الركود الاقتصادي..تبعيات كارثية تلقي بظلالها على القطاع الخاص
خاص - راية - عبد الرحمن الكحلة.
انتشر فيروس كورونا، ونشر معه حالة اقتصادية صعبة ألقت بظلالها على كافة المناحي الحياتية، فبعدما أعلنت الحكومة عن فرض حالة طوارئ لمدة شهر كامل في إطار المساعي الرامية للحد من انتشار الفيروس، توقفت العديد من القطاعات عن العمل كليا، وأصابها شلل تام، قد يؤدي إلى انهيارها، كقطاع النسياج والسياحة والصناعات اليدوية والحرفية، وقطاع النقل، ورياض الأطفال، والمدارس الخاصة، وكل ما يتبع هذه المنشآت من حرف وصناعات.
وفي ظل هذه الأزمة التي يعيشها الشعب الفلسطيني ومعظم دول العالم، تعالت الأصوات وعبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مطالبة القطاع الخاص بالوقوف إلى جانب الحكومة، ومساعدتها في اجتياز هذه الأزمة بأقل الأضرار، ودون انهيار قطاعات أو إغلاق شركات.
ولكن، يتسائل البعض، من هو القطاع الخاص، وكم يشكل من الاقتصاد الفلسطيني، وكم تبلغ نسبة الشركات التي تستطيع دعم الحكومة والوقوف بجانبها؟
يعتبر القطاع الخاص مصدر الدخل الرئيسي لقرابة ثلث العائلات الفلسطينية، ويوظف هذا القطاع ما يزيد عن 700 ألف عامل، 50 ألفاً منهم يعملون في شركات كبيرة "كشركات الاتصالات والبنوك..إلخ" تشكل ما نسبته 7% من شركات القطاع الخاص، في حين يعمل ال650 ألفا الآخرين في الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر "كالحرفيين وقطاع النسيج، ورياض الأطفال..إلخ".
وبهذه الإحصائيات التي صدرت عام 2017 فإن القطاع الخاص يعد الأكثر تشغيلا في فلسطين بنسبة تقارب ال53% من العاملين، مقابل 30% للقطاع العام، و17% يعملون في إسرائيل والمستوطنات.
والآن ومع مرور نحو ثلاثة أسابيع على بدء أزمة انتشار فيروس كورونا، ومع التوقعات بازدياد الأوضاع سوءا في ظل ارتفاع أعداد الإصابات، طالب رجل الأعمال إبراهيم برهم وفي حديث ل"راية" بتكاتف الأطراف والتحام الجهود من أجل تخطي هذه الأزمة واجتيازها بأقل الأضرار، معتبرا أن النظر إلى القطاع الخاص على أنه داعم مالي فقط يعتبر خطأ كبيرا، حيث أكد برهم على أنه قد حان الوقت الآن لتشكيل خلية أزمة اقتصادية تقودها الحكومة وعلى رأسها رئيس الوزراء محمد اشتية، تتكون من القطاع الخاص وبعض مكونات المجتمع المدني المعنية بالملف الاقتصادي، وذلك للقيام بدورها على كافة الأصعدة سواء كان ذلك من خلال تقديم الدعم المالي، أو الاستمرار في العمل، أو في كيفية المحافظة على المنشآت الاقتصادية الصغيرة أو أي منشآت قد تنهار بفعل هذه الأزمة.
من جهته اعتبر الخبير في الشأن الاقتصادي نصر عبد الكريم وفي حديث ل"راية" أن القطاعات الخاصة في كافة دول العالم ومن باب المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية تتحمل جزءا من المسؤولية في ظل انتشار الأزمات، وتقدم الدعم للحكومات، وهنا وفي فلسطين، وفي ظل وضع اقتصادي هش بالأساس، فإن القطاع الخاص يتوجب عليه المساهمة والتعاون مع الحكومة كلٌ حسب قدرته، لاجتياز هذه الأزمة وتخطيها.
كما ويرى عبد الكريم أن الصيغة الأفضل لمساهمة القطاع الخاص تتمثل في صندوق طوارئ يتم تأسيسه ويساهم فيه القطاع الخاص وكبرى الشركات والأثرياء في فلسطين وفي العالم ككل، يدار هذا الصندوق من قبل جسم يقوم بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات الاختصاص لتحديد الأولويات والاحتياجات والإنفاق عليها.
في الوقت ذاته، قال رجل الأعمال الفلسطيني سمير حليلة إن التحدي الأكبر الذي يواجه القطاع الخاص في هذه الفترة هو دفع رواتب موظفيه والالتزام معهم، في ظل الركود الاقتصادي الذي يعاني منه هذا القطاع جراء الأزمة التي يمر بها عموم الشعب الفلسطيني.
واعتبر حليلة في حديث ل"راية" أن هناك موقفا غير متوازن في الوقت الحالي في ظل تعالي الأصوات التي تطالب القطاع الخاص بتحمل مسؤولياته تجاه هذه الأزمة، مشيراً إلى أنه يجب وفي الوقت الحالي وبدلاً من إلقاء اللوم والمسؤولية على قطاع معين على حساب قطاع آخر، يجب العمل على إعداد خطة وطنية تساهم فيها كل أطراف الإنتاج من كافة قطاعات المجتمع وإلى جانب الحكومة، لمطالبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة والبنك الدولي بتحمل مسؤولياته والوقوف إلى جانب فلسطين ومساعدتها لاجتياز هذه الأزمة.
وطالب حليلة كافة الأطراف بالاجتماع تحت لواء الحكومة والتي يتوجب عليها أيضا أن تتعامل مع الوضع الاقتصادي كما تتعامل مع الوضع الصحي، وأن تشكل أكثر من صندوق للطوارئ، وتطلب المساعدة الدولية لدعم هذه الصناديق ومواجهة هذا الفيروس.