فلسطين وكورنا.. السياحة تدفع الثمن
راية -مايا أبو هاني
تستمر أضرار انتشار فيروس كورونا المتتالية على العالم، وتركت ندوباً اقتصاديةً عميقةً في فلسطين، وأثرت سلباً على عديد من القطاعات أهمها قطاع السياحة الذي من المتوقع أن يصل حجم خسائره في فلسطين للمليار ونصف دولار، وذلك منذ بدأت الأزمة في بيت لحم في مارس الماضي وحتى نهاية العام الحالي.
يعتبر قطاع السياحة من القطاعات الأهم في الاقتصاد الفلسطيني، فتعتمد كثير من المدن على هذا القطاع في تشغيل حركتها التجارية والاقتصادية، ومنها مدينة بيت لحم التي يدخلها ما يقارب ثلاثة ملايين سائح سنوياً، وفقاً لأرقام وزارة السياحة الفلسطينية. ومدينة القدس التي يقصدها السياح طوال أيام العام ومن بقاع الأرض كافة، خاصة في فترتي عيد الميلاد المجيد، وعيد الفصح الذي لم يستطع أحد الاحتفال به كالمعتاد بسبب انتشار الفيروس والاغلاق الشامل لكل دول العالم. ويأتي كورونا على السياحة في القدس، التي كانت متاجرها تعج بالسياح الأجانب وأصبحت الآن خالية تماماً منهم، ليزيد من معاناة تجارها جراء الضرائب الإسرائيلية الباهظة، في محاولة لاجبارهم على إغلاق المحال وترك المنطقة لتهويدها.
وقالت وزيرة السياحة والأثار رولا معايدة، أن قطاع السياحة في فلسطين هو الأكثر تضرراً بشكل خاص، وأنه القطاع الأخير الذي ستعود اليه الحياة مجدداً بعد زوال جائحة كورونا، وأشارت الى أنه منذ بداية حالة الطوارئ أغلقت كافة المؤسسات السياحية بشكل كامل، وتوقفت عجلة السياحة بعد أن وصلت الى ذروتها العام الماضي، وفق وكالة "وفا".
وتشكل السياحة عنصراً هاماً من عناصر الدخل القومي الفلسطيني، فتوفر الألاف من فرص العمل للعديد من الفلسطينيين. وبحسب جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني، فهناك أكثر من واحد وعشرين ألف يعملون في هذا القطاع بشكل مباشر، وأضعاف الرقم يعتمدون على السياحة بشكل غير مباشر، كمزودي الخدمات والحرف التقليدية والباعة المتجولين العاطلين عن العمل في الوقت الحالي. وحول ذلك، قال البائع المتجول محمد نضال:" لم يدخل بيت لحم أي سائح منذ وقت طويل، وضعنا مزري ولا نعلم ماذا نفعل، نجلس في بيوتنا ولا يوجد من يساعنا".
جميع العاملين في المنشأت السياحية الأن عاطلين عن العمل، وتواجههم مشاكل جمة فيما يتعلق بالمعاملات البنكية وما رافق ذلك من العجز عن تغطية الشيكات المستحقة. وفي الوقت ذاته، تشير وزارة العمل الفلسطينية أن هناك واحد وعشرين بالمئة من ميزانية صندوق وقفة عز مخصصة للمتضررين من قطاع السياحة، وأن المساعدات المالية ستصل الى ثمانية الاف عامل من قطاع السياحة.
في الواقع، يبدو أن الإغلاق وتعطل المرافق الإقتصادية سيطول وستبقى المرافق السياحية وعلى رأسها شركات السياحة والفنادق معطلة، ولن تعود لنشاطها الا بعد انتهاء الأزمة، وسيفاقم استمرار اغلاقها مخاطر إفلاس وإنهيار عدد كبير من الشركات والمنشأت السياحية، لعدم قدرتها على تحمل تكلفة تشغيل مرافقها العالية جداً، فلن تتوقف الكارثة عند قطاع السياحة فقط، بل ستتسع وتتعمق في باقي القطاعات ذات العلاقة.