دنيا المركز التخصصي لأورام النساء.. 10 سنوات من التميز والعطاء والمسيرة مستمرة
يواصل دنيا المركز التخصصي لأورام النساء التابع لمؤسسة لجان العمل الصحي مسيرة عطائه التي بدأت قبل عشر سنوات في خدمة النساء الفلسطينيات كأول مركز تشخيصي تخصصي لأورام النساء في فلسطين والذي شكلت انطلاقته في حينه بارقة أمل للفلسطينيات في مواجهة الأورام النسائية. وأضافت ركناً رابعاً لأنوثة شهر آذار ففيه يوم المرأة العالمي ويوم الأم ويوم الأرض إلى جانب إبصار المركز النور في الثامن من آذار من العام 2011 كهدية من مؤسسة لجان العمل الصحي للمرأة الفلسطينية عرفاناً بدورها في مسيرة ونضالات الشعب الفلسطيني في شتى الميادين.
ومنذ البدايات التي جاءت تلبية لاحتياجات النساء في فلسطين وبعد دراسات واستشارات قررت لجان العمل الصحي إطلاق هذا المشروع الأول من نوعه ونوعيته في فلسطين في مجال تشخيص الأورام النسائية لما لمسته المؤسسة من ضرورة لا تحتمل التأخير ولا سيما وأنها كانت ولا زالت تعمل في المجال التوعي إلى جاب الصحي والتنموي، وإدراكاً منها لضرورة التصدي لمرض سرطان الثدي الذي يعد المسبب الأول للوفيات من بين أمراض السرطانات في العالم وأكثرها انتشارا .
أبصر دنيا النور وأخذ على عاتقه الفلسفة العلمية المثبتة التي تقول أن التشخيص المبكر لسرطان الثدي تعني نسب شفاء تتجاوز 90% .
وقدم المركز وما زال منذ افتتاحه خدمات تشخيصية متكاملة تحت سقف واحد وكان المركز الأول والوحيد في هذا المجال وتشمل هذه الخدمات: الفحص السريري والماموغرام والألتراساوند وكذلك أخذ الخزعة ووضع علامات على الثدي قبل العلاج الكيماوي وعلامات لطبيب الجراحة إلى جانب خدمات مسحة عنق الرحم ومنظار الرحم وبطانة الرحم وهي خدمات نوعية تساعد في التشخيص المبكر لسرطان الثدي، وفي العام 2015 أدخل دنيا خدمات تكميلية تمثلت في العلاج الطبيعي والدعم النفسي بعد تدريب كوادر متخصصة في المجالين.
ومنذ بداية عمله إهتم دنيا بشكل كبير بالتوعية والإرشاد بأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي وكسر الحواجز التي كانت تحول دون قيام النساء بذلك، من خلال النشرات وورش العمل واللقاءات المتنوعة في مختلف محافظات الضفة الغربية عبر طاقم المركز وأطقم برنامج صحة المرأة التابع لمؤسسة لجان العمل الصحي إلى جانب الحملات السنوية في شهر أكتوبر المخصص عالمياً لمكافحة سرطان الثدي حيث بدأ التجاوب من النساء والمجتمع مع هذه الحملات ورسالة المركز يزداد عاماً بعد أخر وقد شارك المركز منذ 5 سنوات في تأسيس وإطلاق الحملة العربية الموحدة لمكافحة سرطان الثدي.
دنيا في الإعلام
الإعلام الفلسطيني المتنوع بوسائله والإعلام العامل في فلسطين أيضاً تطورت علاقته بمركز دنيا وبات شريكاً له في نشر التوعية بالكشف المبكر عن سرطان الثدي والتي توجت بالعديد من الاتفاقيات في التعاون والتفاهم، وإن كانت البدايات خجولة ومحدودة حيث أن مجال عمله كان جديداً على الواقع الفلسطيني وليس ضمن اهتمامات الإعلام ولا يمتلك الفكرة الكافية عن سرطان الثدي وكيفية صياغة رسائل إعلامية حوله ترفع من نسب التوعية والتوجيه، إلى أن أصبح اليوم مبادراً في تقديم إمكاناته في خدمة أهداف ورسائل دنيا ضمن مسؤولياته الأخلاقية والقيمية والمهنية ويقدم أفكاراً خلاقة في هذا الباب.
ويرى القائمون على مؤسسة لجان العمل الصحي أن الإعلام والإعلاميين الفلسطينيين شركاء في مسيرة ونجاح المركز معبرين عن آمالهم في مزيد من التعاون عبر آليات توعية إعلامية أكثر انتشارا وسهولة في الفهم توصل الفكرة للفئة المستهدفة من النساء الفلسطينيات ولعموم الشعب الفلسطيني وأن لا يقتصر التعاون على حملة شهر أكتوبر السنوية.
القطاع الخاص شريك نجاح أساس
وبما أن دنيا جزء من مؤسسة لجان العمل الصحي كقطاع أهلي غير ربحي كان لا بد من التوجه للقطاع الخاص الفلسطيني ليساهم في بقاء واستمرار خدمات المركز ضمن مسؤولياته الوطنية والاجتماعية، وتطور هذا الفهم على مدى السنوات المتوالية مع نمو الفكرة وتوسعها فكانت المصارف على رأس الداعمين وعلى رأسها بنك فلسطين الشريك الإستراتيجي لدنيا في حملة أكتوبر من خلال دعم حملات التوعية عبر اللافتات الميدانية وشاشات البنك المختلفة وطواقمه العاملة ودعم بعض الحالات الاجتماعية وكان البنك صاحب المبادرة في إطلاق العيادة الوردية المتنقلة بعد تنظيم حفل موسيقي خاص قاده الثلاثي جبران إلى جانب داعمين آخرين وانطلقت العيادة الوردية بعد جمع الأموال اللازمة في محافظات القدس ورام الله والبيرة لمدة عام ونصف قبل أن تنطلق نحو محافظة نابلس إلى القرى والمخيمات هناك واستطاع طاقمها تشخيص 30 إصابة بسرطان الثدي في هذه المحافظات لنساء ما كن ليقمن بإجراءات الفحص والتقصي لولا وصول العيادة إلى تجمعات سكنهن عدا عن مئات ورش التوعية الفردية والجماعية في هذه المناطق وهو ما أسهم في كسر حواجز الخوف والخجل. وقد تم خلال هذه الفترة عمل فحص الأشعة الماموغرام ل3871 امرأة إضافةً إلى256 محاضرة حضرتها 4239 إمرأة. هذا وتعد مؤسسة العون الطبي للفلسطينيينMAP UK من الشركاء الرئيسيين والدائمين لدنيا.
ومن منطلق أن الدعم النفسي أحد مقومات الشفاء من المرض تميز مركز دنيا في تقديم برنامج للدعم النفسي للنساء المصابات والمتعافيات من سرطان الثدي وذلك من خلال تقديم جلسات فردية وجماعية للتفريغ والتمكين وأنشطة وفعاليات مختلفة كان لها الأثر الكبير على صحة النساء الجسدية والنفسية وعلى عائلاتهن. حيث أن هذا البرنامج يشكل نموذجاً يحتذى به لما حققه من نجاح على مستوى تقديم الدعم للنساء وتمكينهن ليصبحن داعمات بفعل تجربتهن ووعيهن.
ويسعى دنيا لتطوير علاقته مع القطاع الخاص في الفترة المقبلة فاتحاً الباب أمامه للإسهام في تطوير الخدمات التشخيصية وتغطية عدد أكبر من الحالات الاجتماعية الفقيرة والمهمشة، وتوفير فرص تدريب لطواقم طبية متخصصة في مجال الأورام النسائية.
علاقة تكامل مع وزارة الصحة
تؤمن مؤسسة لجان العمل الصحي بأهمية التكامل بين كافة مقدمي الخدمات الصحية في فلسطين تحت مظلة وزارة الصحة لا سيما وأن دنيا لا يستطيع تغطية الخدمات التشخيصية المتنامية في المجتمع الفلسطيني لذا سعى من البداية لتأطير العلاقة مع الوزارة ويعمل بموجب ترخيص صادر عنها يلبي كافة المتطلبات، وتم التواصل مع الوزارة لتحويل حالات إليه لتقديم الخدمات التشخيصية المتميزة ويراهن القائمون على المركز بعلاقة أكثر متانة وتعاون في عهد الدكتورة مي كيلة وزيرة الصحة لما هو معروف عنها من مناصرتها للمرأة وحقها في الصحة.
أرقام ومؤشرات هامة
وبالنظر لمسيرة عشر سنوات من حياة مركز دنيا تشير الأرقام إلى أن الأطقم العاملة فيه قدمت 38886 خدمة صحية وتثقيفية متنوعة للمستفيدات وأجرى 5265 فحصاً استفادت منه 2107 امرأة صنفن كحالات اجتماعية ضمن مسؤولية المركز وشركائه الاجتماعية، ونفذ 786 ورشة عمل وفعالية تثقيفية استفادت منها 18465 امرأة فيما وصلت جلسات التثقيف الفردي إلى أكثر من 22383 جلسة عدا عن الرسائل التوعية التي حملتها وسائل الإعلام للنساء والمجتمع إلى جانب الحملات الميدانية التي ترافق حملة شهر التوعية بأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي في أكتوبر من كل عام.
ويسجل لمركز دنيا والعيادة الوردية المتنقلة الكشف 258 حالة إصابة بسرطان الثدي كان نصيب العيادة الوردية منها في غضون عامين 30 حالة. وبنظرة على التسلسل في تشخيص حالات الإصابة عاماً بعد أخر يلحظ مدى التطور في الإقبال على المركز إذ كانت البداية بتشخيص 12 حالة إصابة لتصل إلى 23 حالة في نهاية العام 2020 الذي شهد حالة شلل في الحياة العامة للفلسطينيين بسبب جائحة كورونا وما تبعها من إجراءات. فيما كان نصيب العام 2019 الأكبر إذ وصل إلى 35 حالة إصابة.
واستطاع دنيا خلال عشريته الأولى كذلك تشخيص حالات أخرى مصابة بأرام ما قبل السرطان خاصة بسرطان عنق الرحم والقولون وتم علاجها ما أسهم في منع الإصابة بالسرطان بعد تحويلها للعلاج.
رسالة متنامية ومستمرة
مديرة مركز دنيا الدكتورة نفوز مسلماني ولمناسبة الذكرى العاشرة لميلاد المركز ويوم المرأة العالمي ويوم الأم ويوم الأرض وجهت تحيتها للنساء الفلسطينيات وعلى رأسهن الأسيرات في سجون الاحتلال وأمهات الشهداء والجرحى وكل نساء الشعب الفلسطيني وقالت: في آذار المرأة نؤكد أن سرطان الثدي يمكن التغلب عليه بالإرادة والكشف المبكر والفحوصات الدورية، وقالت أيضاً لقد واجهنا في مسيرتنا السابقة الكثير من الصعوبات التي تغلبنا عليها بالإرادة وهمة الطاقم العامل الذي يمثل رأس مالنا الحقيقي ولكن الأصعب كان خلال جائحة كورونا التي شلت الحياة العامة وأثرت على ووصول وحصول النساء على الخدمات والمريضات في تحصيل العلاج اللازم رغم أن عدد من المتعافيات حاولن التخفيف من الأزمة بتقاسم ما لديهن من أدوية مع أخريات، ومع هذا وبحسب المسلماني فإن المعيق الأكبر والقلق الدائم يتمثل بالاحتلال وإجراءاته العنصرية حيث تعاني الكثيرات في مرحلة ما بعد التشخيص من منعهن من الوصول للقدس وأراضي العام 1948 للعلاج وخاصة بالأشعة تحت حجج أمنية واهية وفي أحيان كثيرة لا يسمح للمرافقين بالدخول معهن عدا عن منع بعضهن من السفر لاستكمال العلاج لذات الحجج والأسباب، وأوضحت أن المرأة الغزية لديها معاناة أكثر بسبب عدم وجود مراكز تشخيص في القطاع المحاصر ومنع الخروج من غزة نحو الضفة.
وأوضحت مديرة دنيا أن المركز وخلال سنواته العشر الماضية كسر حاجز الخوف من الوصمة الاجتماعية حيث زاره في عامه الأول 500 إمرأة في حين وصل مع خلال العام الماضي العدد إلى 2000 وأصبح الإسهام في محاربة سرطان الثدي يشمل المجتمع الفلسطيني بأكمله ذكوراً وإناثاُ وأفراداً ومؤسسات وأصبح المركز قبلةً لطلبة الجامعات لإجراء الأبحاث وحلقات النقاش وبات يتمتع بعلاقة طيبة مع المؤسسات الأكاديمية الفلسطينية.
وأعربت المسلماني عن أملها في الوصول إلى المرحلة التي تقدم فيها الخدمات التشخيصية والعلاجية من سرطان الثدي وأورام النساء على مستوى الجغرافيا الفلسطينية لما في ذلك من سهولة ويسر على النساء الفلسطينيات وحماية لهن وإنقاذ لحياتهن.