"ايراسموس بلس" الأوروبي نحو "جَوْدَنَة وعَصْرَنَة" الجامعات الفلسطينية
ارية- ادهم مناصرة
"من أنجح برامج الدعم للجامعات الفلسطينية تاريخياً وأكثرها أثراً وديمومة".. بهذه العبارة لخّص مدير عام التطوير والبحث العلمي في وزارة التعليم العالي أحمد عثمان، تقييمه تجاه برنامج "ايراسموس بلس" الممول من الإتحاد الأوروبي لدعم أعمال التطوير في التعليم العالي.
البرنامج الأوروبي غير المسبوق قد استفادت منه فلسطين أسوة بالعديد من الدول الأخرى على مدار ست سنوات، حيث يشارف على الانتهاء قبل ان يتم تجديده لفترة أخرى.
البرنامج حقق خطط التعليم العالي
وأضاف عثمان في حديثه لـ"راية" أن "البرنامج ساعدنا في تحقيق خططنا وأهدافنا".. وأعرب عن أمله بتجديد هذا البرنامج لسنوات إضافية، مشيراً أيضاً إلى ضرورة دراسة الأولويات المُستجدّة ومراجعتها كي يتم أخذها بعين الاعتبار في برنامج "ايراسموس بلس" عند تمديده.
ويُعتبرُ هذا البرنامج واحداً من أهم برامج التبادل الأكاديمي بالعالم والذي أطلقه الاتحاد الأوروبي لتحسين جودة التعليم العالي من خلال تقديم منح للجامعات والمعاهد وفتح باب التعاون الأكاديمي بين أوروبا ودول العالم أجمع.
ويشرح ممثل بعثة التعاون الفلسطيني-الأوروبي الدكتور نضال الجيوسي ماهية البرنامج وغاياته، حيث قال إن "ايراسموس بلس" يُعنى بتحديث نظم التعليم العالي في فلسطين و"جودنة التعليم وعصرنته"؛ إذ يشمل البرنامج ثلاثة محاور؛ أولها بناء قدرات التعليم العالي، وثانيها الحراك الطلابي والأكاديمي، فيما يركز المحور الثالث على البحث الفلسطيني الأوروبي.
وقد بدأ البرنامج عام 2014 وينتهي في غضون اشهر وذلك بميزانية خصصت له بمقدار 16 مليار يورو، حيث شمل جنوب حوض البحر المتوسط ودول أوروبا الغربية والشرقية، كما يؤكد الدكتور نضال الجيوسي ل"راية".
وأضاف الجيوسي "هذا العام نهاية التيرم، وهناك سنة اضافية 2021 لاتمام المشاريع وإنجازها، ثم سيجدد له 6 سنوات من عام 2022 الى نهاية 2027.. الآن يبحث الإتحاد الأوروبي مضاعفة الميزانية ل 30 مليار يورو وهذا قيد النقاش".
برامج بكالوريوس وماجستير ودكتوراة جديدة
وتؤكد وزارة التعليم العالي ومعها المعاهد والجامعات في فلسطين أن لبرنامج "ايراسموس بلس" بالغ الأثر، حيث استفادت فلسطين بما يقارب 62 مليون يورو ما بين عامي 2014 و 2020.. منها 55 مليون يورو ضمن برنامج بناء قدرات الجامعات الفلسطينية ومؤسسات التعليم العالي.
وأوضح د.الجيوسي أنه "في هذه المشاريع ركزنا على فتح برامج ماجستير وبكالوريوس وحتى دكتوراة جديدة لم تكن عندنا في جامعاتنا الفلسطينية من قبل، وتُعنى هذه البرامج بالابداع والطاقة البديلة والجرائم الإلكترونية والبرمجيات. وقد استفدنا من الخبرات الأوروبية في هذا المجال وعلمنا على تشبيك بين الجامعات الأوروبية والفلسطينية".
لم تقتصر غايات برنامج "ايراسموس بلس" عند ماسبق، بل تم تأسيس مختبرات ومعاهد وقد تمكنت بعثة التعاون-الأوروبي- الفلسطيني من تدريب دربنا جامعية، بموازاة العمل على مأسسة مراكز عديدة والتشبيك بين القطاع الخاص والجامعات، علاوة على رفد سوق العمل بخبرات نوعية- وفق ما أفاد به د.نضال الجيوسي.
تشبيك الجامعات الفلسطينية بنظيرتها الأوروبية
لذا، كان ل"ايراسموس لبس" أثر كبير على الجامعات الفلسطينية، حتى أن الأخيرة تقرّ بتطور علاقاتها مع نظيراتها الأوروبية وباتت تنفذ برامج مشتركة نتيجة التشبيك الذي حصل في سياق البرنامج المذكور.. فتمكنت الجامعات الفلسطينية من تأسيس برامج جديدة وكثيرة، منها ما ركز على الاعتناء بشؤون الطلبة، وأخرى لتدريب الكوادر الجامعيين.
ومن هنا، أكد د. الجيوسي أن "ايراسموس بلس" أثر على مؤسسة التعليم العالي والطالب والبلد، حتى أن وزارة التعليم العالي تأثرت هي أيضاً بالبرنامج.
ويوضح د.الجيوسي هذا التأثر من خلال الإشارة إلى لجنة إصلاح التعليم العالي المكونة من الوزير ومدير الاعتماد والجودة إضافة إلى رؤساء جامعات، وهم أنفسهم أعضاء في برنامج "إيراسموس بلس" وصانعو سياسات.. وبالتالي فإن كثيراً من السياسات التربوية التي نتجت عن البرنامج المذكور تم اعتمادها من الوزارة.
التعليم العالي ظفر بخمسين مشروعاً
ولم تقتصر المشاريع المرتبطة ببرنامج "ايراسموس بلس" على جامعات الضفة الغربية بل وطالت أيضاً الجامعات في قطاع غزة، وكان لذلك كثير من الفوائد المتصلة ببناء القدرات والتمكين الطلابي بواقع واحد وستين مليون يورو.
وقد نالت مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية خمسين مشروعاً حتى نهاية 2019، وحازت مؤسسات التعليم العالي في فلسطين على 2700 فرصة للتبادل الأكاديمي ضمن برنامج "ايراسموس بلس".. وهذا يعني أنه أتيح للعديد من طلاب الجامعات الفلسطينية دراسة ما بين فصل إلى فصلين دراسيين في إحدى الجامعات الأوروبية، ويتم احتسابها من قبل الجامعة التي يدرس فيها بالأراضي الفلسطينية.
طلبة اوروبيون درسوا في جامعة فلسطينية
واللافت أنه تم في المقابل استقدام نحو 542 طالب ومحاضر من دول أوروبية مختلفة حصلوا على فرص تبادل بالجامعات الفلسطينية طيلة السنوات الستة. وهناك طلبة أوروبيون جاؤوا إلى هناك لدراسة اللغات وتخصصات أخرى في الجامعات الفلسطينية، حتى في قطاع غزة مثل الجامعة الإسلامية. حيث وصف د.نضال الجيوسي مسألة استقدام طلبة أوروبيين للدارسة في جامعات قطاع غزة في ظل الأوضاع الخاصة التي يعانيها، كان بمثابة تحدٍ كبير، ولكنه نجح.
ويختم د.الجيوسي تلخيصه للبرنامج "ايراسموس بلس" بالقول "كان له الأثر الضخم على مؤسسات التعليم العالي وسياسات الوزارة والطلاب ايضاً".
التعليم ركيزة التنمية
الحال، أن الإتحاد الأوروبي يشدد على اهتمامه ببرنامج "ايراسموس بلس" من منطلق أن التعليم من أهم ركائز الإصلاح والبناء والتنمية.. وهو ما يفسر أن البرنامج قد تخطى حدود القارة الأوروبية حتى وصل إلى فلسطين عام 2014.. فعمل البرنامج على تحديث نظم التعليم العالي وبناء قدرات الجامعات من خلال استحداث تخصصات مُعاصِرة ومُلائِمة لسوق العمل. كما يعمل على تعزيز جانب التبادل الأكاديمي والذي يهدف لتسهيل عملية الحراك والتبادل للمئات من الطلاب والموظفين من مؤسسات التعليم العالي في فلسطين لدول الاتحاد بهدف تبادل المعرفة والمهارات.
جامعات عديدة استفادت من المشاريع وطلاب كثير حصلوا على الفرصة الذهبية الممثلة بمنحة "ايراسموس بلس"، ومن خلال تجربتهم نالوا فرصة التعرف على شعوب وثقافات مختلفة وأساليب تعليم وتدريس جديدة لمحاكاتها في الجامعات الفلسطينية.. وهو ما حقق الهدف العام للبرنامج الأوروبي والمتمثل بإنشاء منطقة تعاون في مجال التعليم العالي لدول الإتحاد الأوروبي والدول الشريكة.