تحذير من اغتيال سياسي .. المجتمع الإسرائيلي ينقسم حول "حكومة التغيير"
تظاهر مئات الإسرائيليين في مدينة القدس المحتلة، مساء أمس، دعمًا لتشكيل حكومة جديدة من المنتظر أن تطيح برئيس الوزراء المؤقت بنيامين نتنياهو.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" على موقعها الإلكتروني أنّ "مئات الإسرائيليين تظاهروا في ساحة بمدينة القدس المحتلة، قرب مقر إقامة نتنياهو".
وأشار الموقع إلى أن المتظاهرين رفعوا شعارات تؤكد دعمهم لما وصفوها بـ"حكومة الوحدة"، إلى جانب شعارات أخرى تدعو لمحاسبة نتنياهو ومواصلة محاكمته.
وانتشرت عناصر الشرطة الإسرائيلية في محيط المنطقة لمنع أي احتكاكات مع مؤيدين لنتنياهو.
وعادة يتظاهر العشرات من مؤيدي نتنياهو بالقرب من التظاهرات المعارضة له، حيث يرفعون صوره وشعارات مؤيدة له.
وينتظر أن تطيح حكومة جديدة بقيادة نفتالي بينيت (عن حزب يمينا) ويائير لابيد (عن حزب هناك مستقبل)، بنتنياهو.
والأربعاء، أبلغ يائير لابيد الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، نجاحه في تشكيل حكومة، تضم للمرة الأولى في تاريخ البلاد حزبا عربيا.
وستشارك عدة أحزاب في الحكومة الجديدة التي تطوي 12 عاما متواصلة من حكم رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.
ومن المقرر أن تؤدي الحكومة الإسرائيلية القسم في الكنيست خلال 10 أيام اعتبارًا من يوم إعلان تشكيل الحكومة.
وحتى اللحظة الأخيرة كان نتنياهو الذي يتولى المنصب منذ عام 2009، يعمل على إفشال الإعلان عن تشكيل حكومة وحدة تضع حدا لطموحاته، وتضعه وجها لوجه في مواجهة محاكمته بتهم فساد.
"حكومة التغيير أو الانتخابات"
وفي سياق متصل، بيّن استطلاع للرأي أن غالبية إسرائيليّة تفضّل حكومة التناوب بين رئيسي قائمتي "يمينا" و"ييش عتيد"، نفتالي بينيت ويائير لبيد، تطيح برئيس الحكومة الحالي، بنيامين نتنياهو، على الذهاب لانتخابات خامسة في عامين.
وجاءت نتائج الاستطلاع الذي نشرته القناة 12 مساء السبت، على النحو الآتي: 46% يؤيّدون حكومة بينيت – لبيد؛ 38% يؤيّدون الذهاب لانتخابات خامسة؛ و13% لم يحدّدوا موقفًا.
كما تبيّن المعطيات تشاؤمًا عامًا من مصير هذه الحكومة، فعبّر 42% عن اعتقادهم أن هذه الحكومة لن تصل إلى نهاية فترتها (4 سنوات)، بينما عبّر 16% عن اعتقادهم بأنها لن تنال الثقة من الكنيست. في المقابل، عبّر 24% عن قناعتهم من حصولها عن نيل الثقة وإكمال فترتها.
وفي داخل اليمين، فضّل حكومة بينيت – لبيد 32% فقط على الذهاب لانتخابات، بينما فضّل 55% إجراء الانتخابات؛ في المقابل، عبّر 72% من المستطلعين الذين قالوا إنهم "يساريون" عن تأييدهم للحكومة المحتملة.
وعبّرت غالبية المستطلعين عن معارضتها لتوقيع اتفاق ائتلافي مع "القائمة العربية الموحدة" (الإسلامية الجنوبية).
"حاخامات يدعون لمنعها"
أصدر كبار حاخامات الصهيونية الدينية منشورا ضد تشكيل حكومة في "كتلة التغيير"، مساء أمس، ودعوا فيه إلى "القيام بأي شيء كي لا تُشكل حكومة كهذه". ويأتي ذلك في موازاة تحذير رئيس الشاباك، ناداف أرغمان، من اغتيال سياسي إثر خطاب التحريض المنتشر في الفترة الأخيرة وخاصة في شبكات التواصل الاجتماعي.
وجاء في منشور الحاخامات، تحت عنوان "دعوة حاخامات إسرائيل"، أن الحكومة التي أعلن رئيس حزب "ييش عتيد"، يائير لبيد، عن تشكيلها الأسبوع الماضي، "تتناقض بشكل كامل مع رغبة الشعب مثلما تم التعبير عنها بشكل حاسم في الانتخابات الأخيرة. وليس متأخرا القيام بذلك، وهذا ما زال ممكنا بكل تأكيد".
واعتبر حاخامات المستوطنين، وفي مقدمتهم حاييم دروكمان، أنه "لا يمكن الاستسلام لواقع تتشكل فيه حكومة في إسرائيل ستستهدف الأمور الأساسية جدا في شؤون الدين والدولة، والتي كانت سائدة منذ قيام دولة إسرائيل وحتى اليوم بواسطة جميع حكومات إسرائيل".
وتابعوا "لا شك أن حكومة كهذه ستلحق ضررا في الشؤون الأمنية أيضا، التي في صلب وجودنا باعتمادها على مؤيدي الإرهاب، وسيكون فيها وزراء يدعون المحكمة (الجنائية) الدولية في لاهاي إلى التحقيق مع ضباط الجيش الإسرائيلي حول جرائم حرب. ولذلك يجب بذل أي جهد والقيام بأي شيء كي لا تتشكل حكومة كهذه".
ويأتي هذا المنشور في سياق الضغوط التي يمارسها معسكر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على أحزاب اليمين في "كتلة التغيير" من أجل منع تشكيل الحكومة. وفي خطوة غير مألوفة، وضع الشاباك حراسة حول رئيس حزب "يمينا"، نفتالي بينيت، الذي سيتولى رئاسة "حكومة التغيير" في النصف الأول من ولايتها، بالتناوب مع لبيد.
وادعى دروكمان لاحقا، أنه "لا يوجد هنا أي تحريض، والتحريض موجود في مخيلة أولئك الذين يقولون ذلك فقط"، وأنه "بالإمكان القيام بكل ما هو ممكن بطريقة ديمقراطية من أجل منع تشكيل هذه الحكومة".
"اغتيال سياسي"
وحذّر رئيس الشاباك أرغمان، مساء أمس، من اغتيال سياسي من جرّاء "ازدياد التطرّف الخطير في الخطاب العنيف والمحرّض، خصوصًا في مواقع التواصل الاجتماعي". وقال إن "هذا النقاش قد يفسّر في أوساط مجموعات معيّنة أو عند أشخاص، أنه يتيح أنشطة عنيفة وغير قانونيّة، من المحتمل أن تصل حد استهداف الأرواح".
وأضاف أرغمان أنه "إلى جانب المسؤوليات المفروضة على الشاباك، إضافة إلى أجهزة إنفاذ القانون الأخرى، يتحمل منتخبو الجمهور من كل الطيف السياسي، وكتاب الرأي ورجال الدين والمعلّمين وكل مواطني إسرائيل، مسؤولية بالغة جدا في هذه الأيام". وأردف أرغمان أنّ "مسؤولية تهدئة الخواطر وكبح السجال على أكتافنا جميعًا".
وعلّق وزير الأمن الإسرائيلي ورئيس قائمة "كاحول لافان"، بيني غانتس، على بيان أرغمان، في حسابه على موقع "تويتر" بالقول "يبدو أننا لم نستخلص العبر اللازمة من أحداث الماضي. من يحاول سلب شرعية مسارات ديمقراطية أساسيّة يتحمّل أيضًا المسؤولية".
وفي الإطار ذاته، قال مصدر أمني إسرائيلي، للقناة السابعة العبرية، إن النظام يأخذ تهديدات التحريض ضد رئيس حزب "يمينا" نفتالي بينيت، المتوقع أن يكون رئيس الوزراء المقبل "على محمل الجد".
وقال المصدر إن "أجهزة الأمن في إسرائيل، تنظر وتتابع بشكل خطير الخطاب على مواقع التواصل الاجتماعي الذي يتضمن تهديدات صريحة على حياة (نفتالي) بينيت وشركاء آخرين في حزبه وائتلاف الحكومة الجديدة".
وأشار المصدر إلى "أنّ التحريض ضد بينيت، يأتي في ظلّ تحريض أحزاب اليمين في إسرائيل ضده، بعد تحالفه مع أحزاب وسط ويسار وحزب عربي".