وفاة المفكر الإسلامي محمد عمارة
توفي مساء أمس المفكر الإسلامي المصري محمد عمارة عن عمر ناهز 89 عاما بعد صراع قصير مع المرض. وقال نجله خالد عمارة "توفي أبي رحمه الله بعد فترة مرض قصيرة لم تتعدَّ الثلاثة أسابيع".
وأضاف في منشور على صفحته بموقع فيسبوك، "توفي أبي رحمه الله في هدوء ودون أي ألم أو معاناة تحيط به أسرته الصغيرة ويدعو لأمي ولكل أولاده وأحفاده وأحبابه.. توفي وهو راض عن الجميع وسامح الجميع، حتى من ظلمه أو ضايقه يوما ما. ولا يحمل في قلبه الأبيض الطيب أي حقد أو ضغينة لأحد".
وكشف نجل عمارة عن بعض وصايا والده قبل رحيله والتي تمثلت في إقامة صلاة الجنازة أو صلاة الغائب على والده في أكبر عدد ممكن من مدن العالم، بالإضافة إلى نشر أفكار عمارة بين الناس في كل مكان سواء عن طريق نشر كتبه أو مقالاته أو أحاديثه وتسجيلاته أو مقاطع مسجلة من برامجه ومحاضراته.
وكان عمارة عضوا بهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، عرف تحولات فكرية نقلته من الاتجاه الماركسي إلى الدفاع عن الفكر الإسلامي. واشتهر بكونه من "الإسلاميين المستقلين" الذين دافعوا عن رسالة الإسلام وأمته وقضاياها المعاصرة.
والمفكر الراحل من مواليد 8 ديسمبر/كانون الأول 1931، بقرية قلين بمحافظة كفر الشيخ، بدأ حفظ القرآن في السادسة من عمره، وحصل على ليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة عام 1965، وحصل على الدكتوراه في العلوم الإسلامية تخصص فلسفة إسلامية عام 1975.
ورغم أنه أفرد العديد من كتبه لمواجهة الفكر التغريبي وللرد على غلاة العلمانيين، فإن قضايا القومية العربية والعدل الاجتماعي والثورة على الظلم ظلت ملحوظة في كتاباته، كما كانت الدائرة الإنسانية والتفاعل مع الحضارات المختلفة موجودة في مشروعه الفكري.
وكان التنصير إحدى الساحات التي عمل عليها قلم عمارة، فخاض سجالات مع الكنيسة القبطية بمصر التي هاجمته مرات لدرجة أنها مارست ضغوطا لمنع مقاله الذي كان ينشره في جريدة "أخبار اليوم"، منتقدة ردوده على منشورات تنصيرية وُزعت بمصر وحديثه عن دور الكنيسة في إثارة الفتنة الطائفية، والمشروع العنصري الذي يريد استبدال اللغة القبطية بالعربية، ورفعت الكنيسة ضده دعوى قضائية.
وصلت مؤلفات محمد عمارة خلال ستة عقود إلى نحو 240 مؤلفا ما بين كتاب ودراسة، ومن هذه المؤلفات: "التفسير الماركسي للإسلام"، و"معالم المنهج الإسلامي"، و"الإسلام والمستقبل"، و"نهضتنا الحديثة بين العلمانية والإسلام"، و"الغارة الجديدة على الإسلام"، و"التراث والمستقبل"، و"الإسلام والسياسة: الرد على شبهات العلمانيين"، و"الجامعة الإسلامية والفكرة القومية".
كما قام بتحقيق مجموعة من الكتب القديمة والحديثة، منها الأعمال الكاملة لكل من: رفاعة الطهطاوي، وجمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبده، وعبد الرحمن الكواكبي، وقاسم أمين، وعلي مبارك.