نظمتها شبكة المنظمات الأهلية
التغير المناخي يؤثر سلبا على مختلف مناحي الحياة في قطاع غزة
حذر خبراء وممثلو منظمات أهلية وناشطون في مجال البيئة من خطورة أزمة المياه وعلاقتها بالتغير المناخي، وأثرها على صحة الإنسان والبيئة في قطاع غزة.
واعتبروا أن المسؤولية عن البيئة والصحة العامة وصحة المواطن تقع بالدرجة الأولى على عاتق الجهات الرسمية، وتساندها في مهماتها منظمات المجتمع المدني والقطاعات الأخرى كافة.
وشددوا خلال جلسة حوارية بعنوان "مدى تأثير التغير المناخي على قطاع غزة والتدخلات المطلوبة"، نظمتها شبكة المنظمات الأهلية في فندق "فينيكس"، في غزة ضمن مشروع "تعزيز الديمقراطية وبناء قدرات المنظمات الأهلية"، بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية، على أهمية المسؤولية المجتمعية في مواجهة التغير المناخي وآثاره، وكذلك الإدارة الصحيحة والسليمة لواقع المياه من حيث التزويد وضبط الجودة وضرورة الاستعداد للتعامل مع التغيرات المناخية التي من المتوقع أن تعمق هذه الأزمة.
كما طالبوا بإجراء دراسات علمية دقيقة ومتخصصة حول أثر تغير المناخ على واقع الحياة في قطاع غزة، وربط التغيرات المناخية من خلال دراسة أنثروبولوجية للعقود السابقة. كما طالبوا بتشديد الرقابة الرسمية على قطاع المياه والصرف الصحي والنفايات الصلبة وصحة الإنسان والبيئة في فلسطين في شكل عام، وخصوصا في قطاع غزة.
ودعوا إلى إصدار وتحديث التشريعات الخاصة بالصحة والبيئة وتطبيقها على أرض الواقع، والعمل على تعزيز حقوق المواطنين في الحياة الكريمة وفي الوصول إلى المياه النظيفة الصالحة للشرب، ومعالجة مياه الصرف الصحي، والحفاظ على البيئة نظيفة.
وأشاروا إلى أهمية التخطيط الحضري للمدن والقرى والمخيمات وتطوير البنية التحتية، والعمل الجماعي التكاملي لتفادي أخطار التغير المناخي، خاصة في أوقات الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة والمتواصلة التي تهطل خلال فصل الشتاء.
وافتتح الجلسة مدير شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة أمجد الشوا مؤكدا أن هذه الجلسة الحوارية تهدف إلى فتح النقاش للبحث والمعرفة حول التغيرات المناخية وآثارها على مجالات الحياة المختلفة.
وقال الشوا إن ما نشهده من تغيرات بيئية هو مؤشر على أننا نقع تحت تأثيرات التغيرات المناخية وبالتالي علينا العمل تجاه هذه القضايا البيئية التي تهدد حياة الإنسان في قطاع غزة، ولذلك فالعمل على موضوع التغير المناخي مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود كافة المؤسسات والقطاعات وكذلك طرح خطط واستراتيجيات بتدخلات واقعية للحد من آثار هذه التغيرات.
وعرض الخبير في المياه والإصحاح ياسر نصّار ورقة حول التغير المناخي وآثاره الخطيرة على مختلف مناحي الحياة في قطاع غزة.
وقال نصّار إن التغير المناخي يحظى باهتمام متزايد على المستويات الدولية والإقليمية والوطنية، محذرا من أن مستقبل الأجيال القادمة في فلسطين قد يكون أسوأ من الواقع الراهن.
وأضاف أن أحد أهم التأثيرات الناجمة عن تغير المناخ هو ازدياد الفيضانات في قطاع غزة كما حدث خلال عاصفة "ألكسا"، التي ضربت القطاع عام 2013، وغمرت مياه الفيضانات مناطق كاملة في القطاع، وعزلت سكانها عن بقية مناطق القطاع والعالم.
وعرض نصّار خريطة تُظهر عشرات المناطق المعرضة للفيضانات في حال هطل المطر بغزارة، مشيرا الى أن أكثر من 280 ألف مواطن يتأثرون بالفيضانات في مناطق عدة في القطاع.
ولفت إلى أن نصف أعداد الفلسطينيين في الضفة الغربية فقدوا مصادر المياه الخاصة بهم بعد جفاف الآبار الجوفية خلال العشرين عاما الأخيرة، واصفا الوضع المائي في القطاع بأنه أسوأ منه في الضفة.
وأشار إلى تقرير حديث للبنك الدولي يؤكد فيه أن القطاع يعيش أزمة مائية منذ عام 2005، في حين يشير صندوق الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" إلى أن 10% من سكان القطاع تصلهم مياه نظيفة.
واعتبر أن نصف عدد سكان القطاع بحاجة الى تدخلات حقيقية وجدية في قطاعي المياه والصرف الصحي، مشددا على أن حق المواطن في الوصول الى مياه نظيفة وآمنة صالحة للشرب يجب ألا يُستخدم كأداة عقابية.
واعتبر نصّار أن الاحتلال الإسرائيلي وسياسة الحصار المسؤول بالدرجة الأولى عن أزمات المياه والصرف الصحي وصحة الإنسان والبيئة.
ولفت إلى تقرير لسلطة البيئة يؤكد أن 75% من شواطئ البحر في القطاع ملوثة، وأن 12.4% من آبار المياه الملوثة بالنترات، وأن 65% من مياه محطات التحلية للقطاع الخاص ملوثة بمستعمرات البكتيريا أيضا.
وأوضح نصار أن ثلث دخل الأسرة في القطاع يُصرف على المياه والصرف الصحي، في حين تشدد الجمعية العامة للأمم المتحدة على ألا يزيد ذلك عن 3% من الدخل.
وفي نهاية الجلسة جرى مناقشة التغير المناخي وآثاره والسياسات المائية والبيئية المتبعة من قبل الحكومة، والقصور في هذه الجوانب، ودور منظمات المجتمع المدني المساند لسياسات حكومية تقوم على وضع حقوق المواطنين على رأس سلم أولوياتها.
كما أظهر النقاش وجود حاجة ملحة لإجراء دراسات على مستوى الوطن لوضع خطط عامة للتكيف مع التغير المناخي بما فيها قطاع غزة، حيث أن التغير المناخي هو ظاهرة عالمية إلا أن آثارها تقع على المجتمعات المحلية بشكل مباشر.