بتمويل أوروبي.. عنوانٌ حقوقيٌّ مُوحّد لحماية المقدسيين من التهجير
خاص- ادهم مناصرة
ثمة خصوصية كبيرة للسكان الفلسطينيين في القدس الشرقية على صعيد صعوبات الحياة اليومية التي يعيشونها مقارنة بمناطق الضفة الغربية بدءاً من هدم البيوت ومصادرة الأراضي ومروراً بسحب الهويات.. وهو ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى المواظبة على تمويل المشاريع الرامية إلى دعم المقدسيين في مواجهة التهجير القسري عبر تقديم الدعم القانوني اللازم لهم.
ولذلك، قرر الاتحاد الاوربي تمويل مشروع حماية المجتمعات المقدسية المهمشة عبر الدعم القانوني والتخطيط والضغط والمناصرة لايجاد عنوان موحد لتقديم الحماية القانونية والحقوقية للمقدسيين.
شراكة مولودة من رحم المشروع
وفي السياق، أكد مدير فرع مركز القدس في المدينة المقدسة رامي صالح لـ"رايـة" أن المشروع يمتد لثلاث سنوات، ويقوم على بلورة تجمع مكون من أربع مؤسسات فلسطينية مقدسية شريكة وهي "مركز القدس، المركز الكاثوليكي لحقوق الإنسان "سانت إيف"، مركز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي، ومركز أبحاث الأراضي".
وأضاف صالح "كُنا كمؤسسات مقدسية قد عملنا في السابق معاً للدفاع عن حقوق المواطنين في مدينة القدس، ولكن المشروع الممول اوروبياً جاء ليعزز هذه الشراكة وينظمها ويقسم المهام فيما بينها".
ويتحدث رامي صالح عن فكرة المشروع سالف الذكر، قائلاً: "إن الفكرة من وراء تجمع هذه المؤسسات التي لها وجود داخل القدس وعملت بالسابق على تقديم الخدمات القانونية بمجالات متعددة، هي توحيد الجهود وألا يكون هناك تكرار أو تقاطع في المهام والأعمال أو تضارب في تقديم الخدمات للمواطن المقدسي وتشتيته".
وانطلاقاً من هذا، عمل مركز القدس والمؤسسات الثلاثة الاخرى معاً- في سياق المشروع- على خطة استراتيجية لثلاث سنوات تضمن عدم حدوث اي تضارب؛ بحيث تختص كل مؤسسة حقوقية بتقديم شكل من أشكال الخدمات. ويتابع صالح "على سبيل المثال يعمل مركز ابحاث الاراضي على تقديم مخططات لنحو 55 دونماً داخل القدس ضمن المناطق المستهدفة من قبل الاحتلال الاسرائيلي ومهددة بالمصادرة أو الاستيلاء عليها لصالح الاستيطان المخالف للقانون الدولي".
واما مركز القدس، فإنه سيعمل ضمن المشروع على قضايا تتعلق بحقوق الإقامة للفلسطينيين الذين يعيشون في المدينة، فضلاً عن مسائل هدم المنازل على يد السلطات الإسرائيلية.. فيما يركز المركز الكاثوليكي لحقوق الإنسان على قضايا تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، على أن يعالج مركز المرأة القضايا النسائية المختلفة في القدس وبما يشمل المشاكل الأسرية.
الشراكة مستمرة بعد انتهاء المشروع؟
وحول عمر مشروع حماية المجتمعات المقدسية المهمشة، قال صالح لـ"رايـة" إن المشروع سينتهي في نهاية عام 2022.. لكنه شدد على أن التوجه يقضي بألا تنحصر الشراكة بين هذه المؤسسات المقدسية في سياق مشروع ممول وإنما "استراتيجية وهذا هو التوجه الرئيسي".
وأردف "لا نبني التحالف بيننا لوجود فرصة تمويلية وفقط وإنما نعمل مع بعض. وحتى بعد انتهاء المشروع سنعمل على استمرار التحالف وتوسيع التجمع".
و بشأن رجع الصدى العملي لهذا المشروع الذي يموله الاتحاد الاوروبي، أكد صالح أن المشروع انعكس على مركز القدس بشكل واضح؛ لا سيما التوسع بطاقم العمل بحيث أنه التحق العديد من المحامين المخولين بمتابعة القضايا المقدسية المختلفة، الأمر الذي زاد عدد الخدمات المقدمة إليهم مقارنة بالسابق.
توسيع دائرة الخدمات وفئة المستفيدين
ولم تتوقف فائدة المشروع على مركز القدس عند هذا الحد، بل أن مدير فرع المركز في القدس أقرّ أن المشروع دفعهم إلى الاهتمام بضرورة وجود خدمات قانونية مختصة مثل قضايا الهدم الاداري، حيث أنه "لم نكن بمركز القدس قد قدمنا من قبل هذا النوع من الخدمات وحالياً نحن بصدد تبني قضايا متعلقة بالهدم الإداري".
كما ولدى مركز القدس توجه في سياق المشروع بالاهتمام بقضايا مصلحة عامة تهم المواطن المقدسي، علاوة على الاستمرار بهذا العمل وتوسعته وتطويره.
وهذا يعني بالمحصلة، أن مركز القدس يعمل على توسيع الخدمات ورفع نسبة الفئة المستفيدة من خدمات مركز القدس خلال السنوات الثلاثة القادمة بما يقارب من 150 الى 165 بالمئة.
ولعلّ حماسة الإتحاد الأوروبي في دعم مشروع حماية المجتمعات المقدسية المهمشة لتمكينها من الحصول على الدعم القانوني والمُناصرة اللازمين بمرجعية مؤسساتية واحدة؛ نابعة من انسجامه مع جهد أوروبا للحفاظ على الوضع الراهن وحماية حل الدولتين- بمنظور القانون الدولي- من الانهيار.. وهنا وُلدت فكرة المشروع.
مع العلم انه في العام 1967 احتلت إسرائيل القدس الشرقية، وعام 1980 أعلنت ضمها رغم استنكار المجتمع الدولي ومن ضمنه اوروبا؛ لأن الضم يُعدّ مخالفة صريحة للقانون الدولي.
ويواجه المقدسيون على مر السنين الماضية سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى إخراجهم من مدينة القدس. وهناك الجدار الفاصل الذي يعزلها عن إحيائها وباقي مناطق الضفة الغربية، ناهيك عن حرمان سكانها من أبسط الحقوق والخدمات. وفي ظل هذا الوضع تدخل الاتحاد الأوروبي لدعم المقدسيين على مختلف الاصعدة ومن ضمنها المساهمة في تقديم الدعم القانوني لحماية وجودهم بالمدينة بطرق مختلفة، بما فيها المشروع سالف الذكر.
من عملٍ فردي إلى تجمعّ حقوقي
قبل المشروع، كانت المؤسسات الحقوقية الفلسطينية تعمل بشكل فردي واستطاع مشروع دعم المجتمعات المهمشة في القدس من دمجهم في تجمع مكون من المؤسسات المقدسية الأربعة المُشار إليها.
ومن هُنا، وُلد تجمع المؤسسات الحقوقية المقدسية بقيادة فلسطينية مُنظمة لديها الخبرة والقدرة مثل مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الانسان.
ويُعَوَّل على المشروع باعتباره يخلق آلية تنسيق تتضمن التغطية الجغرافية لكل التجمعات المقدسية وتقسيم المهام حسب مجال التدخل مثل هدم المنازل والمنشآت، سحب هويات، تسجيل اطفال، قضايا حقوق المرأة والاسرة، وانتزاع حقوق اقتصادية واجتماعية، إضافة إلى تخطيط اراضٍ من أجل البناء.
ومن الجدير ذكره أيضاً، يهدف المشروع الى اعتماد برامج توعية مشتركة وخطة مناصرة محلية ودولية لكشف الممارسات بحق السكان.. على أمل أن يخدم 5 آلاف اسرة مقدسية بواقع خمسة وعشرين الف مواطن مقدسي في غضون ثلاث سنوات.