وفاة الناشر اللبناني السوري رياض نجيب الريس في بيروت
لفظ الناشر رياض نجيب الريس أنفاسه الأخيرة في بيروت بعد أن نفحها أنفاسا من الحريات الأدبية والصحفية والثقافية التي تختزن مكتباتها منذ عقود ليرحل من كان يعرف باسم (شيخ الكار).
وكان الريس (ريسّاً) على كل معرض كتاب يقام سنويا في بيروت حيث تتصدر أعماله ودار كتبه الواجهات الأولى قبل أن تفوز بالمراتب الأولى في المبيعات.
وعن ٨٣ عاما ومئات المؤلفات توفي الناشر السوري-اللبناني يوم السبت بعدما كان تلقى العلاج في أحد مستشفيات العاصمة اللبنانية.
واختتم الريس مسيرة أدبية صحفية توزعت بين المدن، وكان بدأها مع كامل مروة مؤسس جريدة الحياة الذي أوفده مراسلا صحفيا إلى فيتنام عام 1966 قبل أن يستكمل تجربة الميدان مع الصحفي غسان تويني فيما بعد.
وانتمى الريس خلال مسيرته إلى عاصمتين، فهو ولد وعاش طفولته في دمشق ونشأ وتعلم وعمل في بيروت.
لكن الريس الذي تابع شؤونا صحفية في مدن الخليج العربي تهيّب الكتابة عن حروب بيروت ودمشق، فخلال الحرب الأهلية اللبنانية التي دارت بين عامي 1975 و1990 غادر إلى لندن وأصدر هناك جريدة (المنار) وكانت أول جريدة عربية تصدر في أوروبا ثم أسس (شركة رياض الريس للكتب والنشر) سنة 1986 التي نقلها إلى بيروت.
من مؤلفاته (الخليج العربي ورياح التغيير) و(رياح الجنوب) و(رياح السموم) و(رياح الشرق) و(صحافي ومدينتان) و(قبل أن تبهت الألوان.. صحافة ثلث قرن) و(مصاحف وسيوف) و(رياح الشمال) و(صراع الواحات والنفط: هموم الخليج العربي) و(الفترة الحرجة) و(أرض التنين الصغير: رحلة إلى فيتنام) و(زمن السكوت) و(الحياة في زمن التفاهة) و(موت الآخرين). وكان آخر كتاب حمل توقيعه (صحافة النسيان).
روى الريس مذكراته وخلاصة تجربته في كتاب ”صحافي المسافات الطويلة“ وجاء هذا الكتاب على شكل حوار بين رياض الريس والكاتبة السورية سعاد جروس كحديث مكاشفة بين جيلين صحفيين.
وقد ورث هذا الإرث الأدبي عن والده الرحل نجيب الريس الذي كان صحفيا وأديبا لامعا.
وانهالت على صفحات التواصل الاجتماعي برقيات الرثاء التي ودعت الريس بعبارات الحزن على خسارة أدبية فادحة.
وقال الكاتب اللبناني غسان شربل على تويتر ”غاب رياض نجيب الريس حزينا على مدينتين. تلوح الكتب الأنيقة في وداع صديقها وناشرها“.
ونعاه الكاتب فواز طرابلسي على صفحته بفيسبوك قائلا ”اليوم خسرت أخي ورفيق عمري، منذ أيام الدراسة، وصديقي وناشري، رياض نجيب الريس (...) لن تسنح لي ولمحبيه الكثر إلقاء النظرة الأخيرة عليه، لكني متأكد من أن رياض الريس، السوري-اللبناني، ساكن في قلوب كثيرات وكثيرين في هذا العالم العربي قدر ما أنا متأكد من أنه باق في ما كتب ونشر“.
وعلق الكاتب والصحفي يوسف بزي على خبر رحيله قائلا ”مات الحبيب والمعلم رياض الريس، مات بعض من تاريخ بيروت، وتاريخ الصحافة وتاريخ الثقافة العربية... مات صانع الكتاب الأنيق“.
وقال الكاتب الفلسطيني مريد البرغوثي ”بيته كان بيتنا الثاني،تميم وأنا، حديثه كان بيتا، سهرته كانت بيتا، جرأته كانت بيتا، أسئلته كرم. أناقته درس. أناقة كتبه التي ينشرها درس. الإنسان الحلو رياض الريس، صديقي وناشري الأجمل .. وداعا“.
وأضاف البرغوتي في إشارة إلى الانفجار الهائل في مرفأ بيروت والذي أدى لمقتل نحو 200 شخص وأصاب الآلاف إضافة إلى تدمير جزء كبير من العاصمة ”الحريق أخذ نصف بيروت وغيابك أخذ نصفها المتبق“.