فور تحررها.. المناضلة خالدة جرار تزور قبر ابنتها الراحلة سهى
وضعت الأسيرة المحررة خالدة جرار، مساء اليوم الأحد، إكليل ورود على ضريح ابنتها سهى، التي وافتها المنية قبل شهرين.
وتوجهت جرار فور الافراج عنها من سجن "الدامون"، إلى مقبرة رام الله لقراءة الفاتحة على روح ابنتها، التي توفيت في تموز/ يوليو الماضي، ولم تستجب سلطات الاحتلال في حينه لجهود الإفراج عن خالدة، لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة والمشاركة في تشييع جثمان ابنتها.
وفور وصولها إلى الضريح، حيث كان في استقبالها والدتها وعدد من أفراد عائلتها وعشرات المواطنين، جثت خالدة على ركبتيها ووضعت إكليل الزهور وبطاقة كتب عليها "ودعتك بوردة وأحتضنك الآن بالورود".
وقالت، إن المشاعر المختلطة تنازعها في هذا المقام، حيث الحرية من سجون الاحتلال ومن تركت خلفها من الأسرى والأسيرات من جهة، والمشاعر الصعبة لفقدان ابنتها سهى بينما هي في الاعتقال.
وأكدت خالدة جرار أنها كانت تحلم دائماً بأن تأتي ركضا إلى قبر سهى لتحتضنه، بعدما حرمها الاحتلال من وداعها، مشيرة إلى أن العديد من الأسيرات والأسرى يعيشون ظروفا غاية في الصعوبة لفقدان أحبتهم وهم خلف القضبان.
وذكرت أن الأسرى هم بشر، والفلسطيني هو انسان، ولكن الاحتلال الذي لا يعرف معنى الإنسانية لا يدرك بالفعل ان لديهم مشاعر وحب للأوطان وتوق للحرية.
وأشارت إلى أن الأسرى حين يفقدون الأحبة لا يفقدون الأمل بحريتهم وحرية الشعب وفلسطين والتحرر من قوى الظلم والاستعباد واستعمار القوى المهيمنة التي تقتل انسانية الشعوب وتلاحقها.
وبينت أن الأسرى الستة الذين انتزعوا حريتهم من سجن "جلبوع" قبل أسابيع، قرروا القيام بذلك من أجل الحرية، ولكي يحتضنوا أهاليهم، ومن أجل ان يروا شمس وزيتون وصبر فلسطين، وهذا يؤكد إجرام الاحتلال الذي لا يعرف الإنسانية.
وتابعت: "ما ساعدني على تجاوز هذه المحنة الصعبة هي دفء الأسيرات من حولي، ودفء الشعب، فكل الكلمات والمشاعر وصلتني واخترقت الزنازين والأسوار وشباك زنزانتي. وربما الدفء هو ما لا يستطيع الاحتلال اعتقاله واحتجازه في زنزانة".
وكشفت جرار انها التقطت خلسة وروداً من جبل الكرمل، خلال توجهها من السجن للعيادة الطبية او لزيارة المحامين، وقامت بتجفيفها في زنزانتها بسجن "الدامون"، لتضعها على قبر ابنتها الراحلة.
ووجهت الأسيرة المحررة كلمات لابنتها سهى قالت فيها: "خرجت للحرية وانا متأكدة أنك فرحة الآن، وطبعا انا مشتاقة جدا لك، حيث احتضنتك آخر مرة ليلة اعتقالي قبل عامين. هي مشاهر صعبة لأنها مرتبطة بالفقدان" وأكدت أن شهداء اليوم الذين ارتقوا في القدس وجنين، دليل على المسلسل من الاعدام الميداني المستمر بحق ابناء الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يحتم ملاحقة المحتلين كمجرمي حرب في محكمة الجنايات الدولية.
من جانبها، قالت محافظ رام الله والبيرة ليلى غنام، إن عشرات الحضور وقفوا في ذات الموقف من ذي قبل حين مواراة جثمان الراحلة سهى جرار، في غياب خالدة جسدياً، ولكن روحها كانت حاضرة.
وسلمت غنام الأسيرة المحررة خالدة جرار علماً لف به جثمان سهى قبل مواراتها الثرى، وقالت إن شاء الله هذا العلم يرفرف في القدس على مساجدها وكنائسها وأسوارها، بجهودك وصمودك وصمود الأسيرات والأسرى وأبناء شعبنا الفلسطيني.
وأضافت أن زوال الاحتلال قريباً ضرورة ملحة، حتى يتوقف شلال الدماء النازف من أجساد أبناء الشعب الفلسطيني وأعمار من هم خلف القضبان.
وقال رئيس نادي الأسير قدورة فارس، إن الشعب الفلسطيني يستقبل اليوم ايقونة النضال والكفاح خالدة جرار وهي تعود مرفوعة الرأس من ميدان النضال المتقدم في مواجهة العدو.
وأكد فارس أن خالدة لم تكن لتناضل لولا كانت تحس بالآخرين وشعبها، الذي تعرض لكل هذا الظلم من الاحتلال، وثورتها وتمردها على الظلم انما ينمّ عن إحساس عالٍ وشفافية.
وأعرب عن مشاعر المواساة لحزن خالدة جرار على فراق ابنتها، التي كانت تمثل فلسطين بدرجة تدفع الآخرين بالفخر والاعتزاز بالفتاة وذويها، وبالبيئة النضالية التي نشأت فيها.
وأضاف: "عزاؤنا أنكم الأقوياء والمؤمنون بالطريق التي خضتموها وستواصلون رغم الألم كفاحكم ونضالكم فيها إلى جانب كل ابناء الشعب الفلسطيني المتمردين على هذا الاحتلال، وهذا وفاء ايضا لسهى حتى نيل الحرية والاستقلال".