حرائق القدس تكشف أنماط الزراعة الفلسطينية التقليدية ووهم الاستعمار
كشفت الحرائق المستعرة في جبال وأحراش القدس منذ عدة أيام عن نمط زراعي فلسطيني يعود عمره إلى مئات الأعوام، كاشفة عن جانب من المشروع الاستعماري الصهيوني، والحقيقة الجغرافية – التاريخية.
وبين المحاضر والمؤرخ الفلسطيني جوني منصور، أنه وبعد إخماد الحرائق في عدد من جبال القدس تكشّف منظر لم يتوقعه أحد، وهو "المدرجات".
وأضاف: هذا النمط الزراعي نظمه الفلاح الفلسطيني على مدى عقود طويلة، بعض الباحثين يؤكد أنها بشكلها المكتشف عمرها 400 عام، وباعتقادي ان عمرها أكثر من ذلك بكثير.
وتابع: هذه الأنماط الزراعية هي نتيجة جهد وعرق ودم الفلاح الفلسطيني ليحافظ على أرضه، وتربتها، وبالتالي يعتاش منها، لكن ماذا فعل المشروع الصهيوني الاحتلالي والاقتلاعي؟ قام عبر مؤسساته "الكولونيالية" بتشجير مساحات شاسعة من هذه الجبال وغيرها، لإخفاء تضاريس، ومعالم المنطقة، وإبادة ما فعلته وكوّنته أيدي الفلاحين.
ولفت إلى أنه في أعقاب عمليات التشجير والتحريج التي قام بها "الصندوق القومي اليهودي" تم اخفاء كل ما هو فلسطيني عمره عشرة آلاف سنة لصالح كل ما يوحي بصهيونية ويهودية المكان، وأكثر من ذلك ونتيجة العقلية "الكولونيالية" الأوروبية التي كونت الصهيونية، فإن مشروعها اعتمد ايضا على نقل "المكان" الأوروبي الى فلسطين ليحظى المستوطنون براحة شبيهة بتلك التي عاشوها في اوروبا.
وتابع: أود أن الفت نظر المتجولين في فلسطين أن مثل هذه الأحراش نجدها في مواقع أخرى تخفي قرى ومزارع فلسطينية هدمتها اسرائيل في العام 1948 بعد تهجير أصحابها، وزرعت مكانها، وعليها أشجار الصنوبر الأوروبي. على سبيل المثال: أراضي معلول. أراضي سحماتا، وغيرها... تم اخفاء القريتين وبصعوبة يمكن ملاحظتهما.
مسؤول قسم الجولات الميدانيّة في البلدان الفلسطينية المهجرة في جمعيّة ذاكرات، المحاضر في موضوع النكبة الفلسطينية عمر الغباري قال للوكالة الرسمية": على الأرض انكشفت آثار البلدان المهجّرة والمدرجات الزراعية الفلسطينية (السلاسل كما تسمى في بعض المناطق)، بعد ان احترقت الأشجار. هذه السلاسل - كما في أراضي قرية كسلا التي في الصورة- ميّزت جبال القدس وصنعتها يد الفلاح العربي الفلسطيني خلال مئات السنين.
كان الإسرائيليون يدّعون أن هذه المدرجات هي "إرث يهودي" من فترة بني إسرائيل في أرض كنعان قبل أكثر من ألفي عام. رواية محبوكة لضبط الأسطورة الصهيونية.
بحث إسرائيلي نشر عام 2016 أكد أن أعمار غالبية هذه المدرجات يتراوح بين 400 إلى 800 عام، وقليل منها يعود إلى الفترة الرومانية المتأخرة، أي قبل أقل من ألفي عام، ولم يجد البحث أي علاقة بين هذه المدرجات والرواية التوراتية.
يُشار إلى أن النيران اندلعت في عدة جبال وأحراش غرب القدس، على مقربة من عدة مستوطنات وكيبوتسات، هي (بيت مئير وشويفا وكيسالون وجفعات يعاريم ورامات رازيل، عين كيرم، مستشفى ايتانيم، هسطاف، جار هار ايتان، أورا، عامينداف، أشتول)، والتي أقيمت في أمكنة قرى فلسطينية مهجرة عام 1948، تقع غرب وشمال غرب وجنوب غرب القدس، وهي: "بيت محسير، بيت أم الميس، الجورة، بيت نقوبا، عمواس، نطاف، المالحة، لفتا، كسلا، القسطل، القبو، عين كارم، عكور، عسلين، عرتوف، سفلة، صوبا، ساطوف، صرعة، ساريس، دير ياسين، خربة العمور، خربة اللوز، جراش).