دراسة تتنبأ بـ 98.9% من شدة سلوك المواطن نحو مقاطعة المنتجات الإسرائيلية
ناقشت كلية الدراسات العليا في الجامعة العربية الأمريكية الخميس الموافق 18 آذار 2021 أطروحة ماجستير للباحث محمد ناصر في برنامج العلاقات العامة المعاصرة، والتي تبحث في دور العلاقات العامة في حملة مقاطعة إسرائيل BDS في مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وتمت المناقشة عبر الزووم، وجرى مناقشتها بحضور د. إلياس كوكالي رئيس لجنة المناقشة والمشرف على إعداد الدراسة، ود. نشأت الأقطش الممتحن الخارجي، ود. حسين الأحمد الممتحن الداخلي، وبحضور حشد من طلبة البرنامج.
أفتتح جلسة النقاش د. إلياس كوكالي، رحب فيها بالحضور وبأعضاء لجنة التحكيم، موضحاً أهمية الدراسة كونها تبحث في قضية غاية في الأهمية وتخص الشأن الفلسطيني، وهي سلوك ومعتقد المواطن تجاه المقاطعة والعوامل والمتغيرات الاجتماعية التي تؤثر في شدة سلوك المستهلك نحو المقاطعة، وأشار كوكالي إلى أن الدراسة قد استندت على ثلاث نظريات علمية لصياغة افتراضات الدراسة ونموذجها وفهم مكنونة تشكيل سلوك المواطن الفلسطيني بناءً على مفارقها. وأكد كوكالي أن هذه الدراسة المعمقة تُعدّ إضافة نوعية على المكتبة الفلسطينية والعربية كونها حددّت المحاور الرئيسة التي توجّه سلوك المقاطعة والتي يمكن إسقاطها على حقول أخرى في السياق الاقناعي للرسالة.
استعرض ناصر الدراسة، موضحاً أنها تهدف إلى البحث في دور العلاقات العامة في BDS في مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وذلك من خلال تحليل الرسائل التي تستخدمها في تشكيل مواقف الفلسطينيين اتجاه المقاطعة، وذلك استناداً على نظرية التنافر المعرفي، ونظرية التأطير الإعلامي، ونظرية الإدراك الاجتماعي، وصولاً إلى تحليل العوامل الاجتماعية والنفسية والبيئية التي تعمل على تحويل المواقف إلى سلوكيات متوافقة مع أهداف المقاطعة، وتلك العوامل والمبررات التي تحول دون ذلك.
اعتمد الباحث على أداتين لجمع البيانات، تمثلت الأولى في تحليل المضمون لكافة منشورات BDS على صفحتها الخاصة على منصة الفيسبوك، وذلك للتعرُّف على الأطر التي تتبناها حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية في BDS في منشوراتها على هذه المنصة. أما الثانية فهي الاستبانة، حيث عمل الباحث على إعدادها استناداً على نظريات الدراسة لقياس معتقد المواطن الفلسطيني وسلوكه تجاه المقاطعة، وتحليل الدور الذي تلعبه العلاقات العامة في BDS في تشكيل هذا المعتقد والسلوك، بالإضافة إلى فهم المتغيرات الاجتماعية والديمغرافية التي تؤثر في بلورتهما. واعتمد الباحث على عينة عشوائية من مجتمع الدراسة تتكون من 1516 من المجتمع الأصلي ويمثلون نماذج سكانية من قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وتم توزيع العينة على 16 محافظة وتمّ إجراء جميع المقابلات في هَذهِ الدراسة داخل البيوت التي تمّ اختيارها عشوائياً في المناطق وفقاً لمنهجية علمية متبعة في المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي وقد تمّ اختيارها عشوائياً من (150) موقع.
وعمل الباحث على تطوير نموذج، والذي يوضّح كيف تجتمع العناصر المختلفة معًا لتسهيل البحث والفهم الواضح للنتائج، وهو عبارة عن ربط للمفاهيم ذات العلاقة للمساعدة في تسهيل فهم العلاقة بين المتغيرات في سياقات مختلفة.
وتمكنت الأطروحة في أن المتغيرات الاجتماعية تتنبأ لوحدها بأكثر من 98.9% من التباين في سلوك المستهلك الفلسطيني، والتي بحسب نظرية الإدراك الاجتماعي، هي نتاج للتفاعلات الديناميكية بين إدراك المستهلك وسلوكه والبيئة الاجتماعية المحيطة، والتي جميعها تعكس رسالة حركة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية في مختلف نشاطاتها الاتصالية.
بناءً على المخرجات، تقترح الأطروحة العمل من خلال ثلاثة محاور أساسية، وعلى حملات المقاطعة القيام بها من أجل الحدّ من انتشار المنتجات الإسرائيلية في الأسواق الفلسطينية. تمثل المحور الأول في طبيعة عمل حملة المقاطعة حيث دعت إلى ضرورة تكثيف حملاتها الإعلامية لتوسيع القاعدة الجماهيرية لها، والعمل على تأطير حملاتها خاصة الوطنية منها والتي حظيت بالدافع الأكبر للمقاطعة، وكذلك العمل على تكثيف حملات الاستهداف للمناطق التي انخفضت فيها نسبة المقاطعة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الصورة السلبية الحقيقية للمنتجات الإسرائيلية. أما المحور الثاني فهي المؤسسات الفلسطينية الحكومية، وذلك من خلال مشاركة قادة الرأي في الحكومة في عمليات المقاطعة وتنفيذ حملات بالتعاون مع BDS في الوزارات والمؤسسات الحكومية، والعمل على رفع المعايير الخاصة بالمواصفات والمقاييس للمنتجات الفلسطينية لتمكينها من المنافسة، أما الثالث والأخير، فتركز على القطاع الخاص الفلسطيني والذي يتحمل جزء من المسؤولية من خلال العمل على تطوير منتجاته ورفع مستوى الجودة حيث بينت نتائج الدراسة أن العامل الصحي هو من أهم العوامل التي تدفع المواطن الفلسطيني لعدم مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، ودعت أيضاً إلى أن يقوم القطاع الخاص بحملات تستهدف التأثير على معتقدات المستهلكين بما يتوائم مع مبررات ودوافع المستهلك الفلسطيني في عدم مقاطعة المنتجات الإسرائيلية مثل الدافع الصحي أو الجودة.
من جانبه عبر د. نشأت الأقطش عن تقديره لاستخدام الباحث المنهج الكمي ببراعة، وعلى البُعد التحليلي للدراسة، وكيفية استغلال الباحث للطرق الإحصائية المتقدمة لاستخراج النماذج التنبؤية لسلوك المستهلك الفلسطيني. كما أشار إلى أهمية أخذ حملات المقاطعة بالمتغيرات الاجتماعية في هذه النماذج واستهدافها لتعزيز المقاطعة.
ومن جانب آخر أعتبر د. حسين الأحمد أن الدراسة تناولت موضوعاً في غاية الأهمية لنا كشعب تحت الاضطهاد، واسم حركة BDS مستمد من مقاومة العنصرية، حيث تناقش دور الاتصال والرسالة الإعلامية وطرق تأطيرها بما يساهم في تفعيل المقاومة السلمية كأحد أشكال المقاومة التي تلقى دعماً عالمياً في ظل الانحياز الغربي غير المسبوق للسياسات الإسرائيلية. ورغم أن الرسالة توسعت في نطاق دراستها (ضمن مستوى رسالة ماجستير) إلا أنها تميزت بعمقها التحليلي وتقديمها لمعرفة جديدة لحقلي الاتصال والمقاومة ومن بعد أبستمولوجي متميز. فقد وظفت مفهوم التثليث الذي يزاوج بانسجام بين مجموعة من المفاهيم النظرية الحديثة في تحليل العملية الاتصالية لحملة BDS ومن أبعاد سيكولوجية وسلوكية ضمن معطيات السياق الفلسطيني السياسية والاقتصادية والاجتماعية الفريدة بتحدياتها. وأضاف الأحمد أن الدراسة وباختصار، تشكل إضافة نوعية للمعرفة المتحققة في هذه المجالات ضمن الحالة الفلسطينية.
أفتتح جلسة النقاش د. كوكالي، رحب فيها بالحضور وبأعضاء لجنة التحكيم، موضحاً أهمية الدراسة كونها تبحث في قضية غاية في الأهمية وتخص الشأن الفلسطيني، وهي سلوك ومعتقد المواطن تجاه المقاطعة والعوامل والمتغيرات الاجتماعية التي تؤثر في شدة سلوك المستهلك نحو المقاطعة.