B-Hub المُموّل أوروبياً.. بخُطى واثقة نحو التنمية الفلسطينية المُستدامة
أدهم مناصرة
لأنّ المجتمع الفلسطيني هو "فتيٌّ" (70% شباب واطفال حسب جهاز الاحصاء)، يركز الإتحاد الأوروبي اهتمامه على دعم البرامج والمشاريع في الأراضي الفلسطينية التي تعزز قدرات الشباب وتنمي قدراتهم وتلبي طموحاتهم كأساس لعملية التنمية المنشودة.. فوُلد ملتقى الأعمال (B-Hub) عام 2017 من رحم هذه الرؤية الأوروبية.
الحكاية بدأت قبل 3 سنوات
ملتقى او مشروع (B-Hub) بدأت حكايته قبل ثلاث سنوات بالتعاون مع مركز التعليم المستمر في جامعة بيرزيت، وهو عبارة عن برنامج متكامل يوفر مساحة جديدة تجمع الإبداع والموهبة والابتكار لتوفير الحلول للشركات وخاصة متناهية الصغر التي تواجه مشاكل في الاستدامة وممارسات الأعمال الضارة للبيئة، وإيجاد حلول لواقع الشباب في ظل البطالة المرتفعة.
وتقول مديرة برنامج ملتقى الأعمال الذي يدار في معهد التعليم المستمر التابع لجامعة بيرزيت أولغا البطران ل"راية" "إنهم بدأوا في هذا الملتقى في تشرين أول/2017 بتمويل من الإتحاد الاوروبي، موضحة أن الفكرة المبدئية للمشروع كانت أن يتم العمل بداية مع أعمال المشاريع التي ينفذها الطلاب؛ لانه لم تكن اي جهة تساعد الطلاب في جامعة بيرزيت لتطبيق مشاريعهم وتحويلها إلى واقع ناجح.
وأضافت البطران: "لمسنا المشاكل خلال ثلاث سنوات، واكبر مشكلة هو عدم وجود اي جهة تساعد الطلبة في مشاريعهم". وهو الأمر الذي كان دافعاً قوياً لمركز التعليم المستمر في جامعة بيرزيت كي يبدأ عام 2017 مع طلبة جامعة بير زيت، ثم انتقل عام 2020 للعمل في مناطق مختلفة بالضفة الغربية بما فيها "ج"، حيث تم تقديم الخدمات اللازمة لأي شخص لديه فكرة مشروع أو شركة أولية ويريد تطويرها واستمراريتها.
وتابعت أولغا البطران "كثير من الشركات لجأت إلينا وهي عازمة على الإغلاق بسبب عدم إمكانية استمرارها ودون إدارتها بشكل صحيح.. لكن بعد أن قدمنا لهم المساعدة ضمن ملتقى B-Hub، تمكنت من الاستفادة وبدلاً من إغلاق هذه الشركات، عمل القائمون عليها على تطوير منتج وسوق جديدين".
نتائج B-Hub
وتقول مديرة برنامج ملتقى الأعمال في معهد التعليم المستمر بجامعة بيرزيت إن ملتقى B- Hub عمل على تطوير القدرات الريادية لطلاب جامعة بيرزيت من خلال تقديم 260 ورشة عمل تدريبية وإشراك 360 طالبًا على الأقل في تقديم خدمات التوجيه للشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية، علاوة على إنشاء وهيكلة حاضنة أعمال في جامعة بيرزيت. كما وتم منذ 2017 البدء أو تطوير 180 شركة ناشئة طلابية، ومروراً بتعزيز الاستدامة والقدرة التنافسية لـ 250 مشروعا متناهيا الصغر، ناهيك عن استفادة أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني (ذكور وإناث) في الضفة الغربية من الخدمات التي قدمها الملتقى.
B-Hub ليس مشروعاً عابراً!
اللافت أن ملتقى B-Hub يُعتبر من المشاريع الناجحة التي مولتها أوروبا؛ لدرجة أن الاتحاد الأوروبي نجح في ترسيخه فكرة ونهجاً غير مرتبط بالتمويل فحسب، بل يمكن له أن يستمر حتى لو انتهى التمويل بما يحقق مفهوم التنمية المستدامة ومنهجيتها.
وفي السياق، تؤكد أولغا البطران أنه بالرغم من أن البرنامج سينتهي تمويله في شهر أكتوبر/تشرين أول مع إمكانية تمديده لعام 2021 بعد الإتفاق مع الشريك الأوروبي؛ إلا أن البطران شددت على أن جامعة بيرزيت لا تنظر إلى B-Hub كمجرد مشروع له بداية ونهاية وإنما بمثابة استراتيجية.. موضحة أن كل المشاريع التي ولدت أو تعززت ضمن البرنامج المذكور هدفت إلى تطوير القطاع الخاص في فلسطين، وأن الجامعة تفكر باستمرار البرنامج وديمومته واكمال العمل في إطاره مع الرياديين وشركات البلد.
وتضيف البطران أيضاً "أننا سنعمل في جامعة بيرزيت على البحث عن تمويل لB-Hub خاصة في ظل صعوبة الأوضاع الاقتصادية والسياسية في فلسطين، وعدم مقدرة الرياديين على دفع المال مقابل الخدمات التي يحتاجونها لإطلاق مشاريعهم الصغيرة او الحفاظ على شركاتهم. وتابعت "نحن نأتي بالتمويل ونقدم الخدمات التي يريدها الرياديون".
B-Hub للحفاظ على أموال الشباب الرياديين
ووجهت أولغا البطران نصيحة للشباب الرياديين، قائلة: "نحن نشجع الشركات والرياديين من أجل الاستفادة منB-Hub.. فبدلاً من أن تضيع أموالكم وتخسروها، نحن موجودون لمساعدتكم وكل خدماتنا مجانية، وهذه الخدمات غير متوفرة لدى اي جهة في الضفة الغربية. لاسيما تطوير المنتج واي نوع.. فمثلاً عندما نتحدث عن منتج الشامبو او مسحوق غسيل او كريم وجه، لدينا خبراء بتطوير هذه المنتجات، وهندسة التصميم لخطوط الإنتاج. وهذه الميزة بملتقى B-Hub".
وتشدد البطران على أن ملتقى الأعمال يمنح الدعم الفني اللازم لشركات ورياديين لتطوير منتجاتهم وإدارة مشاريعهم، مبينة أن "المنتج شيء رئيسي، ويجب أن يكون بجودة عالية وسعره معقول ومناسب للسوق والزبون وفي نفس الوقت تكلفة الإنتاجية مناسبة للشركة حتى تستفيد وتربح".
إذاً، عمل الاتحاد الأوروبي عن كثب مع مركز التعليم المستمر بجامعة بيرزيت للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الشباب لتأسيس شركاتهم الصغيرة بأفكار إبداعية وجديدة، بموازاة تمكينهم من امتلاك معرفة جديدة ومساعدة الشركات الصغيرة على حل مشاكلها التقنية والتشغيلية.. وهذا تحقق من خلال تطوير كفاءات الشباب اتجاه مشاريعهم الناشئة مع الموازنة ما بين قدراتهم ومتطلبات الشركات.
تطوير أفكار وايجاد حلول لمشاكل
الواقع، ان B-Hubالذي وصل إلى آلاف المستهدفين، قد مكّن بعضهم من الخروج بفكرة جديدة لشركة وبعضهم طوّر افكار شركاتهم الموجودة أصلاً في السوق الفلسطيني، والبعض الآخر حسّن فرصه للوصول الى وظائف أفضل في شركات ومؤسسات قائمة.. وهناك الكثير ممن استطاع إيجاد حلول لمشاكل بيئية حساسة لتحويل فلسطين الى مكان أكثر نظافة وخضرة، من خلال المشاركة بمسابقات خضراء تم تنفيذها من قبل b-hub بشكل سنوي.
شركات ناشئة مثل "طلابكو"، "رتب امورك"، "ماركت"، ”we can” وغيرها من الشركات الفلسطينية الصغيرة، استفادت من خدمات كثيرة قدمها B-Hub ويقوم عليها طاقم من الطلبة والمختصين المؤهلين.. وقد شملت الخدمات كثيرا من جوانب الاعمال؛ مثل تطوير مراحل الانتاج وهندسة التصميم لخطوط الانتاج، وتطوير خطط ومواد وحملات التسويق، إضافة إلى تطوير منتجات جديدة وتحليل الجدوى لأسواق وشركات جديدة من خلال استخدام مصادر طاقة بديلة، فضلاً عن تقليل تكاليف المواد الخام وتقليل المصاريف التشغيلية وغيرها.