أكثر من ألف معتقل: مواجهات بين قوات الأمن والمحتجين في روسيا
اعتقلت الشرطة الروسية، اليوم السبت، أكثر من ألف شخص في مختلف أنحاء البلاد خلال تجمعات في عشرات المدن بدعوة من المعارض أليكسي نافالني، للمطالبة بالإفراج عنه.
واندلعت صدامات متقطعة بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب التي استخدمت الهراوات ضد المحتجين الذين كانوا يرشقون عناصرها بكرات الثلج. وكان قسم كبير من الحشود متوجها نحو ساحة قرب الكرملين.
ونشر فريق نافالني الناشط الشهير في مكافحة الفساد الذي كان ضحية تسميم مفترض خلال الصيف، طوال النهار، مقاطع فيديو عن هذه التظاهرات حيث كان عشرات أو حتى مئات وآلاف الاشخاص يرددون شعارات مثل "(الرئيس فلاديمير) بوتين سارق" و"نافالني، نحن معك" و"الحرية للسجناء السياسيين".
وحركة الاحتجاج هذه تنظم صفوفها قبل أشهر من الانتخابات التشريعية المرتقبة في الخريف على خلفية تراجع شعبية الحزب الحاكم "روسيا الموحدة".
عودة نافالني إلى روسيا
وجرت التظاهرات الأولى السبت في أقصى شرق روسيا حيث خرج آلاف الأشخاص إلى الشوارع في فلاديفوستوك وخاباروفسك وقوبلت بعدد كبير من عناصر الشرطة.
وقبل أكثر من ساعة من بدء التجمع في وسط موسكو، اعقتلت عناصر مكافحة الشغب عشرات الأشخاص ونقلتهم في عربات السجون، كما أفاد شهود عيان.
وكانت شرطة موسكو وعدت بأن "تقمع بلا تأخير" أي تجمع غير مصرح به تعتبره "تهديدا للنظام العام". ومن جهته، دان رئيس بلدية موسكو، سيرغي سوبيانين، التظاهرات "غير المقبولة" في أوج انتشار وباء كورونا.
وتجمع مئات الاشخاص وبينهم الكثير من الشباب في ساحة بوشكين، ورددوا هتافات مثل "العار" و"الحرية". وأراد المتظاهرون التوجه من هناك عبر شارع رئيسي إلى الكرملين.
أعلنت يوليا نافالنايا، زوجة المعارض الروسي نافالني، السبت، أنه تم توقيفها من قبل الشرطة الروسية في موسكو خلال تظاهرة دعم لزوجها المسجون.
وقالت بنبرة سخرية على صفحتها على إنستغرام حيث نشرت صورة سيلفي التقطتها في عربة الشرطة "اعذروني على رداءة نوعية (الصورة)، الضوء سيء في عربة نقل المساجين".
وخرجت أولى التظاهرات في سان بطرسبرغ. وقالت غالينا فيدوسيفا (50 عاما) "سيكون من العار البقاء في المنزل، أنا بحاجة للتحدث والتعبير عن موقفي".
من جهته، قال اليكسي سكفورتسوف (20 عاما) إن "الناس سئمت من بوتين، لقد كان رئيسا طوال حياتي. آن الأوان لإفساح المجال للآخرين" مضيفا "لا أريد العيش وسط دكتاتورية".
وفي ياكوتسك بجنوب الدائرة القطبية، تحدى حوالي مئة متظاهر الصقيع وتظاهروا وسط درجة حرارة بلغت خمسين تحت الصفر.
وتم توقيف حوالى ألف شخص في عشرين مدينة روسية، بحسب منظمة "أو في دي إنفو" غير الحكومة المتخصصة في متابعة الاعتقالات خلال التظاهرات.
وكانت الاعتقالات عنيفة بشكل خاص في فلاديفوستوك، الميناء الروسي على المحيط الهادىء، حيث قام عناصر شرطة مكافحة الشغب بمطاردة المتظاهرين وضربهم بالعصي بحسب فيديو لوكالة "فرانس برس".
وكانت الشرطة الروسية أوقفت هذا الأسبوع حلفاء من الصف الأول لنافالني بينهم اثنان حكم عليهما الجمعة بعقوبات سجن قصيرة. وفي المناطق الأخرى، أوقف عدد من منسقي حركته بعد دعوتهم إلى تظاهرة، السبت.
ونافالني (44 عاما) موقوف حتى 15 شباط/ فبراير على الأقل ومستهدف بعدد من الإجراءات القانونية. واعتقل عند عودته الأحد الماضي من ألمانيا حيث أمضى خمسة أشهر في نقاهة.
وكان قد أصيب في نهاية آب/ أغسطس بمرض خطير في سيبيريا وتم نقله إلى المستشفى في حالة طوارئ في برلين بعد تعرضه، على حد قوله، لتسميم بغاز الأعصاب من قبل الاستخبارات الروسية.
وأكدت ثلاثة مختبرات أوروبية إصابته بتسمم. لكن موسكو تنفي بشدة ذلك وتتحدث عن مؤامرة. ومع أنه يدرك أنه قد يعتقل، جازف نافالني بالعودة إلى روسيا مع زوجته.
وفور توقيف نافالني الذي دانته القوى الغربية، دعا أنصاره ومشاهير روس أقل تسييسا، إلى تظاهرات من أجل إطلاق سراحه.
وتم تناقل آلاف الدعوات إلى الاحتجاج هذا الأسبوع على شبكات التواصل الاجتماعي حيث يتمتع المعارض بحضور واسع بينما تتجاهله وسائل الإعلام الحكومية الروسية الرئيسية إلى حد كبير.
وللحد من هذه الدعوات إلى التظاهر، هددت سلطة الاتصالات الروسية "روسكوماندزور" بفرض غرامات على منصتي "تيك توك" و"فكونتاكتي" النظير الروسي لفيسبوك.
وقالت السلطة الروسية إن هاتين المنصتين وكذلك "يوتيوب" الذي تملكه جوجل، قامت بحذف جزء من الرسائل المعنية.
وبينما فتح تحقيق في "تحريض على أعمال غير قانونية ضد القاصرين"، دعت وزارة التربية والتعليم الآباء إلى "منع" أبنائهم من الانضمام إلى التظاهرات.
وحاول فريق نافالني إثارة حماس مؤيديه عبر نشر تحقيق مدو الثلاثاء، بشأن ملكية فخمة يستفيد منها الرئيس فلاديمير بوتين.
وهذا المسكن الفاخر الذي يُطلق عليه اسم "قصر بوتين" على شواطئ البحر الأسود ، كلف حسب المعارض أكثر من مليار يورو وتم تمويله من أقارب الرئيس. ورفض الكرملين هذه الاتهامات.
وحتى مساء الجمعة، كان هذا التحقيق الطويل قد حصل على أكثر من ستين مليون مشاهدة على "يوتيوب" وهو رقم قياسي مطلق من بين العديد من التحقيقات التي نشرها نافالني في السنوات الأخيرة.