الابتهاج الإسرائيلي سابق لأوانه
مسؤولون إسرائيليون يشككون في انضمام دول أخرى للتطبيع
شكك مسؤولون سياسيون إسرائيليون بإمكانية انضمام دول عربية أخرى، حاليا، إلى اتفاقيات والتحالف وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، رغم أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يحاول ممارسة ضغوط من أجل تحقيق ذلك، اعتقادا منه أن المزيد من هذه الاتفاقيات ستساعده على الفوز بولاية ثانية في انتخابات الرئاسة، بداية تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
ونقل المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، اليوم الجمعة، عن مسؤولين إسرائيليين قولهم أنه "توجد مصاعب. وتوجد لدى كل واحدة من الدول المرشحة للتطبيع حواجز خاصة بها".
وحول عُمان "التي يفترض أن تكون الأولى، فإن السلطان قابوس حكمها 50 عاما. وكانت علاقاته متينة مع إسرائيل، والإسرائيليون تجولوا هناك، في السر والعلن. وقد توفي في كانون الثاني/يناير الماضي. وصعد إلى سدة الحكم ابن عمه هيثم. وطالما أن حكمه لم يستقر، فإنه يخشى تحويل العلاقات مع إسرائيلية إلى علاقات رسمية".
وأضاف"برنياع" أنه في السعودية يوجد خلاف بين ولي العهد، محمد بن سلمان، "الذي يدفع باتجاه التطبيع، الذي سيحسن مكانته في الولايات المتحدة، التي تضررت بسبب اغتيال الصحافي خاشقجي"، وبين والده الملك سلمان، "الذي وضع فيتو، ويرفض التراجع عن مبادرة السلام السعودية، التي اشترطت التطبيع بانسحاب إسرائيل إلى حدود 1967".
وأضاف أنه "في هذه الأثناء سمح النظام السعودي للبحرين، الدولة التي تحت وصايته، بالتطبيع. والبحرين كانت هدية عزاء من بن سلمان لترامب، وسلفة على الحساب المستقبلي. وتم فتح سماء السعودية أمام الشركات الإسرائيلية. وهذا كله يجري في العلن، فوق الطاولة. وثمة شك إذا كانت السعودية ستقدم على خطوة أخرى، حاسمة، قبل الانتخابات الأميركية".
وتابع برنياع أن "حكومة السودان تواجه صعوبة بالتخلص من وجود منظمات إرهابية؛ وهي ليست ناضجة بعد لاتفاق؛ وتوجد للمغرب، عمليا، تطبيع مع إسرائيل منذ سنوات طويلة. والملك لا يسرع لتحويلها إلى علاقات رسمية".
واعتبر برنياع أنه "حتى لو دخلت دول أخرى إلى دائرة التطبيع في الخمسين يوما المتبقية للانتخابات، فإن الاتجاه واضح. لقد فقد الفلسطينيون الفيتو على علاقات الدول السنية مع إسرائيل. لقد فقدوه لأول مرة عندما هبط السادات في البلاد، وأعادوه إلى أنفسهم بعد اتفاقيات أوسلو، وفقدوه مرة ثانية الآن. والمظاهرات التي تكن في عَمان، القاهرة، أو حتى في دمشق، تدل على أن الشارع العربي تغير. والفلسطينيون لا يشعلونه".
وأضاف أن الاتفاق الإسرائيلي – الإماراتي "دفن مبادرة السلام السعودية. وكانت إدارات أميركية سابقة قد تبنتها. وسعت إلى صفقة تبادل، مناطق الضفة مقابل سلام إقليمي. وذهبت جهودهم هباء. وسارت إدارة ترامب في أعقابهم في البداية. لكن عندما رفض أبو مازن صفقة القرن، حاولت الإدارة تحسين الشروط. وبدلا من ذلك تجاوزه: ليس سلاما مقابل الأرض، وإنما سلاما مقابل التنازل عن الضم وصفقة الأسلحة الإشكالية (مع الإمارات). وقد حقق ترامب أكثر من سلفيه بوش وأوباما".
وأشار برنياع إلى أن الإماراتيين يدفعون إلى تطبيق الاتفاق بسرعة. "وجهتهم نحو الأعمال. وكان السؤال الأول الذي طرحوه: متى سنتمكن من فتح حسابات مصرفية لديكم. وبنك ليئومي وبنك هبوعليم فهما التلميح وأرسلا وفدين إلى أبو ظبي ودبي".
تخوفات مصر والأردن
تناول محلل الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس"، تسفي برئيل، مواقف مصر والأردن من اتفاقيتي التحالف وتطبيع العلاقات بين إسرائيل وبين الإمارات والبحرين. وأشار في هذا السياق إلى الدعم المالي الذي تقدمه الإمارات إلى هاتين الدولتين، السباقتين في التطبيع.
وأشار إلى أن "مصر تستفيد من ضخ مليارات الدولارات سنويا إليها من الإمارات، كاستثمارات وإيداعات في البنك، منذ أن استولى السيسي على الحكم، عام 2013، وبعد أن أطاح بمحمد مرسي، والإمارات ساهمت في تطوير مشاريع في شمال سيناء في إطار حرب مصر ضد المنظمات الإرهابية ومجهود تجنيد البدو في هذه المعركة".
وأضاف أن "الإمارات شريكة في الحرب المصرية ضد الحكومة الليبية، ومصر هي جزء من التحالف الذي شكلته السعودية ضد الحوثيين في اليمن. وهذا كله يلزم النظام المصري بالدفاع عن سمعة الإمارات، ولجم أي انتقاد ضدها وتفضيل المصالح الاقتصادية – العسكرية على المبدأ العربي الشامل الذي يطالب بإنقاذ فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي".
وتابع برئيل أن "وضع الأردن مشابه لوضع مصر. ففي العام الماضي، حصلت على هبة بمبلغ 300 مليون دولار من الإمارات كمساعدات في مجالي التعليم والصحة. وحصلت في السنوات الأخيرة على دعم بمبلغ 1.5 مليار دولار من هذه الدولة الخليجية، إضافة إلى حوالي 300 ألف مواطن أردني يعملون في الإمارات ويحولون إلى عائلاتهم قرابة مليار دولار سنويا. وفي الأردن أيضا، كما في مصر، كانت التقارير حول الاتفاقيات (الإسرائيلية مع الإمارات والبحرين) جافة ومن دون انتقادات أو تحليلات، بموجب تعليمات وزير الاتصالات الأردني".
وأشار برئيل إلى وجود تخوفات وشكوك لدى مصر والأردن "من تبعات اتفاقيات السلام الجديدة. فحتى الآن، كانت مصر والأردن ’محبوبتا’ واشنطن، ولم تحظيا بدعم سياسي فقط، وإنما بمساعدات مالية سخية. مصر بسبب اتفاقيات كامب ديفيد والأردن بسبب التعاون الأمني الوثيق مع إسرائيل. والأهم من ذلك، أن علاقة هاتين الدولتين الخاصة مع إسرائيل استخدمت كرافعة تأثير على أداء إسرائيل في الضفة وغزة، وكذلك في الأماكن المقدسة، التي تحت رعاية وإدارة الأردن بموجب الاتفاقيات معها. ويطرح محللون مصريون بحذر الآن تقديرهم أنه كلما ازدادت الدول التي ستنضم إلى دائرة أصدقاء إسرائيل، سيتراجع تأثير مصر مقابل إسرائيل، وفي الشرق الأوسط العربي عموما".
وفيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، أشار برئيل إلى أن "البنود العامة في الاتفاقيات (مع الإمارات والبحرين) تنص على أن الجانبين ملتزمين بالعمل معا من أجل التوصل إلى حل متفق عليه للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، وبحيث يستجيب ’للاحتياجات والتطلعات الشرعية للشعبين’، حل يكون ’عادلا، شاملا، واقعيا ودائما’. لكن ما زال ليس معروفا إذا كانت الاتفاقيات المفصلة تشمل تحليلا متفقا عليه لهذه المصطلحات، وماذا يعني ’حلا واقعيا’؟ هل توافق الإمارات والبحرين على وجود المستوطنات كجزء من الوضع ’الواقعي’؟ هل يعتزمون تشكيل تحالف جديد يشمل الفلسطينيين وإسرائيل، ويتم في إطاره تطبيق خطة ترامب؟ هل ستحل الإمارات مكان قطر وتركيا في دورهما ’كمدافعتين’ وممولتين لحماس، من أجل إكمال خطوة لجم إيران؟".
ورأى برئيل أخيرا أنه "قد يتضح أن الابتهاج الإسرائيلي حيال ’هزيمة’ الفلسطينيين سابق لأوانه. ودول الخليج تمنح إسرائيل ما وافقت إسرائيل على منحه للفلسطينيين، ’السلام الاقتصادي’، ولكن من الجائز أن هذه البداية وحسب لعملية ستطالب فيها إسرائيل بدفع ثمن سياسي أيضا".
المصدر: عرب 48