أسرى محررون: خطورة كبيرة تواجه الأسرى الأطفال بغياب الممثّلين
نظمت وزارة الثقافة وهيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير مؤتمراً صحفياً، لتسليط الضوء على واقع الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، واستعراض الخطورة التي يواجهها الأسرى الأطفال بغياب الهيئة الإدارية التّمثيلية، وتفاصيل الأحداث التي عاشها الأطفال الأسرى عقب نقلهم من سجن "عوفر" إلى سجن "الدامون" دون ممثليهم مؤخراً، وذلك بحضور عدد من الأسرى المحررين.
ووجه د. عاطف أبو سيف وزير الثقافة في بداية المؤتمر التحية للأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، وعلى رأسهم (مروان البرغوثي وكريم يونس، ونائل البرغوثي، وفؤاد الشوبكي)، مضيفاً:" أن تاريخ الحركة الوطنية الأسيرة كان وما زال عاملاً مؤثراً في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة وتصديها للاحتلال وقوى الظلم التي تآمرت على فلسطين."
وفي شهادة للطفل الأسير وحيد عادي (17 عاماً) من بلدة بيت أمر، وهو أحد الأسرى الذين عاشوا تجربة النقل مؤخراً من سجن "عوفر" إلى سجن "الدامون" قال:"إن أوضاعاً صعبة يواجهها الأشبال في معتقل "الدامون"، فإدارة السجن تحتجزهم في قسم تحت الأرض، والغرف قذرة، ولا تتوفر فيها أدنى الاحتياجات، وتم سحب كافة الكهربائيات، ويضطر الأشبال للنوم دون أغطية على الأرض، كما أن الطعام لا يشبه الطعام، وحتى بعد الإفراج عني لم أشعر بالفرح، بسبب قلقي على الأشبال الذين بقوا في "الدامون" في ظروف صعبة جداً، دون وجود الأسرى الكبار."
وقال الأسير المحرّر عبد الفتاح دولة والذي كان قد أشرف على الأسرى الأشبال في "عوفر" لمدّة عامين، أن اعتقال الأطفال الفلسطينيين دون الثامنة عشرة عاماً سياسة ونهج احتلال قديم متجدّد، وبالتالي فإن ظروف اعتقال واحتجاز الأطفال، لا تختلف في قسوتها وإجراءاتها عن المعتقلين الكبار، وكان يتمّ دمجهم في أقسام البالغين حتى بداية انتفاضة الأقصى، ومن ثمّ تمّ نقلهم إلى سجن منفصل بدون ممثلين عنهم من الأسرى الكبار.
مضيفاً: "مرحلة فصل المعتقلين الأطفال كانت الأسوأ على هؤلاء الأطفال، إذ استفردت إدارة السجون بهم، وفرضت عليهم العديد من الإجراءات القمعية، وتركت هذه الأقسام لحالة من الفوضى التي انعكست على سلوكهم وعلاقاتهم وكذلك أخلاقهم، كما وعمدت أذرع الإدارة إلى محاولات ابتزاز وإفساد الأطفال أخلاقياً وأمنياً وبأساليب عدّة، ما فاقم من سوء الحالة في هذه الأقسام، ودفع الحركة الأسيرة إلى نضال طويل ومستمر لتحسين ظروف الأطفال المعتقلين، والعمل على انتداب أسرى كبار للإشراف عليهم وتنظيم أمورهم".
وأوضح الأسير المحرّر لؤي المنسي والذي أشرف على الأسرى الأشبال في "عوفر" لسبع سنوات، أن دوره كان في احتواء الأطفال المعتقلين، وتعزيز قدراتهم النّفسية لا سيما بعد التعرّض للتّعذيب خلال الاعتقال والتحقيق، وتبنّي دور العائلة في توفير الحماية للطفل وتعويضه عن الضّرر الذي تعرّض له، وحمايته من اختراق السّجانين له وبثّ ثقافتهم، بالإضافة إلى تقديم خدمات حياتية أخرى، كتنظيم توفير الملابس والطعام والشراب، وممارسة الضّغط على الإدارة لنقل المرضى منهم إلى العيادة.
وأكد الأسير المحرّر ضرغام الأعرج، والذي أشرف على الأسرى المقدسيين الأشبال لمدّة عامين ونصف في سجني "مجدو" و"الدامون"، أن سلطات الاحتلال بدأت باختلاق سياسات تستهدف الأطفال المقدسيين، عبر بدائل اعتقال كالحبس المنزلي ومؤسسات التأهيل الإسرائيلية والاحتجاز في السجون الجنائية، والتي تستهدف دمج الأطفال مع السّجناء الإسرائيليين وتفريغهم من محتواهم الوطني والنضالي، خاصّة وأن السّجون أثبتت بأنها تساهم في صقل شخصية الطفل الفلسطيني.
مضيفاً أن إدارة السّجون بدأت بمخططها لتعميم هذه السياسات على الأسرى من الضّفة، لا سيما وأن وجود أسرى أمنيين بالغين مع الأسرى الأشبال يشكّل حالة مزعجة للاحتلال، الذي يعتبر أن وجودهم يخلق التحريض، لافتاً إلى أن غياب الممثلين عن الأطفال يعني عدم وجود قانون ضابط، ما يسمح للسجّان باختراقهم والاعتداء عليهم واستغلالهم أمنياً.
وأكّد الأعرج أن الحركة الأسيرة تحاول جاهدة التصدّي لسياسات الاحتلال رغم أن الاحتلال لا يلغي سياساته ولكنّه يؤجل تنفيذها إلى الوقت المناسب، فكانت قد رفضت محاولة إدارة السّجون نقل الأسرى الأشبال دون ممثليهم من "مجدو" إلى "الدامون" خلال آذار 2019.
وقال المعتقل المحرر محمد خالد عويسات من القدس، والذي تحرّر بعد عام من اعتقاله: "أنه كان قد أمضى شهراً في مركز توقيف وتحقيق "المسكوبية"، قبل نقله إلى سجن "مجدو"، لافتاً إلى أنها كانت من أصعب المراحل، إذ يعيش المعتقل القاصر وحيداً، دون وجود هيئة إدارية من الأسرى الكبار، فيستفرد به السجّان، ويقدّم له أسوأ أنواع الطّعام والشّراب، ويقوم بالاعتداء عليه بالضّرب في غرف لا توجد فيها الكاميرات، مضيفاً أنه وبعد نقله إلى "مجدو"، قام ممثّلو الأسرى باحتضانه، ومساعدته في بناء وتطوير شخصيته".
وقال المعتقل المحرر محمد جابر، من القدس، والذي استمر اعتقاله مدّة ثلاث سنوات وكان يبلغ من العمر (13 عاماً):"أن غياب الهيئة الإدارية من الأسرى الكبار في "المسكوبية" أدّت أيضاً إلى تعرّضه للضّغط النفسي ولاعتداءات عديدة نفذها السجانون بحقه."
ورقة حقائق
إجمالي الأطفال المعتقلون في سجون الاحتلال |
عدد حالات اعتقال الأطفال منذ عام 2015 |
الأطفال المعتقلون إدارياً |
حالات اعتقال الأطفال إدارياً منذ عام 2015 |
قرابة 200 طفل (عوفر، الدامون، مجدو) |
أكثر من 6700 طفل |
أربعة أطفال |
قرابة (30) حالة |
- اعتقال الأطفال نهج وسياسة..الاحتلال يعتقل قرابة (200) طفل
ينتهج الاحتلال الإسرائيلي سياسة اعتقال الأطفال الفلسطينيين، كجزء أساسي من بنيته العنيفة وأدواتها، يحاول من خلالها سلب طفولتهم، وتهديد مصيرهم ومستقبلهم، ولا تختلف أدواته العنيفة المستخدمة بحق الأطفال في مستواها عن أدواته بحق المعتقلين الكبار، وتبدأ هذه الإجراءات منذ لحظة الاعتقال الأولى لهم حتى احتجازهم في السجون.
ومنذ عام 2015 وحتى نهاية عام 2019 اعتقل الاحتلال نحو (6700) طفل، وكانت النسبة الأعلى لاعتقال الأطفال في القدس، فيما تصدرت بعض البلدات التي تُشكل نقطة تماس مع جنود الاحتلال المشهد في اعتقال الأطفال، يذكر منها بلدات (العيساوية، بيت أمر، بيت فجار، تقوع، دير نظام، كفر قدوم، ومخيم العروب).
وينفّذ الاحتلال انتهاكات جسيمة بحقّ الأسرى الأطفال منذ لحظة إلقاء القبض عليهم واحتجازهم، وذلك من خلال عمليات اعتقالهم المنظمة من منازلهم في ساعات متأخرة من الليل إلى مراكز التحقيق والتوقيف، وإبقائهم دون طعام أو شراب لساعات طويلة وصلت في بعض الحالات الموثّقة ليومين، توجيه الشتائم والألفاظ البذيئة إليهم، تهديدهم وترهيبهم، انتزاع الاعترافات منهم تحت الضغط والتهديد، دفعهم للتوقيع على الإفادات المكتوبة باللّغة العبرية دون ترجمتها، حرمانهم من حقّهم القانوني بضرورة حضور أحد الوالدين والمحامي خلال التّحقيق، وغير ذلك من الأساليب والانتهاكات.
ومنذ العام 2015؛ شهدت قضية الأسرى الأطفال العديد من التحولات، منها إقرار الاحتلال لعدد من القوانين العنصرية وتقديم مشاريع القوانين، التي تُشرع إصدار أحكام عالية بحق الأطفال، وصلت في بعض الحالات إلى أكثر من عشر سنوات، وحتى الحكم المؤبد، وكان آخرهم الأسير أيهم صبّاح الذي تجاوز سن الطفولة في الأسر، وحكم عليه الاحتلال حين كان طفلاً (35) عاماً، وحين تجاوز طفولته رفع حُكمه للسّجن المؤبد.
ويطبق الاحتلال بحق الأطفال في الضفة القانون العسكري، فيما يُطبق إجراءاته الاستثنائية في القانون المدني الإسرائيلي على أطفال القدس، كجزء من سياسات التصنيف التي تُحاول فرضها على الفلسطينيين، وترسيخ التقسيمات التي فرضتها على الأرض، ومع أنها تُطبق القانون المدني الإسرائيلي على أطفال القدس، فقد وصل بها الأمر إلى استدعاء أطفال عبر عائلاتهم، لم تتجاوز أعمارهم الخمس سنوات كما جرى في بلدة العيساوية، حيث استدعت سلطات الاحتلال –خلال شهر تمّوز/ يونيو2019- كل من: والد الطفل محمد ربيع عليان (4 سنوات)، ووالد الطفل قيس فراس عبيد (6 سنوات) وكلاهما من بلدة العيسوية في القدس، للتحقيق معهما بتهمة إلقاء الطّفلين الحجارة على مركبات شرطة الاحتلال، وفي الأول من آب/ أغسطس 2019، استدعت سلطات الاحتلال عائلة الطفلة ملاك سدر البالغة (8 سنوات) من محافظة الخليل، لغرض التحقيق مع الطفلة، وتكمن الخطورة الحاصلة من هذه الاستدعاءات، عدا عن الحصول على معلومات، في مطالبة عائلاتهم بإحضارهم، الأمر الذي يُشكل مساً مباشراً بالعلاقة بين الآباء والأبناء، ووضع تلك العلاقة محط تساؤل لدى الأطفال.
ولا تتوانى سلطات الاحتلال عن اعتقال الأطفال إدارياً وسُجلت على الأقل خمس حالات لاعتقال أطفال إدارياً خلال العام 2019، أُفرج عن أحدهم لاحقاً، ومنهم: الأسير نضال عامر من محافظة جنين، يبلغ من العمر (17 عاماً)، والأسير حافظ إبراهيم زيود (16 عاماً)، من محافظة جنين، والأسير سليمان محمد أبو غوش (17 عاماً)، من مخيم قلنديا، حيث أُفرج عنه بعد عدة شهور من الاعتقال، بالإضافة إلى الطفل سليمان قطش (16 عاماً) من بلدة عبن يبرود، والذي اُعتقل في شهر ديسمبر من العام المنصرم 2019، علماً أنه ومنذ عام 2015، سُجلت قرابة (30) حالة اعتقال إداري للأطفال.
- أوضاع الأطفال في سجون الاحتلال – وأهمية وجود ممثلين عنهم من الأسرى الكبار
تواصل إدارة سجون الاحتلال، إجراءاتها العنيفة بحق الأطفال داخل السجون، وتحاول بشتّى الطرق سلب ما تبقى من طفولتهم، فبعد أن كانت إدارة السجون تقوم بدمج الأطفال الأسرى في أقسام البالغين؛ فصلتهم في بداية انتفاضة الأقصى في أقسام خاصة في سجن "ريمونيم" بعيداً عن أي إشراف أو متابعة أو عناية من قبل الأسرى الكبار، وكانت هذه المرحلة الأسوأ على قضيتهم، حيث استفردت إدارة السجون بهم، وفرضت عليهم العديد من إجراءاتها العنيفة، ما انعكس تلقائياً على سلوكهم وتكوينهم، لا سيما وأنهم كانوا في وضع تواصل مباشر وفردي مع إدارة السّجون، ما يسمح لها ببثّ أفكارها وسياساتها وإرادتها عليهم وسلب عقولهم وتفريغهم من فكرهم الوطني، وذلك في مرحلة تنشئة حسّاسة وخطيرة.
ما دفع الأسرى في العام (2010) في سجن "عوفر"-وبعد سنوات من النضال- لفرض واقع وحياة ونظام خاص بالأسرى الأطفال للإشراف عليهم، وإدارة حياتهم، وتمكّنوا من إحداث تحوّل في القضية عبر فرض وجود ممثلين عنهم على غرار الهيئات التمثيلية الخاصّة بالأسرى الكبار، وهي منظومة إدارية ابتكرها الأسرى تمكّنهم من البقاء موحّدين أمام السجّان.
فتمكّنت لجان متّفق عليها من الأسرى الكبار من احتضان الأطفال والاعتناء بهم، وحمايتهم، وتنظيم شؤون ومتطلبات حياتهم اليومية، وضبط وتوجيه سلوكهم، والدفاع عن حقوقهم أمام إدارة سجون الاحتلال، ووضع برنامج تعليمي تربوي تثقيفي لكل المستويات، من محو الأمية وحتى الثانوية العامة.
وقامت إدارة سجون الاحتلال بتاريخ 13 كانون الثاني/ يناير 2020 بنقل (34) أسيراً طفلاً من سجن "عوفر" إلى "الدامون" دون السماح لممثليهم بمرافقتهم، أو السّماح بوجود ممثلين لهم هناك، وذلك في خطوة أولية لفرض هذه السّياسة على جميع أقسام الأسرى الأطفال في السجون، إلّا أن الحركة الأسيرة واجهت ذلك بالرّفض والخطوات التّصعيدية، ما دفع بإدارة سجون الاحتلال للرّضوخ لإرادة الأسرى والموافقة المبدئية على وجود ممثلين في "الدامون".