ائتلاف أمان يكشف أكبر معيق لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030
انطلاقاً من عضويته في الفريق الوطني لتحقيق الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة 2030 والمرتبط بتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد والتي تعهدت فلسطين بالعمل على تحقيقها؛ استعرض الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة- أمان في جلسة نقاش تقرير ظل أعده، تناول فيه مستوى التقدم الذي أحرزته الحكومة في تحقيق أربع غايات تتقاطع مع تدابير مكافحة الفساد، مُنطلقاً من مساهمته الطوعية في فحص التحديات التي تعيق تحقيقها، ومقدماً في الوقت ذاته توصياته لتذليلها.
وقد جمع الائتلاف البيانات في تقريره الثاني بعد أن أعد تقريره الأول في العام 2018، آخذا بعين الاعتبار تعدد أبعاد غايات التنمية المستدامة، ومدى توفر ودقة البيانات المعدة من قبل المؤسسات الحكومية، والتي شكلت بدورها مبررا لإجراء تقييم مستقل لجهود الحكومة في مكافحة الفساد في سياق أهداف التنمية المستدامة، حيث من الممكن استخدام المعلومات التي يوفرها تقرير الظل المحدث في عملية الاستعراض الحكومي لأهداف التنمية المستدامة الذي تنجزه الدول بشكل مستمر، إضافة الى مساهمته في مساندة مراكز اتخاذ القرار في وضع الخطط الوطنية لمعالجة الفجوات المعيقة لتحقيق الهدف المرجوّ.
إبرام اتفاقيات ثنائية مع الدول لتبادل المعلومات وتسليم المجرمين سيسهّل استرداد المتحصلات من الفساد
وفقا للغاية 16.4 والتي تتناول موضوع الحد من التدفقات غير المشروعة للأموال وتعزيز استرداد الأصول المسروقة، فقد سجلت الحكومة –وفقا للتقرير المحدث- بعضاً من التقدم في استجابتها لعملية التقييم الوطني لهذه المخاطر، حيث صادق مجلس الوزراء على "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب"، كما صدرت لائحة التعليمات حول الأشخاص المعرضين سياسياً للمخاطر.
وقد أفاد التقرير قبول عضوية وحدة المتابعة المالية في دولة فلسطين في مجموعة إيجمونت الخاصة بوحدات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب عام 2019، ما يسهل من تدفق المعلومات وتعقب وتتبع الأموال والمتحصلات الجرمية من جريمة الفساد والمساهمة في عملية استردادها على المستوى الدولي.
يحث أمان باستمرار قيام الجهات المختصة وبالتعاون مع وزارة الخارجية الفلسطينية والممثليات الفلسطينية بإبرام اتفاقيات ثنائية مع الدول المختلفة لتبادل المعلومات وتسليم المجرمين وتسهيل مهمة التحقيق والتقاضي وفقا للقانون، وتكثيف برامج التدريب والتأهيل للعاملين في الدوائر الحكومية والشركات والمؤسسات الخاصة، وجمهور المواطنين حول مخاطر غسل الأموال وضرورة مكافحته. إضافة الى ضرورة تعاون المؤسسات الرسمية وغير الرسمية مع الجهات المختصة وذات العلاقة بمكافحة جريمة غسل الأموال في سهولة انسياب المعلومات عند طلبها من حيث الدقة والسرعة.
أما على صعيد استرداد الأصول المسروقة، فقد سُجِّلَ تطورا في احتواء الإستراتيجية الوطنية عبر القطاعية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد (2020-2022) على بنود تدخلات تفعيل توصيات اللجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال، وإعداد خطة تنفيذية للإستراتيجية القطاعية لإدارة المال العام 2017- 2022 -والتي ما زالت تواجه تحديات كبيرة في تنفيذها- كما صدرت أحكاماً قضائية باسترداد المبالغ المسروقة.
وفي هذا الصدد، يوصي أمان السماح بإمكانيـة مصـادرة العائـدات الإجراميـة المتأتية من أفعال مجرّمة وفقاً لاتفاقية مكافحة الفساد في قطاع غزة، أو مصادرة ممتلكات تعادل قيمتـها قيمـة تلـك العائـدات، بالإضـافة إلى الأشـياء الـتي اسـتُخدمت أو كانـت معـدّة للاسـتخدام في ارتكـاب هـذه الأفعال والممتلكـات الـتي حُوِّلـت العائـدات الإجراميـة إليهـا والإيرادات والمنافع المتحصـلة مـن تلـك العائـدات.
لا بد من توسيع صلاحيات كل من هيئة ونيابة مكافحة الفساد ونيابة لتشمل جرائم الفساد في القطاع الخاص
وحول التقدم في تطوير قانون مكافحة الفساد ليجرم كافة جرائم الفساد، فقد جاءت التعديلات على القانون رقم 37 لسنة 2018 بإخضاع الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية لجرائم الفساد مساهمة في ذلك، فيما لم تجرم التشريعات الفلسطينية الرشوة والارتشاء في القطاع الخاص. وفي هذا المضمار، أوصى أمان بتجريم الوعد بالرشوة في القطاع الخـاص أو عرضها أو منحها أو طلبها أو قبولها، وتوسيع صلاحيات هيئة مكافحة الفساد ونيابة ومحكمة مكافحة الفساد لتشمل جرائم الفساد في القطاع الخاص.
ضعف التشريعات القانونية لمكافحة الفساد في قطاع غزة
قانون مكافحة الفساد المعدل غير مطبق في قطاع غزة منذ انشاء هيئة مكافحة الفساد وهو ما يشكل المعيق الاكبر للتقدم في مكافحة الفساد في القطاع، وهو ما يتطلب الضغط باتجاه تبنيه من قبل الجهات الحاكمة في قطاع غزة، وتعديل المـادة (١٧٤) من قانون العقوبات الساري في قطاع غزة، بحيـث تغطـي صـراحةً الاخـتلاس لصالح شخص أو كيان آخر وفعلي التسريب والتبديد. إضافة الى تجريم استخدام القوة البدنيـة أو التهديـد أو الترهيـب أو الوعـد بمزيـة غـير مسـتحقة أو عرضـــها أو منحهـــا للتحـــريض علـــى الإدلاء بشـــهادة زور أو للتـــدخل في الإدلاء بالشهادة، أو تقـديم الأدلـة في إجـراءات تتعلـق بارتكـاب أفعـال مجرّمـة وفقـاً للاتفاقيـة، كما تجريم اسـتخدام القـوة البدنيـة أو التهديـد أو الترهيـب للتـدخل في ممارسـة أي موظـف قضائي أو معني بإنفاذ القانون مهامه الرسمية.
تنظيم انتقال المسؤولين للعمل بين القطاع العام والخاص وإقرار الذمم المالية يعززان من منظومة النزاهة
وحول الشفافية والنزاهة في الإدارة العامة، فقد أوصى أمان بضرورة وضع نظام/ لائحة لتنظيم إجراءات انتقال المسؤولين من العمل في القطاع العام الى القطاع الخاص، وتبني مدونة سلوك خاصة بالوزراء وأعضاء المجلس التشريعي، تبين حالات تضارب المصالح وكيفية التعامل مع الهدايا، وضرورة قيام جهة مختصة أو قضائية بفحص وتدقيق المعلومات والبيانات التي تتضمنها إقرارات الذمة المالية، والتوجه نحو العلنية للمناصب العليا على الأقل ونشرها على العموم، وتفعيل وتعزيز العقوبات على المخالفين سواء الممتنعين عن تقديم الإقرارات، أو غير الملتزمين بمواعيد تقديمها، أو أولئك الذين يقدمون معلومات خاطئة ومغلوطة في الإقرارات، وشمول هذه العقوبات لكافة الفئات المكلفة.
الإفصاح عن البيانات المالية لتعزيز ثقة المواطن بالحكومة
وفيما يخص الهدف 16.6 من تطوير مؤسسات فعّالة ومسؤولة على جميع المستويات، وحسب تقرير الفريق الأهلي لشفافية الموازنة العامة، فقد أشار أن وزارة المالية قد نشرت 5 وثائق (بيان ما قبل الموازنة، والموازنة العامة المقرّة والمعتمدة، موازنة المواطن، التقارير الدورية (الشهرية والربعية)، وتقرير نهاية السنة «الحساب الختامي» للعام 2019) من أصل 8 وثائق وجب نشرها، وأن بعضاً من المنشور احتوى على أرقام صماء لا تعكس الأداء خلال العام الماضي، وما تم تحقيقه من أهداف وما تم تنفيذه من برامج، فيما لم يتم نشر كل من: (ملخص مقترح الموازنة، التقرير النصف سنوي، التقرير المدقق للعام 2018).
وفي هذا الصدد ما زال الائتلاف يطالب بالإفصاح عن البيانات المالية التفصيلية وفقا لقانون تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية رقم 7 لسنة 1998، وضرورة التزام وزارة المالية والتخطيط بالأحكام الخاصة بإصدار ونشر الحسابات الختامية في مواعيدها وفقا للقانون، وضرورة قيام ديوان الرقابة المالية والإدارية بنشر تقاريره في أوقاتها تحقيقا لمبدأ الشفافية.
وحول المشتريات العامة، يُشار إلى أن الحكومة الحالية قلصت ظاهرة الشراء المباشر بشكل كبير عما كانت عليه في السابق، الا أن ائتلاف أمان ما زال يطالب باستكمال المتطلبات المؤسساتية الخاصة بتطبيق قانون الشراء العام، والالتزام بأحكام القانون عند استخدام الاستثناءات في عمليات الشراء العام المباشر، وأن تقوم الحكومة بإصدار نظام يحدد بوضوح اللوازم ذات الطبيعة الأمنية العالية المستثناة من إجراءات شراء اللوازم العامة في قانون الشراء العام وإجراءات التعاقد بشأنها.
المطالبة بإمكانية الاستماع للشهود والخبراء والمبلغين عن الفساد باستخدام طرق تكنولوجية حديثة
وحول آليات الإبلاغ عن ممارسات فساد، فقد جرى تطور في هذا الجانب، منها إصدار تشريع لحماية المبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد، كذلك ارتفاع مؤشر تعريف المبلغين عن الفساد من مبلغ ومخبر، وخبير، وطالب للحماية، كما نص نظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم تعريفاً في المادة رقم 10 الخاصة بالحماية الشخصية على توفر الهيئة الحماية الشخصية للأشخاص المشمولين بقرار الحماية بالتعاون مع الشرطة والجهات المختصة بقوى الأمن. ومن المآخذ على النظام اشتراطه أن يتم الإبلاغ لهيئة مكافحة الفساد حتى يحصل المبلغ على الحماية. وقد أوصى أمان بألا تقتصر جهة الإبلاغ عن الفساد على هيئة مكافحة الفساد وحدها وإمكانية الاستماع للشهود والخبراء والمبلغين عن الفساد باستخدام طرق تكنولوجية حديثة.
ارتفاع في الانتهاكات بخصوص حماية الحريات العامة
وأخيرا، احتوى التقرير أيضا الغاية 16.10 حول حماية الحريات العامة وحق الوصول إلى المعلومات، حيث سجّل ارتفاع حاد في عدد شكاوى الاحتجاز التعسفي حيث بلغت (125) شكوى احتجاز تعسفي عام 2018، صنفت على خلفية حرية الرأي والتعبير مقابل (32) شكوى في عام 2017. كما شهدت انتهاكات الحريات الإعلامية في فلسطين خلال 2018 ارتفاعا بلغت نسبته 10% مقارنة بالعام الذي سبقه بما مجموعه 584 اعتداء. وقد احتلت فلسطين في مؤشر حرية الصحافة العالمي الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود في العام 2019 الموقع 137 عالميا وبحسب المركز الفلسطيني للحريات الإعلامية (مدى) فان المجمل العام للانتهاكات في فلسطين في العام 2019 ارتفع بمقدار 94 نقطة بزيادة بلغت نسبتها 16% مقارنة بالعام الذي سبقه. والجدير ذكره في هذا المجال إصدار محكمة صلح رام الله قراراً في عام 2019 يقضي بإغلاق ما مجموعه 49 موقعا إخباريا وصفحة على الفيسبوك، حيث استند قرار الاغلاق إلى المادة 39/2 من قانون الجرائم الالكترونية.
وقد أوصى الائتلاف جملة من التوصيات، تمثلت في مراجعة وتطوير قانون المطبوعات والنشر وقانون الجرائم الالكترونية لتعديل النصوص التي تقيد ممارسة الحقوق والحريات العامة، والإسراع في إقرار قانون حرية الحصول على المعلومات وقانون الأرشيف الوطني، ورفع وعي الموظفين والمسؤولين بالعلاقة الوثيقة بين الحق في الحصول على المعلومات، وتعزيز ثقافة الشفافية والمكاشفة والمساءلة.