تجدد المواجهات بين الأميركيين السود وقوات الشرطة
اندلعت موجة غضب جديدة في الشوارع الأميركيّة، مساء أمس الإثنين، على إثر ارتكاب الشرطة جريمة أخرى بحق مواطن أميركي أسود في ولاية ويسكنسن، في مأساة جديدة أججت الجمر المتّقد في حركة الاحتجاج التاريخية ضد العنصرية التي ولدت منذ ثلاثة أشهر إثر مقتل الأميركي الأفريقي جورج فلويد.
وهتف آلاف المتظاهرين "لا عدالة، لا سلام!" أثناء تجمع أمام محكمة في مدينة كينوشا الواقعة على بعد أربعين كيلومترًا نحو جنوبي ميلووكي حيث أطلقت الشرطة النار، الأحد، مرات عدة على مواطن أميركي من أصل أفريقي يُدعى جاكوب بليْك.
وعلى غرار تصوير شهود جورج فلويد الرجل الأربعيني الذي تُوفي اختناقًا في 25 أيار/ مايو تحت ركبة شرطي أبيض، صوّر شاهد عيان محاولة توقيف بليك وهو ربّ عائلة.
ويُظهر مقطع فيديو التُقط بواسطة هاتف خلوي وانتشر على نطاق واسع بليك يتبعه ضابطا شرطة وقد شهرا سلاحهما، وهو يدور حول سيارة.
ثم يمسكه شرطي بطرف قميصه وهو يفتح الباب ويحاول الجلوس في مقعد السائق. ثم يطلق الشرطي النار ويصاب بليك عدة مرات في ظهره، ويُسمع في التسجيل صوت سبع طلقات.
وخضع الضحية لعملية جراحية طارئة وأُدخل إلى وحدة العناية المركزة في مدينة ميلووكي، حيث لا يزال وضعه حرجًا لكنه في طور التحسّن، وفق شهادات أدلى بها أقربائه لوسائل إعلام محلية. وأوقف الشرطيان عن الخدمة وفُتح تحقيق بالحادثة.
قالت شيريز لوت (37 عامًا) التي أتت للتظاهر في مدينة كينوشا التي تعدّ 170 ألف نسمة وتطل على بحيرة ميشيغن، لوكالة "فرانس برس": "إذا قتلتُ شخصًا، سأُدان وسيتمّ التعامل معي كمجرمة. أعتقد أنه يجب أن يحصل الأمر نفسه مع الشرطة".
وقال محامي عائلة جاكوب بليْك، بن كرومب، إن "أبناء الضحية الثلاثة كانوا في السيارة وإن الرجل حاول التدخل في شجار بين امرأتين".
وقال في بيان إنه "بينما سار مبتعدًا لرؤية أبنائه، أطلقت الشرطة النار عليه مرارًا وتكرارًا في ظهره من مسافة قريبة. كان أبناء بليْك الثلاثة بجواره مباشرة ورأوا الشرطة تطلق النار على والدهم". وأضاف "سوف يصابون بصدمة مدى الحياة".
وأعلن الحاكم الديمقراطي لولاية ويسكنسن، توني إيفرز، الإثنين، الدعوة لجلسة استثنائية للبرلمان المحلي الأسبوع المقبل، بهدف تبني سلسلة تدابير حول "المسؤولية والشفافية" لدى قوات الشرطة.
وكتب في تغريدة "فيما يكافح جاكوب بليك من أجل البقاء على قيد الحياة، يتمّ تذكيرنا مرة جديدة بأن العنصرية أزمة عامة. ليس هناك وقت نهدره".
في كينوشا، أُعلن حظر تجوّل ليل الإثنين الثلاثاء اعتبارًا من الساعة 20:00، بعد المظاهرات التي حصلت في الليلة الماضية.
وبعد ساعة من بدء سريان حظر التجوّل، أطلقت الشرطة على المتظاهرين قنابل غاز مسيّل للدموع، فيما رمى المحتجون زجاجات مياه على عناصر الأمن، وفق ما أفاد صحافيون في وكالة "فرانس برس".
وكان الحاكم توني إيفرز الذي دعا للتظاهر سلميًا، أعلن نشر 125 جنديًا من الحرس الوطني في المدينة بهدف ضبط احترام النظام.
واعتبر مساعده مانديلا بارنز وهو أميركي من أصل أفريقي، أن المأساة لم تكن "حادثًا". وأكد أنها "لم تكن خطأ. إنها عنف طبيعي بالنسبة للكثير من بيننا".
وطالب المرشح الرئاسي الديمقراطي للانتخابات الرئاسية جو بايدن "بإجراء تحقيق فوري وشامل وشفاف وبمحاسبة الشرطيين على أفعالهما".
وقال بايدن في رسالته التي أرفقها بكلمة "كفى" على خلفية سوداء: "تستيقظ البلاد مرة أخرى وقد جللها الألم والغضب لأن رجلًا أسود أميركيًا وقع مرة أخرى ضحية لتجاوزات الشرطة".
ودعت شرطة كينوشا من جهتها إلى عدم استخلاص استنتاجات متسرعة "إلى حين معرفة كامل الوقائع". ووصل الغضب إلى مدن أميركية أخرى.
في مينيابوليس، حيث قُتل جورج فلويد، أحرق متظاهرون العلم الأميركي. وفي نيويورك، تظاهر حوالى مئتي شخص ورفع بعضهم إشارة القبضة هاتفين باسم جاكوب بليك.
ومن بين المتظاهرين كاميلا سبيلمان البالغة 24 عامًا التي قالت إنها مصممة على عدم ترك الشرطة "تواصل التصرف بهذه الطريقة". وقال الشابة "إنه أمر محبط للغاية. إطلاق النار من مسافة قريبة على ظهر شخص لم يفعل شيئًا على الإطلاق. لا يمكن أن نترك ذلك يمرّ".