رأي الراية:
الدولة والأسرى والاختبار
المعركة التي دشنتها القيادة الفلسطينية في مواجهة اقتطاع الأموال الفلسطينية من نظام المقاصة، دخلت الآن اختبار حقيقي، يحتاج الى التروي وقراءة المشهد بعمق دون عنترية أو قبول الهوان، لأن من يقبل الهوان يسهل عليه في محطات قادمة لا محالة.
تعامل البنوك مع مخصصات الأسرى تحت وطأة التهديدات الاسرائيلية يجب أن لا يُرى في حدود الحدث فقط، بل يجب رؤية الوضع في اطار المواجهة الشاملة التي لن تنتهي بقرصنة أموال المقاصة، وكل محاولات القتل العمد بحق أسرانا وعمالنا...، ومن هنا يجب ان يكون القرار الوطني في الاتجاه الصحيح.
حسنا.. ما اعلنه رئيس الوزراء من تجميد قرار البنوك، وتشكيل لجنة من جهات الاختصاص وفي مقدمتها هيئة شؤون الأسرى، وسلطة النقد، وعرض التوصيات النهائية على مجلس الوزراء.
القرار يعني تجميد الأزمة، لاعطاء فرصة للعقل بدل الفوضى وإطلاق النار، واستهداف منظومتنا المالية أمام أول اختبار نستطيع تجاوزه معا فقط، ودون حرف المواجهة من تناقض مع الاحتلال الى تناقض مع ذاتنا، ويكفي سنوات الهوان التي صنعها الانقسام وانحراف البوصلة.
ما سبق لا يعني أن نقبل بالصفعة الاسرائيلية لنضالنا وأسرانا وعائلاتهم الصابرة، وكل مسيرتنا الوطنية، وكذلك مؤسساتنا التي بناها شعبنا وكوادرنا بالدم والمال والعرق، حتى نستمر في معركة الصمود والبقاء على الأرض، وفي رحاب منظوتنا الفلسطينية وليس وفق قواعد الحياة حسب مواصفات مكتب الارتباط.
وحتى نكون أكثر وضوحا، فان الاحتلال يستفرد بنا كشعب وقضية، ويعمل على فرض الوقائع من استيطان وضم وهدم المكتسبات الوطنية من أجل تقويض الكيانية الفلسطينية التي رأى مدى قدرتها على حماية شعبنا في مواجهة الوباء، وتشكيل حاضنة وطنية لعمالنا داخل اسرائيل، بعدما تخلى عنهم المشغل الاسرائيلي في اتون تحدي الوباء الصحي.
وبصراحة أكبر فان منظمة التحرير وقراراتها السياسة، والحكومة وخططها للانفكاك بحاجة الى حيوية أسرع امام تسارع الاجراءات الاحتلالية، فلا يكفي التلويح بالرد ونحن نرى سفير ترامب يقف الى أقصى اليمين الاسرائيلي المتطرف ويشجع خطط الاستيطان والضم.
المنظومة المالية جزء من المواجهة مع الاحتلال ويجب ان نحميها ونصوبها ونمتن كيانها لما يخدم نضالنا وحقوق شعبنا، وهذا قرار على طاولة الحكومة أولا، ومنظمة التحرير، ولا يكفي الرفض والتعامل بسياسة رد الفعل مع التبجح الاسرائيلي.