زاوية 90
الهباش: المصادقة على سيداو بما يتوافق مع الموروث الديني والثقاقي
ما هو قرار رفع سن الزواج، وما هي الاستثناءات عليه، وما هي الجهة القائمة على تطبيق أحكامه، وهل يتعارض ذلك مع الشريعة الإسلامية، وهل يشمل هذا القرار أهل القدس، وما هي ميّزاته ومساوئه. ما هو ديوان قاضي القضاة، وما هي القوانين الناظمة لعمله، وما هي اختصاصات قاضي القضاة، ما هو القضاء الشرعي، وما هو دور النساء في القضاء الشرعي؟
للإجابة على هذه الأسئلة استضاف برنامج حقك بالقانون قاضي قضاة فلسطين محمود الهباش في حلقة خاصة.
- القرار بقانون بشأن رفع سن الزواج، حدّثنا عنه أكثر، وعلى ماذا يستند؟
هذا القانون وهو تعديل مضى على الحديث فيه سنين طويلة، بدأ الحديث عن هذا القانون في عام 2009، عرض على الرئيس لرفع سن الزواج إلى 18 سنة، الذي في الأصل كان 15 سنة لكلا الجنسين.
لذلك، حوّل الرئيس الموضوع للنقاش بين المستشار القانوني، وجهات ذات الاختصاص، المتمثّلة بالمحاكم الشرعية ودار الافتاء، وجهات من المجتمع المدني، للتحقق من مدى موائمة هذا التعديل للشريعة الإسلامية، ومصلحة المجتمع الفلسطيني.
أُقر التعديل بعد صياغته الشهر الماضي "نوفمبر"، ونُشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 28- نوفمبر. وبدأ تنفيذه 29- ديسمبر.
وعليه، لا يُعقد زواج لمن هما دون سن 18 سنة، إلا في حالات خاصة يُقدّرها القاضي.
- هل هناك تعارض بين هذا القانون والشريعة الإسلامية؟
لو كان يتعارض مع الشريعة الإسلامية، لن نقوم بإقراره. لأن أي شيء متعارض مع الشريعة الإسلامية ليس له مكان في ديوان قاضي القضاة، ولا مكان له في المجتمع الفلسطيني.
من الناحية الفقهية، سن الزواج، والزواج أصلًا يدخل في إطار المُباح. وسن الزواج غير محدد في الشريعة الإسلامية أصله البُلوغ، إنما يرجع إلى تقدير ولي الأمر، وتقدير القاضي. يوجد شيء في الفقه يُدعى تقييد المُباح، يُتيح للقاضي أن يضع قيودًا على الشيء المُباح، وسن الزواج ضمن هذا الإطار وفق ظروف العصر. وهي ما تُسمي أيضا "المصالح المرسلة"، أي القضايا المفتوحة لتقدير المجتمع.
أما فيما يتعلّق باستثناءات عقد الزواج لمن هما دون سن 18 سنة، فالقانون لم يحددها، ترك الأمر لتقدير المحكمة، وقيّد هذا التقدير بمصادقة قاضي القضاة.
- هل يشمل القرار أهل القدس؟
يشمل كل الفلسطينيين
- هل يترتب على القرار مساوئ أو مآخذ؟
أنا شاركت في صياغة هذا القانون، ولم نترك ثغرة عن طريق البحث والدراسة، وتم الموافقة عليه من قبل غالبية المُختصين بعد تداول ونقاش استمر عشرة سنوات.
- فيما يتعلّق باتفاقية سيداو وتداولها في الشارع الفلسطيني والاعتراض عليها، هل لك أن تحدثنا عنها؟
أصدر الرئيس مرسومًا للمصادقة على هذه الاتفاقية في عام 2009. أي في الوقت الذي لم نكن نعامل في المنظمات الدولية كدولة، وصادق عليه الرئيس بما يتوافق مع الموروث الديني والثقاقي والوطني الفلسطيني، هذا التحفّظ يُنهي كل الجدل. بمعنى إذا وقعنا الاتفاقية، لن نقبل منها ما يخالف الشريعة الإسلامية.
- ما رأيك بموقف عشائر الخليل من الاتفاقية؟
- أحترم كل مكونات المجتمع الفلسطيني، وأحترم كل المواقف. فالذي ينهض غيرة على الشريعة، وغيرة على القانون، وعلى تراث الشعب الفلسطيني، جدير بالاحترام. عندما اتضحت الحقيقة للعشائر بعد إصدار بيان الحكومة، وبيان قاضي القضاة في هذا الموضوع، حُسم الجدل.
ولا علاقة لتعديل سن الزواج باتفاقية سيداو.
- حدّثنا عن ديوان قاضي القضاة والدور الذي يقوم به؟
هو الجهة الإدارية الحكومية المسؤولة عن الإشراف على المحاكم الشرعية وتنفيذ أحكامها.
وتنتظم في إدارته كل المحاكم العاملة في فلسطين، سواء محاكم البداية، أو محاكم الاستئناف، أو المحكمة العليا "الشرعية"، بالإضافة إلى النيابة الشرعية التي تختص بالترافع في الشأن العام، حق الله، وحق المجتمع من الناحية الشرعية.
بالإضافة لوجود دوائر تنفيذ للأحكام الشرعية في ديوان قاضي القضاة، والتي بدأت عملها بقانون خاص لإنشائها في العام 2016، فيما سبق، كان التنفيذ يتم في المحاكم النظامية.
بالنسبة للقوانين الناظمة لعمل قاضي القضاة، هي القوانين التي كان معمولًا بها قبل قيام السلطة الوطنية الفلسطينية. سواء قانون تشكيل المحاكم، أو قانون الإجراءات الشرعية، أو قانون الأحوال الشخصية. ونحن الآن بصدد تحديث وتطوير منظومة القوانين، إذ بدأنا بقانون التنفيذ الشرعي الذي فصل التنفيذ الشرعي عن النظامي المدني. وهناك أيضًا مشروع قانون معروض على الجهات المختصة، مثل الحكومة لما سيترتب عليه إجراءات مالية، والجهات التشريعية في فلسطين، وبحكم تعطيل المجلس التشريعي، فإن التشريعات انتقلت إلى سلطة الرئيس.
نحاول أيضًا أن ندخل بعض التعديلات على منظومة الأحكام الناظمة لقانون الأحوال الشخصية. واليوم 29-12 بدأ العمل على التعديل الجديد على قانون الأحوال الشخصية المتعلّق بتحديد سن الزواج.