عازف الشبابة
الخلیل- رایــة: طه أبو حسین-
على الجزیرة الوسطى، في شارع واد التفاح بالخلیل، المنطقة التي تضج بالمحال التجاریة والبسطات، ووسط نداءات الباعة والتسجیلات الصوتیة التي تدلل على العروضات والتنزیلات، یخرج من بینها صوت عذب، یحاكي الروح فیأخذها لمساحة الطبیعة الخالیة من كل الضجیج التجاري، یعزفها محمد عبر أنفاسه الطویلة على "شبابته الخشبیة" مع تعابیر تعكس ما بداخله على وجهه.
عازف الشبابة، محمد طوباسي، من قریة الریحیة جنوب الخلیل، عمره خمسین عاًما إلا عاًما، أٌب لثمانیة، أكبرهم متزوج وصغیرهم ما زال في الصفوف الابتدائیة.
طوباسي یومیًا یشّد رحاله من قریة الریحیة الواقعة على بعد 10 كم جنوب مدینة الخلیل، یأخذ الجزیرة الوسطى وسط مدینة الخلیل مركزا له، ثم یبدأ بالعزف على شبابته لسببین اثنین؛ أولهما لإدخال الفرحة لقلوب الناس والثانیة لبیع "الشبابة" التي تمثل مصدر رزقه وأسرته.
"أبیع شبابة، لأن الناس تحبها وترغبها كثیرا، البیع جیّد، وأنا أبیع في مختلف المحافظات، لكن أكثر شيء علیها إقبال في الخلیل وجنین". قال طوباسي.
محمد، رجل بسیط، قلیل الكلام، وجهه المحروق من أشعة الشمس تكاد شمس ابتسامته لا تغیب عنه، یستذكر كیف تعلم العزف على الشبابة "أنا تعلمت العزف على الشبابة لوحدي، كنت أسمع جدي في الصغر، ولما كبرت تعلمتها جیًدا، فأنا أعزف منذ أكثر من عشرین عاًما".
يميل محمد لعزف الأغاني القدیمة، كسعاد توفیق وعبده موسى وغیرهم من الطرب الأصیل كما یعبّر، وبالمقابل یرى أن المواویل الفلسطینیة ذات الطابع الحزین أكثر ما یعبر عما داخله.
شواقل قلیلة سعر الشبابة التي یبیعها محمد، غیر أنها تعینه على مصاریف حیاته البسیطة، ویراها جیّدة لشدة حبّه للشبابة "أنا أحب الشبابة، وأعبر عن نفسي ومشاعري بها، فهي هوایتي، وهي مزاج، وصوتها حلو"

