قارة أفريقيا في طريقها نحو الانقسام واحتمال ظهور بحر جديد
نشر موقع “ريداكسيون نيسفيرك” الألماني تقريرا تحدّث فيه عن تشكّل الصفائح التكتونية على سطح الأرض واحتمال انفصال القارّة الأفريقيّة وتوجّهها نحو أوروبا مع ظهور بحر جديد.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته “عربي21″، إن الأرض انشقّت بشكل مفاجئ في كينيا منذ سنتين، ممّا أدّى إلى انقسام وانفصال الطرقات والمنازل مما أدى بدوره إلى ظهور واد متصدّع طويل عمقه 20 مترا وعرضه 15 مترا. في البداية، تبين أن الأمطار الغزيرة في المنطقة هي السبب وراء حدوث هذه الهوة. في المقابل، لم يكن ذلك كافيا لتفسير هذه الظاهرة بسبب وجود قوة أكبر من ذلك كامنة في أعماق الأرض.
صدع عملاق يمكن رؤيته عبر الفضاء
أورد الموقع أن الشقّ الهائل في كينيا ليس إلا استعراضا أوليا لأنّه صغير نسبيّا مقارنة بما يحدث في باطن الأرض، ذلك أنّ الصفائح التكتونية في توتّر مستمرّ وفي طريقها نحو الانفصال عن بعضها البعض.
ويعتبر الصدع في القارّة الأفريقية عملاقا ومرئيّا عبر الفضاء، حيث ينقسم جزء كبير من الأرض على شكل منخفض يصل عرضه إلى 100 كيلومتر، بداية من موزمبيق الواقعة في الجنوب الشرقي وصولا إلى البحر الأحمر في الشمال، وهو ما يفسّر سبب إطلاق تسمية وادي شرق أفريقيا المتصدّع على هذا المنخفض.
الصدع في أفريقيا يزداد في الاتّساع
أوضح الموقع أنّ الوادي المتصدّع نما ببطء منذ بداية تفكك صفائح الأرض التكتونية منذ 20 مليون سنة.
وفي مطلع القرن التاسع عشر، كان الباحث الجيولوجي الاسكتلندي جون والتر غريغوري أوّل من اكتشف ما حدث في القارّة الأفريقيّة. لذلك، سُمّي جزء من الوادي المتصدّع باسمه تيمنا به. وعموما، فحص غريغوري صخور الأرض وطبقاتها في الوادي المتصدع ليتوصّل إلى أنّها ناتجة عن تحرّك طبقات الأرض.
وأوضح عالم الجيولوجيا بجامعة غوته في فرانكفورت ساشا شتاوباخ أنّ العلم الحديث أثبت كلّ ما توصّلت إليه بحوث غريغوري. كما يرى الباحثون أنّ ما يحدث في أفريقيا يعد أمرا مذهلا للغاية، خاصة وأنه أصبح بإمكانهم تجربة المرحلة الجنينية لتكوين المحيط.
درجات الحرارة فاقت الخمسين في مثلث العفر
أشار الموقع إلى مثلث العفر، وهو منخفض جيولوجي ناشئ على البحر الأحمر بسبب نقطة التقاء ثلاثية للصفائح الأرضية التكتونية، حيث يُعتبر من أكثر الأماكن حرارة على سطح الأرض، خاصة وأن درجة الحرارة فيه من الممكن أن تصل إلى خمسين درجة.
الأرض في ارتجاج مستمرّ بأفريقيا
أفاد الموقع أن البدو الذين يعيشون في المنطقة أكّدوا أن تشققات الأرض المفاجئة أدّت إلى تلاشي الإبل أو الماعز بسبب النشاط البركاني والهزات المترتبة عن انفصال الصفائح التكتونية تدريجيا. في الآن ذاته، أصبحت طبقة الأرض في مثلث العفر أضعف نظرا لأن القوى تسحبها من جميع الاتجاهات. ومن جهته، أوضح عالم الجيولوجيا شتاوباخ أن قشرة الأرض تتمدد، وإذا ما استمر عمق الصدع في شرقي أفريقيا، فستتدفق إليه مياه البحر الأحمر في نهاية المطاف.
تعدّ الكثافة السكّانية في مثلث العفر ضعيفة، كما توجد تأثيرات ملحوظة لانقسام الصفائح في أجزاء أخرى من القارة قد تكون أكثر خطورة من الصدع الذي حصل في كينيا. ففي سنة 2002، تسبّبت حمم بركان نيراغنوغو في وادي شرقي أفريقيا المتصدع بجوار مدينة غوما الكونغولية، في موت المئات من الأشخاص وتدمير المتاجر والمنازل والميناء الجوي. ويحتمل أن تؤدي حركة الصفائح التكتونية إلى اندفاعات بركانية جديدة أكبر من ذلك بكثير.
غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث بسبب البراكين
أورد الموقع أن المهندسين يحاولون الإبقاء على غاز ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض في بحيرة كيفو. ففي حال وصل إلى سطح الأرض، فمن الممكن أن يودي بحياة الآلاف من الناس في المنطقة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الكارثة وقعت في الكاميرون سنة 1986 حيث أسفرت عن مقتل 1700 شخص، عندما انتشرت سحابة من ثاني أكسيد الكربون من بحيرة نيوس. لذلك، أضحت تكنولوجيا الأقمار الصناعية مُعتمدة في الوقت الراهن لرصد مستويات ثاني أكسيد الكربون في البحيرات الأفريقية الكبرى، وقياس وتوثيق انقسام الصفائح في الوادي المتصدع، وتحليل عمليات الانحلال الإشعاعي والحقول المغناطيسية في طبقات الصخور.
أفريقيا تتحرّك نحو أوروبا
صرح عالم الجيولوجيا ستاوباخ قائلا إن “البيانات تشير إلى انفصال شرقيَ أفريقيا في المستقبل”. وبما أن انقسام الصفائح قد يستغرق ملايين السنين، ربّما ستتوقّف هذه العملية لفترة قبل أن تنجرف القارّة الأفريقية بأكملها شمالا نحو أوروبا. كما من الممكن أن تتفكك كتلة الأرض في الجزء العلوي وتنجرف إلى أوروبا بسرعة أكبر مقارنة بالبقية.