رأي الراية:
الجريمة المفتوحة 14-6
ندخل العام الرابع عشر في هاوية الانقسام، سنوات سوداء دفع ثمنها الوطن والمواطن، تعرضت القضية لاستنزاف داخلي أفقدها الصلابة والمناعة في كل المحافل، وفتحت ثغرات أمام تدخلات إقليمية جعلت من القضية ملفا للاستثمار.
الخطوات الموعودة نحو الكيانية وحق تقرير المصير، تلقت أكبر الضربات بالانقسام الجغرافي والمؤسساتي، فالشرخ السياسي الذي تلى انسحاب شارون من قطاع غزة والتموضع حوله بالحصار، خفف عن الاحتلال مخاوف القنبلة الديمغرافية بحصر مليوني فلسطيني على نحو 1% من الأرض الفلسطينية.
الكل يتفق على ان الانقسام لم يكن حدث محصور في توقيت محدد، بل كان ككرة الثلج يكبر بمرور الوقت فوق المنحدر الفلسطيني، مدمرا في طريقة الكثير مما يمكن حصره في دائرة الخسائر، الا ان الخسائر التي ستكشفها الأيام ستكون أكبر على القضية والأجيال، بعدما ركز الاحتلال جهده على سلب الأرض، وتولى الانقسام توفير الوقت لمشروع الاستيطان، فضلا عن قدرته الخطيرة على تحقيق الانهاك في الجسد والجدار الفلسطيني.
المشهد بعد ثلاثة عشر عاما محزن، لم تتمكن منظمة التحرير من جمع أدوات القوة في يدها في أصعب مراحل النضال، ووجدت لها خصما يقرر بمنطق البديل وفي أضعف الأحوال يطلب المحاصصة الكاملة في سلطة تربح أعباء وتخسر مقدرات.
البديل الحمساوي وجد نفسه في ورطة اكبر بعد الحروب وتناقضات المواقف والعلاقات، ولم يحقق الاستقرار، وتفلت الجمهور من يده بعد انتخابات عارمة بفعل التجربة والممارسة في الحكم لتصل الى زاوية التفاهمات الأمنية الخطيرة مقابل تسهيلات الحد الأدنى من الحياة، قائمة على معادلة الأمن مقابل الغداء.
غزة في السنوات العجاف خسرت الكثير انهيار اقتصادي تمثل في أعلى معدلات البطالة عالميا، وأصبحت المدينة الشاطئية غير صالحة للحياة وفق تقارير الأمم المتحدة، مدينة بلا ماء وبين حاجزين عسكريين.
هاجر من غزة عشرات آلاف الشباب في هجرة جديدة تحيي مفردات النكبة والنكسة بكل قسوة، وفقدت غزة برتقالها لتعيش على تحلية مياه البحر المكلفة، فيما قررت رؤوس الأموال القليلة الهجرة نحو مدن امنة ومفتوحة، وبقي الغالبية تحت قسوة الإفلاس والشيكات المرجعة واستدعاءات الشرطة.
لا رابح في معركة الانقسام سوى الاحتلال، لكن الأهم هل سنتحدث العام القادم عن ضحايا جدد في مقصلة الانقسام؟