"الإقتصاد الأخضر".. كفرصة للمنتج الفلسطيني نحو العالَمية
راية - ادهم مناصرة
يُنجزُ مشروع " خلق بيئة ممكنة للأعمال ضمن مفهوم الاقتصاد الأخضر " الممول من الاتحاد الأوروبي- الذي انطلق في الأراضي الفلسطينية بإدارة وتنفيذ مركز التجارة الفلسطيني "بال تريد"عام 2017- بعد بضعة أشهر عامه الثالث والأخير بعد التمديد ؛ باعتباره أول مبادرة ممنهجة في فلسطين تتعلق بالتوجه نحو اقتصادٍ صديقٍ للبيئة .
ويهدف المشروع إلى وضع سياسة وطنية من شأنها تعزيز الأعمال ضمن مفهوم "الإقتصاد الأخضر" والذي يحاكي الفكر الحريص على البيئة والموارد الطبيعية وحقوق الأجيال القادمة و إنتاج منتجات تراعي النواحي البيئة ويعزز حضورها محليا وعالميا.
مدير السياسات التجارية في مركز التجارة الفلسطيني "بال تريد" شادي شاهين قال ل"راية" إن المشروع الممول من الإتحاد الأوروبي بقيمة مليون ونصف المليون يورو، جاء نتيجة إدراك "بال تريد" والقطاع الخاص بناء على مراقبة الأسواق الخارجية، بأن ثمة توجهاً عالمياً نحو "الممارسات الخضراء" في الإستهلاك والإنتاج الزراعي الأمر الذي ينعكس حتما على الصادرات والمنافسة في الأسواق الخارجية.. موضحاً أن المركز "يدرك تماما اهمية مواكبة هذه التطورات والعمل المستمر على تطوير إنتاجنا الفلسطيني وفق متطلبات الأسواق الخارجية".
وأضاف شاهين، ان المشروع يتم بالشراكة مع كل من وزارة الاقتصاد الوطني، سلطة جودة البيئة، وزارة السياحة والآثار ، وزارة الزراعة والاتحاد العام للصناعات الفلسطينية حيث تم تشكيل لجنة توجيهية للمشروع من هذه الجهات وكذلك فريق سياسات على المستوى الفني من كافة الجهات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص.
وبحسب شاهين، فإن المشروع يرتكز على هدفين أساسيين؛ يتمثل الأول في المستوى السياساتي وبيئة الأعمال من خلال وضع سياسة وطنية من شأنها تعزيز الأعمال ضمن مفهوم "الاقتصاد الأخضر". في حين يندرج الهدف الثاني في إطار تمكين مجموعة من الشركات ومساندتها في التحول الى الممارسات الخضراء وتعزيز تنافسيتها ايضا في الأسواق الخارجية.
تحديد القطاعات المستهدفة بعناية
اللافت، أنه تم تحديد القطاعات المستهدفة في هذا المشروع بعناية بناءً على مؤشرات القطاع الأكثر سرعة للتحول وكذلك أهميته النسبية في الصادرات والإنتاج والقيمة المضافة أيضا، آخذين بالاعتبار ضرورة وضع متطلبات الجاهزية للقطاعات التي قد تستغرق وقتا طويلا للتحول، وعليه تم إختيار القطاع الزراعي ( التمور، زيت الزيتون والأعشاب الطازجة ) والقطاع السياحي ( السياحة البيئية) على المستويين السياساتي ومستوى تطوير سلاسل القيمة لأربعة عشر شركة وموقع سياحي واحد، وقطاع الحجر على المستوى السياساتي.
وقد نظم "بال تريد" العديد من ورش العمل ضمن مشروع التحوّل للاقتصاد الأخضر في فلسطين، ليناقش الإمكانيات والتحديات، ومروراً بالإيجابيات والسلبيات.. حيث أكد الباحث في مجال الاقتصاد والصناعة والبيئة طارق مطيرة في آخر ورشة عمل عقدت في مدينة رام الله ان الاقتصاد الأخضر يعني اقتصاداً "يأخذ بعين الاعتبار الادارة البيئية السليمة للانتاج وتحسين ظروف العمل للمواطنين"، مشيرا في السياق ذاته الى وجود تحديات تقف في طريق هذا الاقتصاد وتطبيقه في فلسطين كغياب التشريعات الناظمة وايضا ضعف الإمكانيات وقلة الوعي في أهمية ذلك .
لكنّ مطيرة تطرق في الوقت ذاته إلى العوامل الإيجابية التي تعزز فكرة اعتماد الفلسطينيين على الاقتصاد الاخضر؛ ألا وهي ارتفاع اسعار الكهرباء وقلة مصادر المياه وكذلك ارتفاع اسعار المحروقات مقارنة مع دول العام وهو أمر يحتم على الفلسطينيين البحث عن بدائل ومنها تلك المتعلقة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وهي من الأمور التي تمثل عوامل بيئية جيدة .
كيف يحقق المشروع غايته؟
وحتى تتحقق الغاية من المشروع، يوضح شادي شاهين أن "بال تريد" عمل على وضع تدخلات محددة ومدروسة تساهم في تحضير "سلاسل القيمة" للشركات،بناء على تشخيص متخصص اجري لكل شركة علما بأن أداة التشخيص نفسها تم تطويرها من قبل خبراء بحيث تكون متخصصة في هذا التوجه وهي الأولى.. كما تم بناء قدرات فريق من المستشارين الفلسطينيين في هذا التخصص حتى يكونوا قادرين على تقديم هذا النوع من الخدمات بعد قيامهم بتشخيص الشركات تحت إشراف خبراء في هذا المجال وتحديد التدخلات المطلوبة ضمن سلسلة القيمة لهذه الشركات التي من الممكن فعلاً ان تسهل وصولها إلى منتجات خضراء وضمن عناصر هذا المفهوم الذي يُراد تكريسه من خلال هذا المشروع.
ويتابع شاهين أن "المشروع في نهاياته، وعلى صعيد السياسات انجزنا وثيقة السياسات وهي الإطار السياساتي لخلق البيئة الممكنة للأعمال الخضراء وكذلك حزمة الحوافز الخاصة بالقطاع الزراعي والتوجهات الخضراء في هذا القطاع لتحفيزه أكثر ونأمل ان يتم اعتمادها قريباً من قبل حكومتنا الفلسطينية".
وعلى صعيد الشركات وسلاسل القيمة فقد تم إنجاز ذلك لعديد من الشركات وكذلك الموقع السياحي وجاري استكمال المهمة، مع الإشارة إلى أن المشروع يستكمل المسيرة مع الشركات من خلال تنظيم مشاركتها في المعارض الدولية ولقاءات الأعمال وغيرها من الأنشطة ذات العلاقة.
وتأمل الجهات الشريكة في المشروع "أن تكون نتائج المشروع- الذي نحن في سنته الأخيرة وقد تبقى له بضعة أشهر- بمثابة دافع للتوسع به بناء على نتائجه. فقد وضع الأرضية للانطلاقة وأن توسيع نطاق العمل مع القطاعات الأخرى والبناء على هذه القاعدة - التجربة الفلسطينية الغنية بالخبرات – أصبحت غاية في الأهمية ..
وأكد شاهين أن مجرد الدخول في هذا المشروع هو بمثابة الخطوة الحقيقية لهذا النوع من المبادرات .. مضيفاً "صراحة هي المبادرة الاولى لأن هذا التوجه كان مبعثراً ومشتتاً قبل ذلك. ولكن جاء هذا المشروع كي نعمل على تنمية فكر الاقتصاد الأخضر حسب المتطلبات العالمية . ولهذا، فإن المشروع بحد ذاته هو بمثابة الخطوة الاولى نحو التحول، وأن ونتائج المشروع ستقود الى تعزيز هذا التوجه في فلسطين اكثر واكثر في المرحلة القادمة".
لماذا تهتم أوروبا بدعم "الإقتصاد الأخضر"؟
يُجمع العديد من الشركاء في مشروع "الإقتصاد الأخضر" على رأسهم "بال تريد" على القول إن الاتحاد الأوروبي يعتبر أحد أهم الشركاء الداعمين الأساسيين للاقتصاد الفلسطيني ولديه توجهات تركز على تعزيز قدرات القطاع الخاص من منطلق قناعاتهم بأن هذا القطاع هو المحرك والمسرع للعجلة الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية.
ويُجمع المسؤولون في مركز التجارة الفلسطيني "بال تريد" خلال حديثهم ل"راية" على أن الاتحاد الأوروبي معني بتنمية الصادرات الفلسطينية بشكل واضح، قائلين "هذا ليس جديداً على الاتحاد الأوروبي ومنذ فترة طويلة وهو شريك أساسي لنا في بال تريد والعديد من الشركاء.. هو حريص جدا على تنمية صادراتنا و صناعتنا بما يتناغم مع معرفتنا واحتكاكنا بالاسواق وبالتالي التقت أجندتنا في القطاع الخاص الفلسطيني مع الأولويات التمويلية للإتحاد الأوروبي. ومن هنا كانت الشراكة وستستمر".