تأجيل أقساط القروض: فجوة بين "الخطاب المصرفي" وفهم المواطن
هل ستأخذ البنوك فوائد أو عمولات إضافية نتيجة قرار سلطة النقد بتأجيل أقساط القروض أربعة أشهر وجدولتها لنهاية فترة القرض؟
سؤال يؤرق كل مواطن فلسطيني حاصل على قرض من البنوك، لكن الإجابة يمكن القول باختصار بأنها "لعم".
فبعد صدور تعليمات سلطة النقد الخاصة بحالة الطوارئ والتي تضمنت بندين أساسين، الأول تأجيل الأقساط الشهرية/ الدورية لكافة المقترضين للأشهر الأربع القادمة قابلة للتمديد، والثاني حظر مؤسسات الإقراض من استيفاء أية رسوم أو عمولات أو فوائد إضافية على الأقساط المؤجلة، راجع موطنوان عددا من البنوك لتفاجاوا بان هناك فوائد ستضاف على قيمة أقساطهم المؤجلة.
إن كلمة "إضافية" في البند الثاني هي جوهر القصيد، فحينما تناقلت وسائل الإعلام قرار تأجيل الاقساط دون فوائد وعمولات، لم ينتبه المواطنون إلى هذه الكلمة، ففهموا الأمر أنه بلا فوائد مطلقا وبلا عمولات مطلقا، لكن الحقيقة على الواقع ليست كذلك.
فقد فوجئ مواطنون قاموا بمراجعة البنوك التي اقترضوا منها بغية التأكد من الأقساط الشهرية كما جاء في سلطة النقد بأن موظفي تلك البنوك يخبروهم أنهم ملتزمون بقرار سلطة النقد، لكن هناك فوائد حسب البنود التعاقدية مع المقترضين.
يقول د. إياد يوسف إنه توجه إلى البنك الذي حصل عليه قرض في محاولة للتأكد من تطبيق القرار، فأخبره موظف البنك أنه بالفعل سيتم تأجيل الأقساط أربعة أشهر لكن هناك فوائد في نهاية مدة القرض عند إعادة جدولة الأقساط من جديد.
ويقول المواطن ايهاب خلف، إنه توجه لأحد البنوك العاملة في فلسطين للاستفسار عن التأجيل، فجاوبه الموظف إن البنك ملتزم بقرار سلطة النقد بالتأجيل لكن هناك فوائد ستضاف عند تسديد الأربعة الأشهر في نهاية القرض.
ويقول الصحفي المختص في الشأن الرياضي بسام أبو عرة معلقا على خبر سابق حول تأجيل أقساط البنوك" حتى الآن القرار عمليا غير مفعل، ما هو في الإعلام شيء، والحقيقة شيء آخر".
ويوضح اياد زيتاوي المدير التنفيذي لمجموعة الاسقرار المالي- سلطة النقد التفاصيل الواردة في قرار محافظ سلطة النقد عزام الشوا المتعلقة بتأجيل الأقساط الشهرية لمدة أربعة أشهر، مبينا أن القرار جاء بهدف توفير السيولة النقدية في ظل الأزمة الحالية التي يمر بها الوطن .
ويشير إلى أن القرار يحمي المواطن من فرض أي فوائد أو عمولات إضافية لكنه يضمن في الوقت ذاته حقوق البنوك باللجوء إلى الصيغة التعاقدية مع المقترض والتي تتضمن سعر الفائدة الأساسية للقرض.
وطالب زيتاوي المواطنين بعدم مراجعة البنوك لأن القرار يسري تلقائيا بناء على التعليمات التي أصدرتها سلطة النقد والتي تم تعميمها على كافة البنوك العاملة في فلسطين.
وحول ما إذا كانت قيمة الأقساط المؤجلة ستكون نفسها قيمة القسط الشهري عند انتهاء فترة القرض، أجاب زيتاوي" بالطبع لا، فقسط قيمته مثلا 600 دولار قد يصبح 630 دولارا، وهذا يعتمد على سعر الفائدة الأساسية في العقد بين البنك والمقترض"، موضحا ان القرار يمنع البنوك من اعتبار الشهور الأربعة متعثرة للمقترض ومن ثم فرض رسوم أو فوائد إضافية كما يحصل في الحالات العادية عند تعثر المقترض.
ويضيف" إن تأجيل الأقساط لنهاية الفترة المحددة للقرض مع بقاء قيمة القسط كما هو خسارة للبنوك، باعتبار أن لديها نفقات تشغيليةـ كما أن قيمة العملة بعد نهاية القرض لن تكون نفسها كما هي عليها اليوم".
ويقر الصحفي جعفر صدقة المختص في الشأن الاقتصادي بأن هناك فجوة بين فهم المواطنين البسطاء لقرار سلطة النقد وتفاصيل القرار الذي من أبرز ايجابياته توفير سيولة نقدية للسوق خلال الأزمة القائمة.
ويشير إلى أن احتساب قيمة الفائدة عادة لاي قرض تعتمد على معادلة واضحة تتضمن ضرب قيمة سعر الفائدة الأساسية في المبلغ الإجمالي للقرض، بالإضافة إلى مدة السداد.
ويؤكد ان فهم المواطن البسيط لطبيعة القرار بأن قيمة القسط للشهور المؤجلة ستبقى كما هي بعد انتهاء فترة التسديد ليست واقعية، لأن العقد بين المقترض والبنك ينص بشكل واضح على سعر الفائدة الأساسية، ولكن تعليمات سلطة النقد أوقفت احتمالية فرض أي عمولات او فوائد إضافية نتيجة التأجيل.
ويخلص صدقة إلى القول"عمليا لا يوجد أي رفع لنسبة الفائدة، لكن قيمة الأقساط المؤجلة ستتغير كأرقام بناء على المعادلة سابقة الذكر".
ويتفق المحلل الاقتصادي د. نصر عبد الكريم مع رأي صدقة، بأن تعليمات سلطة النقد تضمنت نصا واضحا بعدم احتساب اي فوائد او رسوم "إضافية"، بمعنى أن سعر الفائدة الأصلية في التعاقد سيبقى ساريا.
ويضيف" قرار سلطة النقد يعني عدم احتساب اية رسوم إضافية عن فترة التأجيل مقابل جدولة القرض، لكن الفائدة الواردة في الصيغة التعاقدية ستبقى كما هي"، قائلا" البنوك في نهاية المطاف ليست جمعيات خيرية حتى تسامح في فائدة القرض الأصلي".
ويبين أن معظم قروض الأفراد في فلسطين تقوم على ما يسمى بـ"الفائدة المتناقصة"، إذ تكون قيمة القسط عند بداية تسديد القسط معظمها تسديدا للفائدة ثم تتناقص لترتفع قيمة التسديد من أصل القرض كلما اقترب المقترض من النهاية.
ويؤكد د. عبد الكريم وجود فجوة بين ما تعلنه سلطة النقد وبين فهم المواطن لطبيعة القرار، مشيرا إلى أهمية أن تقوم سلطة النقد بتقديم ارشادات توعوية حول هذا الأمر حتى يكون المواطنون على دراية بطبيعة التعقاد وما عليه من استحقاقات، مشيرا إلى ضرورة تقديم أمثلة توضيحية حول قيمة قروض وما يترتب على المواطن من استحقاقات عند تسديد الأقساط المؤجلة.
وكان المدير التنفيذي لمجموعة الرقابة على البنوك في سلطة النقد محمد مناصرة صرح في وقت سابق لـ"الحياة الجديدة" إن جباية الأقساط الخاصة بالشهور الأربعة التي أعلن عنها ضمن تعليمات حالة الطوارئ للتخفيف عن المواطنين ستتم بعد نهاية فترة القرض أي ستضاف كأشهر إضافية لنهاية القرض دون فوائد أو عمولات.
وصرح مناصرة بأن تمديد الاقساط الشهرية الدورية لكافة المقترضين لأربعة اشهر قابلة للتمديد ستتم بشكل آلي، والقرار يشمل مؤسسات الاقراض بأنواعها .. وبدون فائدة".
وقالت سلطة النقد لـ"الحياة الجديدة" إن القرار يعني أن دفعات أقساط البنوك لن تجبى تلقائيا دون الحاجة لتوجه المقترض إلى البنوك إلا إذا رغب المقترض نفسه بالسداد فيقوم بذلك بالاتفاق مع البنك.
يشار إلى أن قيمة القروض الممنوحة في فلسطين تصل إلى نحو 7.6 مليار دولار بينما تبلغ قيمة الأقساط الشهرية للتسديد قرابة 400 مليون دولار.
وكانت البنوك العاملة في فلسطين حققت أرباح خلال العام 2018 بقيمة بلغت نحو 185 مليون دولار، ومن المتوقع ان تصدر بياناتها المالية عن العام 2019 في شهر نيسان المقبل. وتبلغ موجودات القطاع المصرفي نحو 15.5 مليار دولار. ويعمل في فلسطين 14 بنكا منها 7 بنوك محلية و7 بنوك وافدة . ومن بين هذه البنوك ثلاثة تعمل بنظام الصيفة الإسلامية.
- نقلا عن صحيفة الحياة الجديدة