مقال علمي: كيف تهاجم فايروسات كورونا جسم الانسان ؟
مصدر المقال: ناشونال جيوجرافيك - ترجمة : رزان نجار
هناك الكثير من المعلومات غير المعروفة بعد حول فيروس الكورونا الجديد والذي بدأ انتشاره في الصين، لكن من المعروف أن الإصابة به تؤثر على جميع أعضاء الجسم.
طبيعة فيروس كورونا المستجد مشابهة لتلك الأنواع التي انتشرت من قبله من الحيوان إلى الإنسان مثل السارس (SARS) وفيروس الكورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS)، حيث تؤثر هذه الفيروسات على أعضاء الجسم المختلفة بما فيها فيروس الكورونا المستجد (COVID-2019).
مقارنة بفيروس السارس فإن الفيروس المستجد سبب في وفاة عدد أكثر في غضون أسابيع، إلا أن معدل الوفاة بالفيروس الأخيرة تبقى أقل من الأول، وهذا يعني أنه قادر على الانتشار بشكل أسرع، حيث حذر عالم أوبئة صيني من جامعة (University of Hong Kong) أن الفيروس قد يصيب 60% من سكان الأرض في حال عدم تطوير آليات الفحص والتشخيص.
في تقرير نشر من قبل المركز الصيني لمحاربة الأمراض ومكافحتها، وبعد أن تمت دراسة 73,314 مصابًا في الفيروس، وجد أن فيروس الكورونا المستجد قتل 2.3% (في وقت نشر المقال - النسبة الآن حوالي 3.4%) من المرضى، مما يعني أنه أكثر خطورة على حياة الإنسان بحوالي 23 مرة مقارنة بالإنفلونزا الموسمية. كما سجلت حالات الوفاة لدى جميع فئات المرضى عدا الأطفال تحت التاسعة من عمرهم.
لكن ماذا يحدث في جسم الإنسان في حال إصابته بفيروس الكورونا؟
فيروس الكورونا الجديد مشابه بشكل كبير لفيروس كورونا من نوع سارس، بالتالي هذه المعلومات بناءً على دراسة الفيروس مع المعلومات المتوفرة حاليًا حول هذا الفيروس.
ظهرت أعراض الإصابة بفيروس كورونا الجديد لدى معظم المرضى من الرئتين وأنتهت هناك أيضًا، وذلك لأن هذا الفيروس يسبب التهابات في الجهاز التنفسي، تمامًا مثل الإنفلونزا.
ينتشر المرض عن طريق الرذاذ الخاص بالجهاز التنفسي وذلك عندما يقوم شخص مصاب بالعطس أو السعال. والإصابة بالمرض تترافق مع أعراض مشابهة لتلك الخاصة بالإنفلونزا، حيث يبدأ المريض بالمعاناة من ارتفاع في درجة حرارة الجسم والتي تتطور إلى التهاب في الجهاز التنفسي وقد تصبح أسوء.
بعد انتشار فيروس سارس، أشارت منظمة الصحة العالمية أن الفيروس يعمل على مهاجمة الرئتين من خلال ثلاث مراحل، وهي:
- تكاثر الفيروس
- ردة فعل مفرطة من الجهاز المناعي
- تدمير رئوي.
جدير بالذكر أن هذه المراحل لا تنطبق على جميع المرضى، بل أن 25% فقط من المصابين بفيروس السارس عانوا من فشل رئوي، كما أن المعلومات المتوفرة حاليًا تشير بأن 82% من المرضى يعانون من أعراض معتدلة.
وفقًا لبروفيسور من جامعة (University of Maryland School of Medicine) فإن العدوى في مراحلها الأولى تسبب هجوم كبير للخلايا الرئوية بأنواعها المختلفة أهمها تلك التي تعمل على انتاج المخاط، وخلايا من نوع آخر تدعى (Cilia). عند الإصابة بالمرض تقوم الخلايا الأولى بإفراز كمية أكبر من المخاط من اجل حماية أنسجة الرئة من مسبب المرض، في حين أن الأخرى تعمل على إخراج المخاط الذي يحتوي على مسبب المرض من الجسم.
وأوضح البروفيسور أن فيروس كورونا من نوع سارس يعمل على استهداف وقتل الخلايا الرئوية من نوع (Cilia) مما يسبب في ملء الشعب التنفسية بالمخاط والسوائل، ويعتقد البروفيسور أن نفس الشيء يحدث عند الإصابة بفيروس كورونا المستجد.
هنا تبدأ المرحلة الثانية من الإصابة ويبدأ عمل الجهاز المناعي في محاربة مسبب المرض، بالتالي عندما يقوم الجهاز المناعي بذلك بالصورة السليمة، تبقى الإصابة في المنطقة المصابة فقط ولا تنشتر، لكن في بعض الاحيان، قد لا يعمل الجهاز المناعي بالشكل الدقيق، ويبدأ بمحاربة الخلايا المصابة والسليمة ايضًا مما يسبب في مفاقمة الوضع الصحي والإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي.
خلال المرحلة الثالثة من الإصابة، يزداد تضرر الرئتين سوءاً، مما ينتج عنه الإصابة بالفشل الرئوي، الأمر الذي من شأنه أن يسبب الوفاة أو قد يتمكن المصاب من محاربة المرض، إلا ان الرئتين قد تتضران بشكل دائم، وهذا يعني أن الشخص بحاجة إلى الإستعانة لجهاز التنفس من أجل عملية التنفس، وبعض المضاعفات الأخرى الخطيرة مثل امتلاء الرئتين بالسوائل.
خلال الإصابة بكل من فيروس كورونا السارس والميرس، فإن أكثر من ربع المصابين عانوا من مشكلة الإسهال، إلا أنه كان نادرًا لدى المصابين بفيروس الكورونا الجديد.
حيث تمكنت فيروسات كورونا السابقة من محاربة خلايا جدار الأمعاء الدقيقة والغليظة مما سبب الإسهال لدى المصابين.
في المقابل لقد وجدت دراسة نشرت في المجلة العلمية (New England Journal of Medicine) بعض آثار الفيروس في عينات براز المصابين، مما يشير إلى احتمالية انتشار الفيروس عبر البراز، وأنه قد يسبب مشاكل في الجهاز الهضمي.
الإصابة بفيروس الكورونا من شأنها ان تسبب مشاكل في مجرى الدم أيضًا، وذلك نتيجة ردة فعل الجهاز الهضمي المفرطة كما ذكرنا من قبل.
ولوحظ في جميع العينات التي جمعت من مصابين بأنواع الكورونا المختلفة ارتفاعًا في أنزيمات الكبد، وانخفاضًا في عدد كريات الدم البيضاء والصفائح الدموية، بالإضافة إلى انخفاض في ضغط الدم. في حالات نادرة عانى المصابين من إصابات حادة في الكلى والسكتة القلبية.
لكن هذا لا يعني بالضرورة أن الفيروس نفسه ينتشر في الجسم، إلا انه قد يكون نتيجة لردة فعل الجهاز المناعي المفرطة ومحاربتها للأنسجة السليمة في الجسم أيضًا.
في بعض الأحيان من الممكن أن تضعف الاوعية الدموية في الرئتين مسببة مشاكل خطيرة من بينها فشل في بعض أعضاء الجسم. حتى الآن لا يعرف العلماء والباحثون السبب وراء أثر الفيروس خارج الرئتين، إلا أنه قد يعود لإصابة المصاب بأمراض أخرى مختلفة مثل أمراض القلب.
يتاثر الكبد أولًا في الإصابة بالكورونا المستجد بعد الجهاز التنفسي، وكان هذا واضحًا لدى بعض المرضى في الفيروسات الثلاثة المختلفة من الكورونا.
عندما يصل الفيروس إلى مجرى الدم، من الممكن أن ينتقل إلى أجزاء الجسم المختلفة، وأهمها الكبد. في الوضع الطبيعي خلايا الكبد تعمل على إفراز أنزيمات في مجرى الدم ويتم تجديد الخلايا فيه سريعًا، بالتالي هو قادر على تحمل الكثير من الضرر.
في حال وجود مستويات عالية من الأنزيمات في الدم فإن الكبد يحاول العمل على التخلص منها، وهذا قد يسبب تضرر فيه، قد يتراوح من طفيف ومعتدل إلى حاد. في حالات الضرر الطفيفة والمعتدلة، فإن الكبد قادر على إصلاح نفسه، لكن قد يكون الضرر كبيرًا مما يسبب الفشل فيه.
جدير بالذكر أن فشل الكبد لا يأتي لوحده، بل يترافق مع الفشل الرئوي، وفي بعض الأحيان مع فشل الكلى.
وجدت الدراسات على فيروسات كورونا المختلفة يما فيها الكورونا المستجد أن التأثير قد يصل الكلى أيضًا. وعلى الرغم من ان هذا الأمر نادر، إلا أنه قاتل، فوفقًا لدراسة نشرت في عام 2005 حول فيروس كورونا من نوع سارس، فإن 91.7% من المصابين الذين عانوا من فشل في الكلى توفوا.
حيث أنه وأثناء عمل الكلى في تصفية الدم من الفضلات، قد تعلق بعض الفيروسات في القنوات الخاصة بها، مما قد يسبب التهاباها، الامر الذي قد يكون قاتلًا.
هل من الممكن أن تنقل الام المصابة بفيروس الكورونا المستجد العدوى إلى طفلها أثناء الولادة؟ أعلن الأطباء من مستشفى ووهان في الصين عن إصابة رضيعيين بالفيروس، واحد منهم أصيب بعد 30 ساعة من ولادته، فهل ينتقل الفيروس خلال الولادة أو عبر حليب الأم؟
جدير بالذكر أنه وفي حالات الإصابة بكل من فيروس كورونا من نوع سارس وميرس، لم تنقل الأم العدوى إلى طفلها عبر الولادة، لذا قد تكون الإجابة عن هذا السؤال بلا، والتوضيح قد يكون ناتجًا عبر بقاء الطفل في منطقة المصابين بالتالي ارتفاع خطر إصابته بالعدوى هناك.
ففي دراسة جديدة نشرت في مجلة ( The Lancet) وجد الباحثون أن فيروس الكورونا المستجد لا ينتقل من الأم إلى طفلهان في حين أشارت بعض الدراسات عدم وجود الفيروس في عينات من حليب الثدي لأمهات مصابات.

