موقع روسي: ماذا يحدث عندما يعزل كورونا الجميع في منازلهم؟
في تقرير نشره مركز كلوب فالداي الروسي، قال مدير المركز إيفان تيمورييف إن الانتشار السريع لفيروس كورونا (كوفيد-19) قد يؤدي إلى تحولات مثيرة للاهتمام في التنظيم الاجتماعي للمُجتمعات المتضررة من الوباء.
ويضيف أن الفيروس قد يصبح حافزًا على إدخال المزيد من التقنيات الإدارية والسياسية وتطويرها، خاصة أن حالة الطوارئ تسمح باتخاذ بعض التدابير غير الرائجة، التي ربما اعتبرت في وقت سابق مخالفة للقانون أو غير أخلاقية.
ومن بين الأمور الأكثر شيوعا في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها العالم، الدراسة والعمل عن بعد. وفي الحقيقة، تستخدم تكنولوجيا المعلومات الحديثة منذ فترة طويلة في العمل عن بُعد، كما أن هناك منصات مهمة تقدم دورات تعليمية عبر الإنترنت، إلى جانب توفّر قواعد بيانات مخصصة لتنظيم المراسلات للأعمال التي تتطلب مجموعات الكبيرة، وذلك من أجل التحكم في العمل.
في المقابل، لا يمكن الاستغناء عن الاتصال الشخصي أو التواجد في مكان العمل في عدد من الصناعات والتخصصات الأخرى.
وأوضح الكاتب أن من الشائع ذهاب الموظفين إلى العمل ويظل المنزل مساحة شخصية مخصصة للراحة. وبحلول سنة 2020، أتقن العديد من رواد الأعمال أشكالا جديدة من العمل، ولكن لم تكسر الفكرة النمطية المتعلقة باقتصار العمل على المؤسسات والشركات، إلا مع ظهور فيروس كوفيد-19، الذي يعد فرصة جيدة لإثبات نجاعة طرق العمل الأخرى.
خسائر اقتصادية
وفي غضون بضعة أسابيع -وربما أشهر- سيتعين على العديد من المنظمات في روسيا -وغيرها من الدول- التحول للعمل عن بعد. ونتيجة لذلك، قد يعاني الاقتصاد من خسائر فادحة.
وتجدر الإشارة إلى أن العمل عن بعد هو شكل مناسب للحفاظ على أنشطة العديد من الشركات والهياكل.
وأكد الكاتب أنه كلما طالت فترة الحجر الصحي والحاجة إلى العزلة، أصبحت أساليب تنظيم العمل عن بعد معتادة، غير أنها قد لا تحظى بشعبية واسعة.
وفي السياق نفسه، كلما أثرت الأزمة على الاقتصاد، توجهت المؤسسات والشركات إلى خفض التكاليف. وتعد تكاليف المكاتب باهظة الثمن، إلى جانب البنية التحتية المخصصة للعمل. فلماذا يتم إنفاق مبالغ إضافية إذا كانت هناك طرق أخرى لتنظيم العمل بتكاليف أقل؟
وأورد الكاتب أن الوباء سيُجبر المؤسسات والموظفين على إقامة اختبار شامل لمثل هذه الأشكال من العمل. علاوة على ذلك، قد يُطالب الموظفون بهذه التغييرات، خاصة أنه في العديد من المدن الكبرى قد يقضي الموظف ساعات في التنقل من وإلى العمل.
وذكر الكاتب أن العديد من التغييرات ستطرأ في مجالات متنوعة من حياة الإنسان. وبطبيعة الحال، تتطلب هذه التغييرات مساحات شخصية وأماكن عمل خاصة، وهياكل حديثة وعصرية مصنعة باستخدام تقنيات جديدة. ومن المحتمل أن يؤدي المنطق الرأسمالي لخفض التكاليف وإدخال تقنيات جديدة، إلا أن ذلك قد يؤثر على الصحة النفسية للموظفين.
التعليم والأسرة
ويشير إلى أن ذلك سيؤثر بشكل خاص على مؤسسة الأسرة، إذ سيضطر أفراد العائلة لتعلم قضاء وقت أطول مع بعضهم البعض، وليس فقط في نهاية الأسبوع. والمثير للاهتمام أن الزيادة الكبيرة في عدد حالات الطلاق في الصين على خلفية ظهور وباء كورونا تعد من النتائج المثيرة للقلق.
وأوضح الكاتب أن هذا التحول قد يؤدي إلى ظهور حقائق جديدة. فعلى سبيل المثال، إذا كنت قادرا على العمل بنفس الإنتاجية والنجاعة في المنزل، فما مبرر تجمع الناس في وسائل النقل من وإلى الوظائف بأعداد كبيرة في مدن ضيقة وصاخبة؟ كما يطرح هذا الأمر تساؤلات حول هجرة الكفاءات، إذ سيكون التواصل مع الأدمغة والكفاءات الوطنية بالخارج والاستفادة من خبراتهم أسهل.
وبيّن الكاتب أن حدوث التغييرات -وفقا لهذا السيناريو- قد تكون له عواقب وخيمة على عمل نظام السلطة ومؤسسات الدولة. وفي الواقع، تُوفر التقنيات الحديثة فرصًا كبيرة للسيطرة الاجتماعية. وحتى الآن، نجح الإنسان في فصل الحياة العامة عن الحياة الخاصة بشكل صارم، ولكن نتيجة لهذه التغييرات قد تكون حالة "الإشراف المقلق" والشعور بالمراقبة المستمرة أمرا متوقعا، وقد تكون له نتائج سلبية على المجتمع.
وختم الكاتب بأن تنظيم طبيعة السلطة بما يتناسب مع التغييرات الحالية من شأنه أن يُولد أشكالا سياسية جديدة، بما في ذلك أساليب التنظيم الذاتي، ونشر الأفكار، والاحتجاج، أو أي سلوك آخر.
وعلى هذا الأساس، فإن التغييرات مع التحولات في البيئة الحضرية ونمط الحياة قد تكون نتائجها غريبة وتتجاوز كل توقعات كتب الخيال العلمي.