اقتصاديون: إسرائيل ستتكبد خسائر ب90 مليار شيكل جراء كورونا
يسود خلاف شديد بين صناع القرار في إسرائيل حول مواجهة وباء الكورونا، وفيما تطالب وزارة الصحة، بدعم من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بإغلاق فعلي للمرافق الاقتصادية، والإعلان عن حالة طوارئ، تعمل خلالها المصالح التجارية الضرورية فقط، أي 30% من المرافق، وهو وضع يتوقع المصادقة عليه قريبا، وأشارت المحللة الاقتصادية في صحيفة "ذي ماركر"، ميراف أرلوزوروف، أن من شأن المصادقة على ذلك أن يلحق "ضررا اقتصاديا هائلا".
وتعارض جهات في القيادة الاقتصادية الإسرائيلية (في وزارة المالية) بشدة توصية وزارة الصحة، "وتنتقد حقيقة أن حلولا أخرى، أقل شدة، لا تدرس بشكل عميق"، وفقا لأرلوزوروف. وتدعو القيادة الاقتصادية إلى اتباع نموذج اتبعته كوريا الجنوبية، ويقضي بإجراء عدد كبير من الفحوصات، وتتبع حاملي الفيروس، وفرض إغلاق على مناطق معينة موبوءة. كذلك يطرحون إمكانية اتباع النموذج البريطاني، الذي لا يحارب الوباء، وبدلا من ذلك تعمل السلطات على حماية الحالات التي يمكن أن يشكل الفيروس خطرا عليها، مثل مسنين ومرضى مزمنين.
وأشارت أرلوزوروف إلى أن انتقادات القيادة الاقتصادية تركز على التكلفة الاقتصادية الهائلة لفرض إغلاق على الاقتصاد. وتشير التقديرات إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي لن يتمكن من تكبد تكاليف الإغلاق، إلا لفترة زمنية قصيرة – أي لشهر أو لشهر ونصف الشهر. لكن إذا لم يتم القضاء على الوباء خلال فترة كهذه، فإنه لن يكون هناك مفرا سوى محاولة مواجهة الوباء بشكل مختلف، "لأن الدولة لن تكون قادرة على تحمل التكلفة الاقتصادية البالغة".
وأضافت أن تقديرات جهات في القيادة الاقتصادية الإسرائيلية تشير إلى أن تكلفة وقف الأنشطة الاقتصادية ستكون الأعلى منذ الأزمة التي سببتها حرب تشرين أول/أكتوبر العام 1973. ويعني فرض إغلاق لمدة شهر أو شهر ونصف الشهر، فقدان 4% - 6% من الناتج. وفي هذه الحالة، يتوقع أن يرتفع الديْن الإسرائيلية ويصل إلى 70% من تنسابية الدين – الناتج. وإغلاق لمدة أطول سيرفع حجم الدين أكثر. ومن شأن خفض الإنتاج بثلثين أن يؤدي إلى فقدان الإنتاج بنسبة 4% على الأقل، بحال استمر الإغلاق إلى ما بعد منتصف نيسان/أبريل المقبل، يمكن أن يصل إلى 6%، أو لخسارة 80 – 90 مليار شيكل.
ويقدر كبار الخبراء الاقتصاديين أنه بمقدور الاقتصاد الإسرائيلي تحمل ضربة كهذه، في حال لا يتوفر بديل أخر، وإذا أدى الإغلاق إلى القضاء على وباء الكورونا. فقد دلّت تجربة الصين على أن الإغلاق هو الحل الأمثل. وبحسبهم، فإنه إذا تم فرض إغلاق لمدة 4 0 6 أسابيع وأوقف وباء الكورونا، فإنه بمقدور الاقتصاد الإسرائيلي امتصاص خسارة 80 – 90 مليار شيكل، "وسيكون بالإمكان أيضا الانتعاش من ذلك لاحقا".
وأضافت أرلوزوروف أن المشكلة تكمن في أنه ليس مؤكدا أن يتم كبح الوباء خلال الفترة المحدودة التي يجري التحدث عنها. والتخوف الكبير هو أن فترة 4 – 6 أسابيع لن تكون كافية، وأنه "ستأتي موجة ثانية للفيروس". وفي هذه الحالة، ستكون هناك حاجة إلى إغلاق مجدد ولأشهر أطول، ومن دون أن تكون نهايتها معروفا سلفا.
ونقلت أرلوزوروف عن مصادر اقتصادية رفيعة قولها، إن "تعطيل المرافق الاقتصادية لعدة أشهر، من دون نهاية معروفة مسبقا لهذه الفترة، ستقودنا إلى سيناريوهات حرب يوم الغفران (1973)"، هندما تراجع النمو الاقتصادي من 12% سنويا إلى 1.5%، وجاء بعدها "العقد الضائع". وقال الخبراء إن "هذه خسارة بالغة وسيصعب على الاقتصاد الانتعاش منه".
وفي هذه الأثناء، يواجه الاقتصاد الإسرائيلي عملية أفول. فقد تم إغلاق فروع اقتصادية بكاملها، وبينها مؤسسات التعليم؛ قطاع السياحة والترفيه والمطاعم؛ المحاكم. وقسم كبير من العاملين يخشون الخروج من البيت ويمتنعون عن الاستهلاك. ومن هنا، فإن الضرر الاقتصادي حتمي، بينما تواصل مرافق اقتصادية العمل طالما لا تصدر الحكومة تعليمات بإيقافه.
ورأى الخبراء أن القرار بشأن إغلاق كامل للمرافق الاقتصادية ينبغي اتخاذه لفترة محددة، وإذا اتضاح أن هذه الفترة ليست كافية، والوباء يستمر بالانتشار، فإنه يتعين وقف الخطوات المتخذة وإعادة البحث في النموذج الذي تم اتباعه، ودراسة اتباع نماذج أخرى، كالتي اتبعتها كوريا الجنوبية، تايوان، سنغافورة أو بريطانيا.