويات الدنيا المسجلة منذ عدة سنوات في شهر آب 2021 مدعومة بتحسن طفيف في الأنشطة التجارية. وارتفعت بدورها الأسعار الدولية للشعير خلال شهر أيلول بنسبة 2.6 %، بشكل رئيسي بفعل الطلب الكبير وخفض توقعات الإنتاج في الاتحاد الروسي والأرباح المسجلة في أسواق أخرى. وفي المقابل، بقيت الأسعار العالمية للذرة مستقرة بالإجمال ولم ترتفع سوى بنسبة 0.3 % عما كانت عليه خلال شهر آب، حيث إن الضغط التصاعدي جراء الاختلالات التي لحقت بالموانئ بفعل الأعاصير في الولايات المتحدة قابلها تحسّن التوقعات العالمية الخاصة بالمحاصيل وبدء عمليات الحصاد في الولايات المتحدة وأوكرانيا. غير أنّ أسعار الذرة بقيت أعلى بنسبة 38 % تقريبا من مستوياتها المسجلة خلال شهر أيلول 2020.
وسجل متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الزيوت النباتية ارتفاعا شهريا قدره 1.7% وأعلى بنسبة 60 % تقريبا مقارنة مع العام السابق. ويُعزى القسم الأكبر من الزيادة بشكل أساسي إلى ارتفاع أسعار زيوت النخيل وبذور اللفت في مقابل تراجع أسعار زيوت الصويا ودوار الشمس. وارتفعت الأسعار الدولية لزيوت التخيل للشهر الثالث على التوالي حيث بلغت أعلى مستوى لها خلال عشر سنوات مدعومة بارتفاع الطلب العالمي على الواردات بالتزامن مع الشواغل بشأن تدني الإنتاج دون الإمكانات في ماليزيا بفعل استمرار النقص في اليد العاملة المهاجرة. وشهدت بدورها الأسعار العالمية لزيت بذور اللفت ارتفاعا ملحوظًا بفعل استمرار انكماش العرض العالمي. وفي المقابل، تراجعت الأسعار العالمية لزيوت الصويا ودوار الشمس في شهر أيلول على التوالي بفعل عدم اليقين إزاء اعتماد قطاع الديزل الأحيائي لزيت الصويا وتوقعات ارتفاع العرض العالمي في الموسم 2021-2022.
وسجل مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار السكر ارتفاعا قدره 0,5 % مقارنة مع شهر آب وأعلى بمقدار 53.5 % مقارنة مع الشهر نفسه من العام الفائت. وظلّت الشواغل إزاء انخفاض الإنتاج في البرازيل الذي يعدّ أكبر مصدّر للسكر في العالم، بسبب استمرار الأحوال المناخية الجافة لوقت طويل وحالات الصقيع، تؤثر على الزيادة في الأسعار العالمية للسكر. وإضافة إلى ذلك، شجع ارتفاع أسعار الإيثانول على التوسع في استخدام قصب السكر لإنتاج الإيثانول في البرازيل. غير أن الضغط التصاعدي على الأسعار كان دونه تباطؤ في الطلب العالمي على واردات السكر وتوقعات الإنتاج الجيدة لدى المصدّرين الرئيسيين، على غرار الهند وتايلاند.
"الاحصاء": 16% ارتفاع في الأسعار خلال 10 أعوام
وتشير الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للاحصاء إلى أن أسعار المستهلك ارتفعت بنسبة 16% خلال 10 اعوام اي منذ عام 2010 لغاية نهاية العام الماضي، بينما ارتفعت في الضفة بنسبة 20%، وفي القدس بنسبة 25%، وفي غزة بنسبة 4.5%. وبمعنى تبسيطي آخر، فإن من كان اجره خمسة آلاف شيقل على سبيل المثال في الضفة الغربية قبل نحو 10 سنوات، فإنه تآكل عمليا بنسبة تصل إلى 20% خلال عشرة اعوام أي ان قيمة 5 آلاف شيقل الشرائية قبل 10 أعوام تعادل حاليا من الناحية العملية ما يعادل 4آلاف شيقل فقط لأن التضخم أكل نحو 20% من هذا الدخل.
وبخصوص المواد الغذائية والمشروبات المرطبة تشير الأرقام الصادرة عن الإحصاء إلى ان فلسطين شهدت ارتفاعا بنسبة تصل إلى نحو 9% خلال عشرة اعوام، وفي الضفة وحدها ارتفعت هذه السلع بنحو 14%، وفي القدس بنسبة 23%، في حين شهدت تراجعا في غزة بنحو 3.3%.
يشار إلى أن سلة المواد الغذائية والمشروبات المرطبة تمثل نحو 28% من الوزن الحسابي لمؤشر اسعار المستهلك، بمعنى أن كل 100 شيقل يمتلكها المستهلك فإن 28 شيقلا ينفقها على المواد الغذائية والمشروبات وهو ما يجعل وزنها في مؤشر غلاء المعيشة الأعلى بين 14 وزنا تمثل مختلف انواع السلع التي تقيس مؤشر غلاء المعيشة أو ما يسمى بالرقم القياسي لأسعار المستهلك. الامر الذي يجعل من الارتفاع الملحوظ في أسعار المواد الأساسية إذا ما حصل، فإنه سيترك آثارا سلبية على التضخم في الأسعار وهو ما يجعل تآكل الاجور مشكلة أساسية ستحضر بقوة خلال الفترة المقبلة.