هكذا بدأت مسيرة نجاح "رواق" في حماية الموروث المعماري الفلسطيني
معتبرا أن المشهد الفلسطيني هو الشغف وأن الرسالة والتحدي هم من يخلقون هذا الشغف لدى الفرد في أي مشروع ينوي القيام به، هكذا وصف خلدون بشارة مدير المركز المعماري الشعبي الفلسطيني والمعروف بـ"رواق" الدوافع الكامنة لدى المركز والذي يهدف إلى حماية الممتلكات الثقافية والمعمارية الطبيعية في فلسطين.
هذا المشهد والذي تعرض للعديد من النكبات بدء بنكبة عام 1948 ثم نكسة عام 1967 ثم الاستعمار البطيء من شق الطرق الالتفافية وتدمير المباني التاريخية وقلع أعداد كبيرة من الأشجار إضافة إلى عدد كبير من إجراءات الاحتلال والتي دمرت المشهد الفلسطيني هو ما خلق التحدي لدى بشارة وللعاملين في مركز رواق لإعادة الاعتبار لجزء من هذا المشهد المسلوب.
وأكد بشارة خلال استضافته في برنامج "عمرها" على اثير رايــة، أنه يجب إعادة الاعتبار إلى الوقت والذي تحول إلى أداة للاستغلال الاستعماري وتحويله إلى وقت ثقافي واجتماعي وهو أحد الأمور التي يعمل على تحقيقها مركز رواق لكي لا يصبح جزء من منظومة الإنتاج وإعادة الإنتاج الرأسمالية، وهو ما خلق المعنى لكل خطوة يخطوها المركز والعاملين فيه.
كما ويعتقد بشارة أن عمر الإنسان لا يعتبر عقبة أمام الشخص الذي ينوي تحويل فكرته إلى مشروع فعلي على أرض الواقع، فسعاد العامر وهي مؤسس مركز رواق بدأت فكرتها وهي في سن التاسعة والثلاثين، كما ويعتبر بشارة أن الاستماع إلى النصائح وليس إلى الكلام يعد من أهم الأمور التي يجب على الشاب الذي سيبدأ مشروعه الخاص أن يأخذ بها، فكلام الناس من وجهة نظره عادة ما يعتبر مثبطا، فضلا عن أن الخوف من الفشل يعتبر عاملا سلبيا أمام من ينوي القيام بمشروعه الخاص.
وكانت الخطوة الأولى في رواق تأسيس السجل الوطني للمباني التاريخية في فلسطين عام 1994 وهي الخطوة التي مكنت المركز من معرفة أحوال المباني التاريخية في المحافظات الفلسطينية، ثم بدء التجارب لترميم المباني التي تعاني من أحوال سيئة وتصميم نماذج لكيفية ترميمها، كما وقدم المركز ومن خلال عمليات الترميم العديد من فرص العمل للفلسطينيين.
ويرى بشارة أن من أهم الأمور التي يجب مراعاتها في المشاريع إضافة إلى السعي المتواصل لتطويرها هو كيفية ملاحظة الفرصة واستغلالها وتحويلها لصالح صاحب المشروع، حيث أن أكبر العواقب التي تواجه الفلسطينيين اليوم تكمن في عدم التفكير في الفرص المتواجدة في الحياة المحلية التي يعيشها المواطن الفلسطيني.
عام 2005 كان عام التغيير بالنسبة لرواق حيث خلص العاملون في المركز إلى شيء مختلف يتمثل في أنهم وفي حال أرادوا إحداث تغيير ملموس ينهض بالمركز ويرفع من مكانته فيجب العمل على مشاريع كبيرة تمس القرى الفلسطينية بشكل كامل، وخرج المركز بمشروعه الأول وهو مشروع قرى الخمسين الذي لاقى النجاح الذي توقعه العاملون نتيجة لارتكازه إلى السجل الوطني الذي أسسه المركز في وقت سابق، والعمل بناء على المعلومات المتوافرة في هذا السجل، حيث تم التركيز على خمسين قرية فلسطينية تحتوي على نصف عدد المباني التاريخية التي تحتاج إلى ترميم.
ويعتبر بشارة أن نجاح المؤسسة والمشروع يكمن في تغيير الهيئة الإدارية بشكل مستمر وفتح الباب أمام عنصر الشباب لتولي زمام المبادرة وقيادة هذه المشاريع.
كما وأصدر مركز رواق مشروع جديدا يتعلق بمدينة القدس وبجدار الفصل العنصري الذي يحيط بها حيث أن المدينة المقدسة تعد المدينة الوحيدة المفصولة عن ريفها في العالم جراء هذا الجدار، لذا قام رواق بتأسيس ما أطلقوا عليه طوق النجاة بهدف إعادة العلاقة بين مدينة القدس والقرى المحيطة بها والتفكير في طرق تمنع الفصل بين المدينة وقراها، فضلا عن تقوية الروابط بين تلك القرى وإعادة الاعتبار لها عن طريق الكشف عن تاريخها وتاريخ علاقتها بمدينة القدس.
أما فيما يتعلق بالموروث الثقافي وحفظ المعلومات الثقافية والتاريخية فقد أكد بشارة أن المركز يسعى إلى إعطاء المعلومة الصحيحة بشكل سلس ومنطقي يوثق الأحداث التاريخية المرتبطة بتلك المعلومة إما عن طريق العرض أو الإنتاج بالتعاون مع السكان المتواجدين في تلك القرى، كما وأن المركز يعتبر المركز الوحيد في فلسطين الذي ينتج كتبا متخصصة في العمارة والمشهد الفلسطيني، إضافة إلى تفرده بامتلاك مرجع لطلاب العمارة والمشهد.
رواق يرى أنه يجب الحديث عن فلسطين دون ذكر إسرائيل، وأن فكرة الوجود الفلسطيني يجب أن تبقى مترسخة داخل حدود فلسطين بل وتمتد إلى كافة أنحاء العالم.